مقالات

إيران ومعركة الحساب المفتوح.. قراءة للمشهد الجديد…

حسين مرتضى

 

 

بعد مرور أسبوع على العدوان الذي شنّه كيان الاحتلال على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا بدّ من وضع قراءة جديدة للمشهد السياسي والميداني.

بداية فإنّ هدف كيان الاحتلال لم يكن محصوراً بإنهاء الملف النووي الإيراني بل كان الهدف الحقيقي للعدوان هو إسقاط النظام في إيران وخلق حالة من الفوضى لإعادة رسم خارطة المنطقة وفق المصالح الأميركية ـ «الإسرائيلية».

الخطة العسكرية ـ الاستخبارية والضربة الأولى:

المخطط الصهيوني للعدوان اعتمدَ على تنفيذ عمليتين… الأولى عملية أمنية استخبارية تعتمد على اغتيال الصف الأول من القيادات العسكرية والسياسية وعلى رأسهم المرشد الأعلى للثورة السيد القائد علي الخامنئي، وبالتالي شلّ حركة القيادة الإيرانية، وبالتزامن مع تنفيذ هذه العملية يتمّ تتفيذ عملية عسكرية تستهدف عدداً من المنشآت الحيوية والقواعد العسكرية، لكن ما جرى على الأرض لم يكن ضمن حسابات العدو الصهيوني وذلك من خلال الآتي:

ـ استيعاب الضربة وترميم الخسائر:

بعد أن تمّ تنفيذ العدوان تمكّنت القيادة الإيرانية من تعيين بدلاء للقادة الشهداء والقيام بعملية استخبارية لضبط عملاء الاحتلال وتفكيك عدد من الخلايا النائمة، وهنا نؤكد على دور الشعب الإيراني بمساعدة الأجهزة الأمنية.

ـ الردّ المدروس على العدوان:

بعد ساعات من العدوان بدأت عملية الردّ من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر إطلاق موجة من الصواريخ باتجاه وسط كيان الاحتلال وفشل أنظمة الدفاع الجوي الصهيونية بالتصديد لعدد من الصواريخ.

ـ الردّ المركب التصاعدي:

عملية الوعد الصادق 3 لم تكن مشابهة للعمليتين السابقتين حيث اعتمد الردّ العسكري الإيراني على تنفيذ عمليات مركبة تعتمد على بنك أهداف دقيق وبشكل تصاعدي خلق حالة من الإرباك لدى العدو الصهيوني حيث شملت عملية الردّ الاستراتيجي:

•‬ إطلاق متزامن لصواريخ باليستية وكروز وطائرات مُسيّرة ذكية،

•‬ هجمات إلكترونية على أنظمة الدفاع والقيادة

•‬ حرب نفسية وإعلامية سبّبت إرباكاً كبيراً داخل «إسرائيل».

ـ بنك أهداف دقيق وحسّاس

الرد الإيراني لم يكن رداً عشوائياً بل كان رداً مدروساً اعتمد على بنك أهداف محدّد بشكل دقيق حيث شمل الردّ استهداف دقيق لمقار استخبارية «إسرائيلية» مخفية وسط أحياء سكنية ومراكز تحكم إلكتروني واستخبارات عسكرية ومواقع حيوية للطاقة والبنية التحتية.

ـ سقوط منظومات الدفاع المتعدد الطبقات :

منذ الموجة الأولى للردّ الصاروخي الإيراني سُجل فشل في أنظمة «القبة الحديدية» و «مقلاع داوود» و «حيتس» وغيرها في اعتراض الصواريخ والطائرات المُسيّرة الإيرانية.

وحسب تقارير عسكرية فإنّ سبب هذا الفشل لا يعود إلى عدد الأهداف فقط، بل إلى تنوّعها الزمني والتكتيكي ما كشف ضعف البنية الدفاعية «الإسرائيلية» أمام هجوم متطوّر ومعقد، فالقيادة الإيرانية العسكرية استخدمت نظام إغراق الدفاعات الجوية وإشغالها.

ـ تفوّق نوعي في القدرة العسكرية:

يؤكد عدد من الخبراء العسكريين أنّ الصواريخ الإيرانية ليست فقط صواريخ دقيقة، بل هي ذات قدرة تدميرية كبيرة ونتائج الاستهدافات كانت واضحة رغم تشديد الرقابة العسكرية على عدم نشر أيّ صور أو فيديوات عن المناطق المستهدفة.

ـ كيان الاحتلال في مواجهة حقيقية لأول مرة في تاريخه:

باعتراف قادة كيان الاحتلال فإنّ الحرب الحالية لا تشبه ايّ حرب سابقة من ناحية استمرار المواجهات الصاروخية وأثر التدمير في بنية الاحتلال والخسائر الكبيرة.

ـ معادلة الردع الاستراتيجي الإيرانية الجديدة :

لقد اعتمدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية سابقاً معادلة الصبر الاستراتيجي إلا أنّ المتغيّرات الأخيرة في المنطقة نقلت هذه المعادلة إلى مرحلة الردع الاستراتيجي المباشر والحفاظ على قدرات الردع ضمن قواعد اشتباك مفتوحة الاحتمالات، وهذا التحوّل لا يُعتبر فقط تطوّراً ميدانياً، بل نقطة تحوّل استراتيجية في ميزان القوى الإقليمي، يُجبر العدو على إعادة تقييم أمنه القومي بالكامل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى