البنك المركزي التونسي و تمويل العجز في الميزانية

تضمن قانون الماليةالتكميلي لسنة 2020 و كذلك قانون المالية لسنة2021 إجراءا يتمثل في اللجؤ إلى البنك المركزي لتمويل جزئي غير مباشر للعجز في ميزانية الدولة عن طريق تقنية شراء الديون .
تتمثل هذه التقنية في تدخل البنك المركزي لشراء رقاع الخزينة المملوكة من قبل المؤسسات المالية و التي لم يحل أجلها بعد و بالتالي فهي تساعد على تحسن مستوى السيولة لدي القطاع البنكي خاصة و تدعم قدرته على الإستثمار من جديد في رقاع الخزينة.
لابد من الإشارة إلى أن هذا التدخل من قبل البنك المركزي و هذه السياسة النقدية التوسعية تؤدي إلى إرتفاع مستوى الكتلة النقدية المتداولة و بالتالي إمكانية إرتفاع مستوى التضخم و تراجع سعر صرف الدينار كما يؤدي لجؤ المؤسسات البنكية المفرط إلى الإستثمارفي رقاع الخزينة إلى تراجع مستوى تمويل الإستثمارالخاص لفاءدة تمويل الميزانية .
الا انه لابد من التأكيد أنه بعد انتشار أزمة الكوفيد ،سارعت جل البنوك المركزية في العالم لمضاعفة حجم تدخلاتها لدعم المالية العمومية و تمويل العجز في الميزانية باعتبار أن التضخم لا يفسر فقط بالعوامل النقدية و أن تدخل البنوك المركزية لمعاضدة مجهود الحكومات إجراء استثنائي لا يمس من مبدأ الاستقلالية .
أعتقد أنه من الضروري أن يلعب البنك المركزي دوره المعهود في معاضدة المجهود الحكومي و المساهمة في تمويل جزئي غير مباشر للعجز في ميزانية الدولة في حدود إمكانياته دون أن يؤدي ذلك إلى إرتفاع التأثيرات التضخمية أو اضطراب سوق الصرف.
نجاح البنك المركزي التونسي إلى حد الآن في تحقيق هدف استقرار الأسعار واضح و جلي و يعكس تطور و نجاعة السياسة النقدية في تونس و كفاءة القائمين عليه ،إلا ان هذا لا يمنعه من العمل على مجاراة التوجه العالمي القائم على “la monetarisation de la dette publique ” و تدخل البنوك المركزية في تمويل العجز الناجم عن الأزمة الصحية التى تحولت إلى أزمة اقتصادية و مالية غير مسبوقة .
بقلم محسن حسن خبير اقتصادي ووزير سابق