منوعات

إصلاح القضاء

الحلقة الخامسة الجزء الثالث

توحيد القضاء والمحاكم

بقلم الهادي كرو

خصصت اربع حلقات لإصلاح القضاء تعلقت بتعديل عنصرين يتأسس عليهما العمل القضائي وهما البحث ومحطاته والمحاكم وتركيبتها وتخصص هذه الحلقة لإصلاح يوحٌد القضاء والمحاكم نوعا وعددا في أجزاء ثلاثة.

متطلبات إصلاح القضاء وتوحيده

يتطلب توحيد القضاء المبادرة بإصلاح إختصاص بعض المحاكم وترتيبها والإستغناء عن المحاكم الدخيلة وإجراءاتها لعدم إنسجامها مع القواعد العامة التي يرتكز عليها النظام القضائي ويقتضيها  توحيد السلطة القضائية 

كان من المؤمل أن يتم الإصلاح ولو جزئيا عندما صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 16 بتاريخ 13 فيفري 2022 المرسوم الرئاسي عدد 11 لسنة 2022 والمؤرخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وإن يوحد أنواع القضاء التي ينتمي اليها الأعضاء وكلهم قضاة  ولا يبقى للقضاء أنواعا  وهي القضاء العدلي والإداري والمالي وعلى غرار المجلس الأعلى للقضاء المنحل والمنصوص عليه بالقانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 أفريل 2016.

بقي القضاء أنواعا متعددة والوصول اليه صعب  واغلب الاحكام غير صائبة والمؤمل أن تساهم مبادرة توحيد القضاء والمحاكم في عودة السلطة القضائية الى المكانة التي تستحقها وتتلخص مبادرة التوحيد في الإقتراحات المؤمل تفعليها وهي التالية

إن السلطة القضائية المتركبة من محكمة إبتدائية ومحكمة الطعن بالإستئناف كفيلة بان تضمن حق التقاضي وواجب المقاضاة وتحقق النظر في القضية على درجتين. 

بخصوص المقر توجد المحكمة الإبتدائية بمقر المعتمدية وتوجد محكمة الإستئناف بمقر الولاية عند الإمكان ومحكمة التعقيب بالعاصمة .وتشتمل كل محكمة على قسم  مدني وقسم جزائي . 

يجلس القاضي سواء بالقسم المدني أو القسم الجزائي من المحكمة الإبتدائية او محكمة الإستئناف ويتولى بمفرده الحكم في نوع معين من القضايا في جلسة يعتمد في تصنيفها داخليا على المادة القانونية المتعلقة بها ويذكر بلائحة الحكم إسمه ويمضيها ويصرح بها ولا تكتسي لائحة الحكم الإستئنافي صبغتها النهائية ويصرح بها إلا بعد ان يمضيها القاضي الثاني الذي يعين من البداية ليضم رايه الى راي قاض من نفس الرتبة ويذكر إسمه ويتحمل القاضيان مسؤولية الحكم .

ولا بد من التأكيد بأن المحكمة الإبتدائية هي المحكمة الوحيدة المؤهلة لتنظر في جلسات متختصصة في قضايا كانت تنظر فيها محكمة الناحية والمحكمة العقارية والمحاكم التابعة لانواع القضاء الثلاثة التي نص عليها القسم الأول من الباب الخامس المتعلق بالسلطة القضائية من دستور 2014 وهي القضاء العدلي والقضاء الإداري والقضاء المالي وبذلك يتحقق توحيد القضاء وتقوم محكمة من نوع واحد بما يهم التقاضي والمقاضاة بالنسبة لجميع المواطنين وكل من يخضع لقضاء البلاد مهما كانت صفة المتقاضي إدارة او مواطنا  عاديا او مسؤولا طالبا او مطلوبا حاضرا او غايبا يمكن نائبه من الدفاع . 

من المؤكد ان المواطنين يتابعون عمل المحاكم ويهتمون بالقضايا وبالاعمال القضائية الجزائية بالخصوص والتي كثيرا ما يعلن عنها في نشرات الاخبار اليومية للإذاعة والتلفزة ناطق رسمي باسم محكمة المعنية بها .

يرد عموم الناس الأعمال الى القضاء والى السلطة القضائية بمعنى انهم يردونها دائما الى ذات معنوية في حين ان ما يصدر عن السلطة التنفيذية اوالسلطة التشريعية ينسبونه لى من يمثلها قانونا ويذكرون إسمه وهو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وما يعادله او رئيس مجلس النواب ورغم أهمية العمل القضائي في المادة المدنية فإن المعيار الذي تقيم به السلطة القضائية  هي المادة الجزائية وبالخصوص قرارات النيابة العمومية وحاكم التحقيق ودائرة الإتهام ومحكمة التعقيب وكل ما يتعلق ببطاقات الإيداع في السجن وبالشخص الذي سيقبع به وبنص الاحكام التي إن حكمت بالسجن فهي ظالمة وإن حكمت بعدم سماع فهي تفلت من العقاب

ومن الطبيعي ان القضاة لا يتأثرون بهذا الصنيع وهو ظاهرة إجتماعية قديمة لم ينجو منها الرسول عليه الصلاة والسلام في نازلة خاصم الزبير فيها رجلا من الأنصار في شراج الحرة كانا يسقيان بها كلاهما النخل.

فقال النبيء للزبير ” اسق ثم ارسل الى جارك ” فغضب الانصاري وقال ”  يا رسول الله ان كان ابن عمتك  ” فتلون وجه الرسول ثم قال ” إسق يا زبير ثم إحبس الماء حتى يرجع الى الجذر ثم ارسل الماء الى جارك “لا جدال ان ما قضى به الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا يجوز أن يشك فيه احد ويذكر أنه سبب نزول  الآية  65 من سورة النساء ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم  ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما  ” .

(يتبع) الهادي كرو 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى