في تهرئة المركز، بين الممنهج والعجز.

اطلت منظومة ما بعد 2011 بترساتة مفاهيم، تخمة من النظريات، خطب عصماء، قوائم في المخبرين، تعفف، طهورية فياضة. كل متكلم يحمل في ذاتيته مشروع حكم، يستوقفنا يوميا عدد لامتناهي من مشاريع إدارة الشاءن العام، الذي، حسبه البعض، هين، وهو أعقد من ذلك،.
طالما عرفنا الدولة و تعرفنا عنها وفق هيكلة واضحة، على الأقل، في تشكيل نظام الحكم واليات التجسيم و التجسيد. المركز كان، وسيظل الإطار الأول لانضاج فكرة او مشروع حكم. مشهد أليف، مألوف، يتدرج القرار من المركز، إلى الجهوي، فالمحلي.
بهذا البنية التي تخضع لمنهجية واضحة، تترك أثر الدولة وحضورها الجوهري من تحديد فلسفة العلاقات الخارجية والدولية إلى توحيد سعر العلف المركب او الكراس المدعم، مثلا.
في إطار هذا التوجه العام الذي تتصدر فيه الدولة بمؤسساتها المشهد، تنجلي سحابة القرارات المحلية التي ترفض حتى مراجعة المركز، تنجلي اللجان، تنجلي التنسيقيات، و تسطع الدولة ،هي من يقرر وهي من يتابع آليات التنفيذ، هي، _اي الدولة _ من يعلي صوت النظام، صوت القانون.
أن تفاوض الدولة شريكا اجتماعيا، هذا المحمود و المنشود،لا ان تنجر إلى مفاوضة مجموعات دون هوية اجتماعية او سياسية واضحة، نعم هو من مواطني هذا الوطن العزيز، نعم، لهم ان يقترحوا لكن تحت عنوان سياسي٥او اجتماعي واضح المعالم.
بالتالي، المتامل في المشهد اليوم، يدرك حليا ان من تمام بقاء الأوطان، هو سلطة مركزية تحمل مشروعا واضحا لإدارة الشان العام ينصهر فيه القرار السياسي و المعطى الاجتماعي، هنا تنجح الدولة في ضمان السلم الاجتماعية، وضمان ديمومتها و محوريتها في الخوض في كل ما له علاقة بالحاكم و المحكوم.
نعم، نحسب ان السلطة المركزية هي الكفيلة ب “صد” هذه المحاولات الرديئة لطمس معالمها عبر استحداث آليات تفكيكيكة، تقزيمية، تصغيرية ،تنهش ثوابت سياسية، اعتقدناها لا تافل :الدولة تقرر، الدولة تنفذ، الدولة تراجع قراراتها وفقا التشاور مع كيانات واضحة المعالم (أحزاب، منظمات)، لكن لا مع مجموعات، أصبحت تملي الشروط و، تعطي المهل وتتوعد، تتوعد الدولة للأسف.
اخيرا، للدولة نواميسها، اولها احترام رموز الدولة وقياداتها، أن تهاب، أن يدرك كل من تسول له نفسه التخريب، أن يدرك ان الدولة حاضرة، حاضرة في تفاصيل اليومي الدقيق، أن يدرك الكل ان تبرير التخريب و البحث عن الذرائع هو في الآن نفسه تخريب، وتشريع للتخريب. نستحضر في هاته السياقات المنفعلة والمشحونة، أن الكل زائل والدولة باقية، بقاء و استمرارية يضمنهما قرار مركزي و مؤسسات رسمية، قرار واحد، موحد،واحد في علاقة بمن يقرر، موحد في سريانه على كل شبر من الوطن وكل من ينتسب للوطن.