منوعات

جريمة المضاربة غير المشروعة في ظل المرسوم عدد 14 المؤرخ في 20 مارس 2022

بقلم: الدكتور جابر غنيمي
المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد
مدرس جامعي

المقدمة:
انتشرت مؤخرا و بشكل كبير ما يعرف بجريمة المضاربة غير المشروعة التي أصبحت تهدّد الفرد في قوته و المجتمع في كيانه و الدولة في أمنها، ممّا حتّم على السيد رئيس الجمهورية سنّ مرسوم خاص لمواجهتها و الحدّ منها و المتمثل في المرسوم عدد 14 لسنة 2022 المؤرّخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة، و الذي من خلاله أقرّ مجموعة من الأحكام والإجراءات الجزائية لمواجهة هذه الجريمة ففي جانبها الموضوعي فقد جرّم كل فعل قد يمس بمصداقية السوق و التلاعب بالأسعار أو خلق لحالة الندرة بمختلف الطرق و الوسائل كما شدّد على معاقبة المجرمين و رفع من العقوبات السالبة للحرية أو عقوبة الخطية.
وهدف هذا المرسوم مقاومة المضاربة غير المشروعة لتأمين التزويد المنتظم للسوق وتأمين مسالك التوزيع و القضاء على ظاهرة الاحتكار و التهريب للمواد الغذائية الأساسية و توفيرها بشكل عادي للمواطن التونسي.
وتطبق أحكام هذا المرسوم على كل من باشر أنشطة اقتصادية على وجه الاحتراف أو بحكم العادة أو بصفة عرضية
و المــضاربة غير المـشـروعة هي كل تخــزين أو إخفاء للسلع أو البضــائع أيا كان مصدرها وطريقة إنتاجها يكون الهدف منه إحــداث ندرة فيها واضطراب في تزويد السوق بها، وكل ترفيع أو تخفيض مفتعل في أسعارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط، أو استعمال الوسائل الإلكترونية ،أو أي طرق أو وسائل احتيالية.
إن جريمة المضاربة غير المشروعة تقتضي دراسة أركانها {المبحث الأول} وإجراءات تحرير محضر الجريمة {المبحث الثاني} و إجراءات إتلاف و بيع المحجوز{ المبحث الثالث} و خصوصية تجريمها { المبحث الرابع}

المبحث الأول: أركان جريمة المضاربة غير المشروعة
تقوم الجريمة على ثلاثة أركان أساسية، وهي:

  • الرُكن القانوني: يعرف هذا الرُكن بأنّه المادة القانونية التي تأتي بتحديد أبعاد الجريمة وما يترتب على الإتيان بها من عقاب، ويكون ذلك مدرجاً في قانون العقوبات، ويعتبر وجوده إلزامياً إلى جانب كلّ جريمة، ففي حال وقوع الجريمة يتمّ التوصّل مباشرة إلى الجُرم أو العقاب المترتب عليها فوراً، وذلك وفقاً للقاعدة لا جريمة ولا عقوبة دون نصّ.
  • الركن المادي: تُعرف بأنّها كافّة الاعتداءات الماديّة والانتهاكات التي تكون بحقّ شيئاً ما محمّي قانوناً، ويعتبر الجانب هذا موضوعياً؛ ويعتمد على ثلاثة عناصر أساسيّة: الفعل: هو عبارة عن نشاط أو سلوك إجراميّ. النتيجة: هي كل ّما يترتب من مضارّ على الأفعال الإجراميّة. العلاقة السببية: هي تلك الرابطة التي دفعت إلى الإتيان بهذا الفعل، وما يترتب عليه من نتيجة.
    الركن المعنوي: هو الجانب الذاتي الخاصّ بالجريمة مُباشرة، وهو بمثابة التعبير العميق للصلة ما بين النشاط الذهني الذي يُمارسه الفاعل والنشاط المادي الذي أتى به، ويتوفّر الركن المعنوي موجوداً فور صدور الفعل الإجراميّ عن إرادة الفرد؛ ويؤدي هذا الرُكن دوراً هاماً بالتعبير عن دراسة طبيعة العلاقة القائمة بين إرادة الفاعل من جهة وما ارتكبه الفاعل من فعل من جهة أخرى، وما ترتبّ على ذلك من نتيجة.
    و تقتضي جريمة المضاربة غير المشروعة 3 أركان: و هي الركن الشرعي {الفقرة الأولى} و الركن المادي {الفقرة الثانية} و الركن المعنوي {الفقرة الثالثة}
    الفقرة الأولى: الركن الشرعي:
    و هو النص القانوني المجرم للمضاربة غير المشروعة و المتمثل في المرسوم عدد 14 المؤرخ في 20 مارس 2022
    الفقرة الثانية: الركن المادي:
    و يتخذ الركن المادي لجريمة المضاربة غير المشروعة الأفعال التالية:
    مباشرة بأي شكل من الأشكال وبأي وسيلة كانت سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو وسطاء أفعالا تندرج ضمن المضاربة غير المشروعة.
    ترويج عمدا أخبارا أو معلومات كاذبة أو غير صحيحة لدفع المستهلك للعزوف عن الشراء أو قصد إحــداث اضــطـراب في تزويد الســوق والترفيــع في الأســعار بطـريقة مباغتة وغير مبررة،
    طرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطراب في تزويده بنية الترفيع في الأسعار،
    تحقيق أرباحا غير مشروعة باستغلال أوضاع استثنائية لتقديم عروض بأسعار مرتفعة عن الأسعار المعتادة.
    القيام بممارسات في السوق بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي لقواعد العرض والطلب.
    مسك منتجات بنية تهريبها خارج تراب الوطن.
    الفقرة الثالثة: الركن المعنوي:
    و يتمثل في العلم و الإدراك و اتجاه ارادة الجاني الى ارتكاب احد افعال المضاربة غير المشروعة

المبحث الثاني: إجراءات تحرير محضر جريمة المضاربة غير المشروعة
لقد نص المرسوم عدد 14 على الأعوان المكلفين بمعاينة جريمة المضاربة غير المشروعة { الفقرة الأولى} و الصلاحيات الممنوحة لهم { الفقرة الثانية} و شكليات محضر الحجز {الفقرة الثالثة}
الفقرة الأولى: الأعوان المكلفين بمعاينة جريمة المضاربة غير المشروعة
يتولى معاينة الجرائم المتعلقة بالمضاربة غير المشروعة أعوان الضابطة العدلية الآتي ذكرهم:
أعوان الإدارات الذين منحوا بمقتضى قوانين خاصّة السلطة اللازمة للبحث عن بعض الجرائم أو تحرير التقارير فيها، المحلفون والمؤهلون للغرض.
مأمورو الضابطة العدلية المشار إليهم بالعددين 3 و4 من الفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية.
الأعوان المحلفون الذين يؤهلهم الوزير المكلف بالتجارة من بين الأعوان المنتمين على الأقل إلى الصنف أ.
الفقرة الثانية: الصلاحيات
يخول للأعوان في إطار قيامهم بمهامهم:
الدخول في كل وقت نهارا أو ليلا إلى المحلات المهنية وغيرها من أماكن التخزين، كما يمكنهم القيام بعمليات المراقبة أثناء نقل البضائع.
القيام بكل المعاينات الضرورية والحصول عند أول طلب على الوثائق والمستندات والسجلات اللازمة لإجراء أبحاثهم ومعايناتهم أو الحصول على نسخ منها مشهود بمطابقتها للأصل.
حجز ما هو ضروري من الوثائق أو نسخ من هذه الوثائق مشهود بمطابقتها للأصل لإثبات المخالفة أو معاوني ذي الشبهة أو مشاركيه ويسلم وصل في ذلك.
القيام بتفتيش محلات السكنى وحجز وثائق بها وذلك حسب الشروط القانونية وبعد ترخيص مسبق من وكيل الجمهورية.
ويجب أن يتم تفتيش محلات السكنى وكذلك حجز الوثائق طبقا لمقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية
الإطلاع والحصول دون المعارضة بالسر المهني على جميع الوثائق والمعلومات الموجودة بحوزة الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية مع مراعاة الأسرار والمعلومات التي تحميها قوانين خاصة.
ويمكن للأعوان عند توفر قرائن تتعلق بارتكاب الجرائم التي ينص عليها هذا المرسوم أو عند البحث عن بضائع تم اقتفاء أثرها ووقـع إدخالها بمحل أو بناية، القيام بزيارات وتفتيشات داخل المحلات التي يمكن أن توجد بها البضائع والوثائق المتعلقة بتلك الجرائم لمعاينة المخالفات المرتكبة والكشف عن الحجج المثبتة لها، وذلك وفقا لأحكام مجلة الإجراءات الجزائية.
ويمكن للأعوان المشار حجز كل البضائع والأشياء والوثائق المثبتة لارتكاب الجرائم التي ينص عليها هذا المرسوم أو تحمل على الظن بارتكاب تلك الجرائم. ويحرر عند إجراء كل زيارة للمحل محضر طبقا لأحكام مجلة الإجراءات الجزائية يتضمن سير العملية والمعاينات المادية التي تم إجراؤها ووصفا مفصلا للمحجوز.
ويتم تسليم نسخة من المحضر ومن قائمة البضائع المحجوزة لشاغل المحل أو من ينوبه مقابل وصل تسليم.
ويجوز للأعوان سعيا وراء البحـث عـن جرائم المضاربة غير المشروعة إجراء تفتيش على البضائع ووسائل النقل، وعلـى كلّ سائق وسيلة نقل أن يمتثل لأوامرهم.
يمكن لهؤلاء الأعوان استعمال جميع المعدّات الملائمة قصد إيقـاف وسائل النقل فـي صورة عـدم امتثال السائقين لأوامرهم.
و يتعين على أعوان القوة العامة أن يقدموا عند الضرورة يد المساعدة لأعوان التجارة و المراقبة الاقتصادية لضمان حسن إنجاز مهامهم.
الفقرة الثالثة: شكليات محضر الحجز
يتم تحرير محضر حجز في الغرض يتضمن وجوبا البيانات التالية:
التاريخ: ساعة ويوما وشهرا وسنة.
أسماء الأعوان وصفاتهم.
مكان المعاينة.
هوية ماسك البضاعة وصفته وعند الاقتضاء هوية الحاضر وصفته ساعة المعاينة.
السند القانوني.
بيان المحجوز: اسم المنتوج، كمياته، علامته، تعليبه وعند الاقتضاء وزنه.
ذكر الجهة المؤمن لديها المحجوز.
إمضاءات الأعوان والشخص الحاضر ساعة المعاينة وعند الاقتضاء المؤمن لديه المحجوز وفي صورة الامتناع عن الإمضاء يتم التنصيص على ذلك بالمحضر.
كما يمكن أن يتضمن المحضر أي بيانات أخرى يرى فيها الأعوان المحررون فائدة للبحث.
وتبقى المنتجات المحجوزة مودعة لدى الجهة المعنية أو عند الاقتضاء في أي مكان يختاره الأعوان المحررون للمحضر شرط أن يستجيب للشروط اللازمة لحفظ المنتوج.
وعند الحجز يتعين على الأعوان محرري المحضر أن يسلموا لذي الشبهة وصلا يبين كمية المنتجات المحجوزة ونوعيتها.
وعلى وكيل الجمهورية أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية المتعهدة إصدار قرار بمصادرة المحجوز موضوع الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم مدنيا لفائدة الدولة.
ويبت رئيس المحكمة في المطلب في أجل ثلاثة أيام من تاريخ تعهده بقطع النظر عن الدعوى العمومية.
ولا يقبل قرار المصادرة الطعن بأي وجه ويُحفظ حق المشمول بالمصادرة في الرجوع على الدولة بقيمة المحجوز في صورة الإدلاء بحكم بات قضى بتبرئته بخصوص الجرائم موضوع التتبع.
ويحيل وكيل الجمهورية قرار المصادرة إلى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية في أجل ثلاثة أيام من تاريخ صدوره للتنفيذ.

المبحث الثالث: إجراءات إتلاف و بيع المحجوز
تختلف إجراءات إتلاف { الفقرة الأولى} و بيع المحجوز { الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: إجراءات إتلاف المحجوز
يمكن للأعوان القيام بإجراءات إتلاف أو إفساد للمنتجات المحجوزة بعد استصدار إذن من قاضي الناحية المختص ترابيا إذا كان ذلك هو الوسيلة الوحيدة لوضع حد للخطر المترتب عنها.
ويتعين إعلام المحجوز بين يديه بتنفيذ الإذن في الإتلاف.
ويحرر محضر إتلاف يمضى من قبل الأعوان وذي الشبهة والمحجوز بين يديه أو من يمثله أثناء عملية الإتلاف. وإذا ما حرّر المحضر في غياب ذي الشبهة أو رفض هذا الأخير إمضاءه وهو حاضر، يتم التنصيص على ذلك بالمحضر.
ويتم تنفيذ الإتلاف الذي يتم طبقا للتراتيب الجاري بها العمل خاصة تلك المتعلقة بالبيئة على نفقة ذي الشبهة.

الفقرة الثانية: إجراءات بيع المحجوز
يمكن للوزير المكلف بالتجارة الإذن ببيع المنتوجات المحجوزة، دون القيام بإجراءات عدلية مسبقة، وذلك في صورة ما إذا تعلق الحجز ببضائع قابلة للتلف أو إن اقتضت حاجيات التموين ذلك.
ويودع محصول البيع بصندوق الخزينة أو قباضات المالية إلى أن يقع البت في شأنه من طرف الوزير المكلف بالتجارة أو المحكمة المختصة. وعند الحجز الفعلي يتعين على العونين محرري المحضر أن يسلما للمخالف وصلا يبين خاصة كمية المنتوجات المحجوزة ونوعيتها.

المبحث الرابع: خصوصية التجريم
لقد استبعد المرسوم عدد 14 إمكانية الصلح { الفقرة الأولى} و شدد في العقوبات{ الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: استبعاد إمكانية الصلح
لقد نص القانون عدد 36 المؤرخ في 15 سبتمبر على إمكانية الصلح حيث نص الفصل 73 منه على انه باستثناء المخالفات موضوع الفصول 5 و7 و8 و9 و10 و69 من هذا القانون، يمكن للوزير المكلف بالتجارة قبل إثارة الدعوى العمومية أو للمحكمة المتعهدة بها، طالما لم يصدر حكم بات بشأنها، الإذن بإجراء الصلح بطلب من المخالف.
وتعلق آجال سقوط الدعوى العمومية بمرور الزمن طيلة الفترة التي استغرقتها إجراءات الصلح والمدة المقررة لتنفيذه. ويترتب عن تنفيذ الصلح انقراض الدعوى العمومية وإيقاف التتبع أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب.
ولا يعفي الصلح المخالف من الالتزامات التي ينص عليها القانون ولا من مسؤوليته المدنية عن كل ضرر لحق أو يلحق بالغير جراء المخالفة المرتكبة.
ولا يمكن أن يقل مبلغ الصلح عن 50% من طلبات الإدارة. وفي جميع الحالات لا يمكن النزول به عن الحد الأدنى للعقوبة المحددة بهذا القانون.
ويلزم الصلح الأطراف إلزاما لا رجوع فيه ولا يكون قابلا لأي طعن مهما كان سببه.
و لكن المرسوم عدد 14 استبعد إمكانية الصلح حيث توجه جميع المحاضر المحررة والممضاة من قبل الأعوان إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا و لا امكانية للصلح.
الفقرة الثانية: التشديد في العقوبات
نص المرسوم عدد 14 على عقوبات أصلية { الفقرة الأولى} و عقوبات تكميلية { الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: العقوبات الأصلية
يعاقب بالسجن عشر سنوات وبخطية مالية قدرها مائة ألف دينار كل من قام بأحد الأفعال المجرّمة بموجب هذا المرسوم باعتبارها مضاربة غير مشروعة.
ويكون العقاب بالسجن عشرين سنة وبخطية مالية قدرها مائتا ألف دينار إذا كانت المضاربة غير المشروعة تتعلق بمواد مدعمة من ميزانية الدولة أو بالأدوية وسائر المواد الصيدلية.
ويكون العقاب بالسجـــن ثلاثين سنة وبخطية مالية قدرها خمسمائة ألف دينار إذا ارتكبت الجرائم خلال الحالات الاستثنائية أو ظهور أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة،
ويعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية مالية قدرها خمسمائة ألف دينار إذا ارتكبت الجرائم قبل وفاق أو عصابة أو تنظيم إجرامي أو عند مسك المنتجات بنية تهريبها خارج أرض الوطن.
و يعاقب المشاركون في الجرائم التي ينص عليها هذا المرسوم بالعقاب المقرّر لفاعليها الأصليين.
ويرفع العقاب إلى ضعف العقوبة الأقصى المقرر للجريمة إذا لم تكن المواد موضوع جريمة المضاربة غير المشروعة داخلة في الدائرة الاعتيادية لنشاط ذي الشبهة.
ويعتبر عائدا كل من ارتكب جريمة ثانية في مجال المضاربة غير المشروعة على معنى هذا المرسوم في بحر سنة من تاريخ قضاء أو تنفيذ العقاب المحكوم به عليه في الجريمة الأولى.
ولا يمكن النزول بالعقاب عند ثبوت العود دون ضعف العقاب الأقصى المقرر للجريمة الثانية.
ويعفى من العقوبات المستوجبة للجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم باستثناء مصادرة المكاسب كل من بادر بإبلاغ السلطات القضائية أو قدّم إرشادات أو معلومات مكنت من كشف الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم.
وعندما يكون المرتكب للجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم ذاتا معنوية، تطبق العقوبات بالسجن المنصوص عليها بهذا المرسوم، بصفة شخصية وحسب الحالة على الرؤساء المديرين العامين والمديرين والوكلاء وبصفة عامة على كلّ شخص له صفة لتمثيل الذات المعنوية وتسلط العقوبات نفسها على المشاركين.
ويعاقب كل شخص معنوي يقوم بإخفاء مكاسب متأتية من الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم وغلتها أو بحفظها من أجل إعانة مرتكبها بخطية تعادل قيمة المكاسب موضوع الجريمة وبالمصادرة المنصوص عليها بهذا المرسوم.
الفقرة الثانية: العقوبات التكميلية
 تقضي المحكمة وجوبا عند ثبوت الإدانة عن ارتكاب جرائم المضاربة غير المشروعة بالعقوبات التكميلية وخاصة منها الحرمان من مباشرة التجارة والحرمان من الحقوق المدنية والمنع من تقلّد الوظائف الرسمية في الدولة.
و تقضي المحكمة وجوبا بمصادرة الممتلكات المستعملة لارتكاب الجريمة أو لتسهيل ارتكابها أو التي ثبت الحصول عليها بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة من الجريمة ولو انتقلت إلى أي ذمة مالية أخرى سواء بقيت تلك الممتلكات على حالها أو تمّ تحويلها إلى مكاسب أخرى وذلك دون المساس بحقوق الغير حسن النيّة.
وفي صورة عدم التوصل إلى الحجز الفعلي يحكم بخطية لا تقلّ في كل الحالات عن قيمة الأموال التي تعلقت بها الجريمة لتقوم مقام المصادرة.
و تقضي المحكمة وجوبا بمصادرة جميع المكاسب المنقولة أو العقارية والأرصدة المالية الراجعة للمحكوم عليه أو بعضها إذا ثبت استعمالها لغرض ارتكاب جراءم المضاربة غير المشروعة.
وتشمل المصادرة المكاسب المحققة من جرائم المضاربة غير المشروعة ولو انتقلت إلى أصول الفاعل أو فروعه أو إخوته أو زوجه أو أصهاره وسواء بقيت تلك الأموال على حالها أو وقع تحويلها إلى مكاسب أخرى.
ولا يتحرر هؤلاء من هذا الحكم إلا إذا أثبتوا أن مأتى هذه الأموال أو المكاسب لم يكن من متحصل الجريمة.
و لا يمنع انقضاء الدعوى الجزائية بالوفاة من الحكم بمصادرة المكاسب المحققة من الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم وغلتها لفائدة الدولة في حدود ما آل إلى الورثة من الميراث.

الخاتمة:
رغم النصوص القانونية القائمة والمحددة لقواعد المنافسة والممارسات التجارية و التي من بينها القانون عدد 36 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة و الأسعار و المرسوم الحكومي عد 10 المؤرخ في 17 افريل 2020 المتعلق بضبط أحكام خاصة لزجر مخالفة قواعد المنافسة والأسعار، إلا انها لم تفلح في القضاء على المضاربة غير المشروعة، الأمر الذي دفع رئيس الدولة إلى إصدار المرسوم عدد 14 المؤرخ في 20 مارس 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة و الذي ساهم بشكل كبير في تقلص هذه الظاهرة و الحد من انتشارها
و لا بد كذلك من تظافر مجهودات جميع المتدخلين من اجل وضع حد للمضاربة غير المشروعة التي أصبحت تهدد الأمن الغذائي للمواطن و استقرار الدولة و المجتمع

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى