منوعات

الكورونا …و نهاية الهيمنة الامريكية

قد يبدو من السابق لاوانه التكهن بما ستكون عليه العلاقات الدولية و موازين القوى بين الامم بعد ان يزول خطر فيروس الكورونا المستجد الذي تحول الى ما يشبه الوباء الكوني . و لكن ما يبدو متاكدا ان التعاطي السياسي مع الوباء ابرز مؤشرات قد تتحول الى وقائع صلبة تفرض نفسها و تؤدي الى تغيير في طبيعة العلاقات الدولية . اهم المؤشرات ترتبط بكيفية تعاطي ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب مع تطويق الوباء . فقد اشار تقرير نشرته وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية و نقلته جريدة “نيويوك تايمز ” ان الوكالة قد وافت البيت الابيض منذ ديسمبر الفارط بتقرير حول امكانية انتشار الوباء في الولايات المتحدة و تفشيه و لكن دونالد ترامب لم يتعامل مع الامر بجدية بل انقص من الاعتمادات المخصصة للتدخل الصحي الجديد . دونالد ترامب ارتكب في التعامل مع الكورونا خطا اخر حين عهد لصهره عديم الخبرة و التجربة جاريد كوشنر بمهمة جمع اكثر ما يمكن من المعلومات عن الوباء و وضع خطة لمقاومته و اتضح ان كوشنر لجا الى موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك ” للبحث و التمحيص و هو امر اقل ما يقال عنه انه دليل على تخلف في الحوكمة و استهانة بالقدرات العلمية و المادية للشعب الامريكي . اخطاء ترامب لم تقف عند هذا الحد بل تعدت ذلك الى اظهار اللامبالاة بما تعيشه اقكار اخرى نتيجة تفشي المرض و امتناعه عن تقديم ابسط مساعدة للدول الاخرى بل تجاوز ذلك الى محاولة “السطو ” على جهود العلماء الالمان الذين احرزوا على ما يبدو تقدما في ايجاد علاج و لقاح للوباء من خلال تقديم اغراء مالي . و حين نضيف الى هذا القصور الاخطاء السابقة للولايات المتحدة الامريكية سواء في تدخلاتها العسكرية في عدد من نقاط العالم او تلاعبها باسعار الطاقة بما اضر كثيرا بالاقتصاد العالمي و رفضها الامضاء على اتفاقيات الحد من الاحتباس الحراري امكن فهم تراجع صورة واشنطن في اغلب مناطق العالم . في المقابل اطهرت الصين قدرة اكبر على مقاومة المرض و الحد من تداعياته السلبية و تجاوزت ذلك الى تقديم مساعدة طبية لايطاليا و هو ما يمثل رسالة واضحة حول توجه قوة عظمى لانسنة العلاقات الدولية و تطويرها . وباء الكورونا اظهر هشاشة البناء الاوروبي اذ ظهرت النزعة القطرية و غابت ادنى درجات التضامن بين الدول و هو ما ستكون له بكل تاكيد تداعياته في ما يتعلق بمستقبل الاتحاد الاوروبي الذي فقد منذ مدة بريطانيا و الذي اطهرت ازمة الكورونا انه مجرد التقاء بيروقراطي للدول فاقد لادنى الابعاد الانسانية . اعتبر الكثيرون ان الحرب التي تخوضها الانسانية حاليا هي حرب عالمية ثالتة ستكون لها تداعياتها و انها سترسم ملامح عالم جديد و ان مفاهيم جديدة ستفرض نفسها على الجميع فهل ستكون لصدمة الكورونا القدرة على فرض عالم اكثر انسنة و على القطع مع الامركة القسرية التي تحاول الادرات الامريكية المتعاقبة فرضها منذ عقود و لكنها لم تنجح رغم اعتمادها القوة سواء في شكلها العسكري او من خلال الضغط الاقتصادي ? الايام القادمة ستتكفل بالرد

هشام حاجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى