تونس تتقدّم بالعمل لا بالجدل
تعيش تونس اليوم مرحلة حاسمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مع تحديات تتراوح بين البطالة المرتفعة، تراجع الاستثمار، وتضخّم الاقتصاد الموازي. في هذا السياق، تصبح الأولويات الوطنية واضحة: دعم المؤسسات، تحفيز النمو، وإصلاح التعليم والصحة. لكن، مع الأسف، يطفو أحيانًا على السطح نقاش حول قضايا جانبية، مثل تعدد الزوجات أو مراجعة بعض مكاسب المرأة، بعيدًا عن سياقها الاجتماعي والسياسي، وفي توقيت يشتت الانتباه عن الملفات الأكثر إلحاحًا.
المرأة التونسية ليست ملفًا ثانويًا يُفتح ويُغلق حسب المزاج السياسي. منذ استقلال البلاد، كانت شريكًا فاعلًا في بناء الأسرة والمجتمع، وساهمت في التعليم والاقتصاد والثقافة، وتمكنت بفضل التشريعات المدنية من اكتساب مكاسب حقوقية تُعدّ نموذجية في المنطقة. فتح هذه المواضيع في البرلمان في لحظة اقتصادية حساسة ليس سوى تشتيت للرأي العام عن ما يهمّ فعليًا: خلق فرص عمل، دعم الاستثمار، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة: ركيزة للتقدّم
-
في الاقتصاد: المرأة التونسية تشكّل قوة عمل فعّالة في القطاعات الحيوية، من الصحة والتعليم إلى الصناعات والخدمات. تمكينها يعزز الإنتاجية والنمو.
-
في الأسرة: دورها المركزي يوازن حياة الأسرة، ويسهم في الاستقرار الاجتماعي. أي تراجع في مكاسبها الحقوقية يُضعف هذا التوازن.
-
في المجتمع: استعادة جدل حول حقوق مكتسبة يهدّد التماسك المدني ويزيد الانقسامات، ويبعد التركيز عن ملفات التنمية الفعلية.
ماذا تحتاج تونس الآن؟
البلاد بحاجة إلى قوانين ومشاريع فعلية تنقذ الاقتصاد:
-
تخفيف الضغط الجبائي على المؤسسات وتشجيع الاستثمار.
-
دعم القطاعات الناشئة والصناعات الحيوية، بما فيها التعليم الخاص والصحة والفلاحة.
-
إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد لتعزيز الثقة العامة.
-
إشراك المرأة كمواطنة كاملة الحقوق في كل مراحل التخطيط والتنفيذ، لضمان استقرار الأسرة والمجتمع.
الرسالة واضحة: تونس لا تُبنى بالجدل حول قضايا تم حسمها تاريخيًا، بل بالعمل الجاد، بمشاريع تنموية ملموسة، وخطط قابلة للتنفيذ. تمكين المرأة ليس رفاهية، بل شرط أساسي لبناء مجتمع متوازن واقتصاد قوي.
ا مستقبل تونس يبنى بالشراكة، لا بالتراجع
التمسك بحقوق المرأة ليس شعارًا، بل هو التزام برؤية مدنية، عادلة، إنسانية. من أراد معالجة أزمات المجتمع، فليتجه إلى محاربة الفقر، إلى تحسين التعليم، إلى دعم المؤسسات الناشئة، لا إلى زعزعة استقرار الأسرة التونسية باسم “الاجتهاد” أو “الحرية”.
تونس لا تُبنى بإحياء النقاشات المهترئة، بل بمشاريع تنموية، بميزانيات عادلة، بإصلاحات جريئة، وبإشراك المرأة كمواطنة كاملة الحقوق في مستقبل البلاد.
المستقبل يُصنع بالشراكة، بالعمل، وبالإصلاحات، لا بإثارة الانقسامات أو إعادة نقاشات عقيمة. تونس تتقدّم بالعمل لا بالجدل.











