أخبار العالم العربيإقتصادمنوعات

الديبلوماسية الجزائرية ودورها في دعم التعاون و الصداقة في تونس

بقلم: الدكتور جابر غنيمي
المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد
مدرس جامعي
جامعة سوسة
البريد الالكتروني: iyedghnimii2011`@shamsalyaoum

ملخص:
تستعرض هذه الدراسة دور الديبلوماسية الجزائرية في تعزيز علاقات التعاون و الصداقة مع دولة تونس من خلال بيان العوامل الدعمة لذلك و مختلف مظاهرها
الكلمات المفتاحية:
الديبلوماسية_ التعاون_ الصداقة_ الاتفاقيات الثنائية_ تبادل الزيارات_ اللجان المشتركة_ التبادل الاقتصادي_ التبادل التجاري
Abstrat; this stydy reviews the roleof algerien diplomaty in strengthing relations of cooperation and friendship with tunisia by clarifying the fators spporting this and their various manifestations
Kywords; diplomacy – cooprat – th frindship – binary agreements – exchange of visits – joint ommittees – economic exchange – the trade exhange

المقدمة:
تكتسي العلاقات الجزائرية التونسية طابعا خاصا واستثنائيا من حيث عمق روابط الأخوة الصادقة التي تجمع البلدين
وتعد تونس الدولة الأكثر توافقا دبلوماسيا مع الجزائر نتاج الدعم الكبير المتبادل بين النظامين السياسيين لكلا الدولتين، و بذلك تميز السلوك السياسي الخارجي للجزائر تجاه تونس بأنـه سـلوك تعاوني ذو بعد تكاملي، و هذه الطبيعة قديمة رغم ما شابه في بعض المحطات من تضارب في المصالح
و الملاحظ أن بنود معاهدة الوفاق و الإخاء الممضية عام 1983 أخذت طريقها و كانـت الخيط الناظم و المسار الضابط للتعاون الجزائري التونسي على الصعيد الثنائي أكثر من تأثير الاتفاقيـة المؤسسة لاتحاد المغرب العربي رغم أن الخطاب الرسمي الذي يتم وضعه في ديباجة الاتفاقيات يـوحي بان الاتفاقيات هي لتعزيز روابط التعاون المغاربي في إطار بناء اتحاد المغرب العربي
ونجاح المسار التعاوني الثنائي مع تونس أدى إلى تبني الجزائـر لمسـالة التعـاون الثنـائي
كإستراتيجية عامة تضبط التصور العام لسياستها تجاه دول المغرب العربي حيث استمرت الجزائـر في إبرام الاتفاقيات القطاعية الناتجة عن أعمال اللجان المشتركة القطاعية و المؤكـدة لعمـق العلاقـات الجزائرية التونسية
لقد مثلت تونس منذ استقلالها سنة 1956 البوابة التي ينفذ منها الساسة الجزائريون؛ الأمر الذي رأت فيه فرنسا عدوانًا، فحاولت تأديب الطرفين في واقعة ساقية سيدي يوسف في 08 فيفري 1958، والتي امتزجت فيها دماء الشهداء للشعبين دفاعا عن تقرير المصير وتكريسا لوحدة المصير.
و اثناء جائحة كورونا منحت الجزائر ، مليون جرعة تلقيح الى تونس في إطار دعمها في حربها ضد فيروس كورونا، و كذلك كميات هامة من مادة الاكسجين . 
و قد لعبت الديبلوماسية الجزائرية دورا مهما في دعم علاقات الصداقة و التعاون مع تونس
و يرجع هذا الدور الى عدة عوامل } المبحث اول} و تجسد في عدة تمظهرات { المبحث الثاني }

المبحث الأول: العوامل المؤثر ة في تعزيز علاقات التعاون و الصداقة بين البلدين
و تتمثل في وحدة الجغرافيا { المطلب الأول} و وحدة اللغة و الدين { المطلب الثاني} و المصير المشترك { المطلب الثالث}
المطلب الأول: وحدة الجغرافيا
تحد تونس الجزائر، ويبلغ طول الحدود الجزائرية – التونسية 1.034 كم وتمتد من البحر الأبيض المتوسط في الشمال إلى النقطة الثلاثية مع ليبيا في الجنوب
و يوجد البلدين في قارة افريقيا و ينتميان الى دول المغرب العربي ومنظويين في جامعة الدول العربية و منظمة التعاون الاسلامي
و يعتبر وادي مجردة موردا جغرافيا طبيعيا مشتركا يعبر البلدين
ووحدة الجغرافيا تساعد على تعزيز الزيارات و التبادل بين الدولتين في شتى المجالات
المطلب الثاني: وحدة اللغة و الدين
يشترك الشعبين في اللغة وهي التكلم باللغة العربية و كذلك في الدين هو الدين الاسلامي , ووحدة الدين و اللغة تسهل تعزيز العلاقات بين الشعبين والشعور المشترك بالانتماء الى الامة العربية الاسلامية
المطلب الثالث: وحدة المصير
يشترك البلدين في وحدة المصير ، و امن تونس من امن الجزائر و ما يؤثر على امن و استقرار تونس يؤثر على امن و استقرار الجزائر، ومجابهة العمليات الارهابية التي يشهدها البلدين يقتضي التعاون بيتهما في المجال الامني و العسكري و الاستخباراتي
المبحث الثاني: مظاهر التعاون و الصداقة
هي تتمثل تتمثل في ابرام عدد من الاتفاقيات الثنائية { المطلب الأول} و الزيارات المتبادلة {المطلب الثاني} احداث اللجان المشتركة { المطلب الثالث} التبادل الاقتصادي { المطلب الرابع}

المطلب الاول: الاتفاقيات الثنائية
يتجاوز عدد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية المبرمة منذ 1963 بين البلدين 11 وثيقة مـن أهمها:
-اتفاقية الإقامة لسنة 1963 ،
-اتفاق يتعلق بإنشاء لجنة مشـتركة بـين الحكـومتين للتعـاون الاقتصادي والثقافي والعلمي والفني سنة 1970
-معاهدة الصداقة وحسن الجوار و التعـاون لسـنة 1970
-معاهدة الإخاء والوفاق سنة 1983
ناهيك عن الاتفا قيات المبرمة في شـتى القطاعـات الاقتصادية و الثقافية و العلمية و الفنية
أو في إطار التعاون في المجالات السيادية حيث تم توقيع اتفاقية عسـكرية لم تكشف تفاصيلها سنة 2003 و تدعمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التوقيع سنة 2001 على الاتفـاق الإطاري الجديد للتعاون الصناعي الهادف إلى تطوير صيغ الشراكة والاستثمار المباشر بين البلـدين ويقضي بإنشاء شركات مشتركة
ونظرا للأهمية الكبيرة التي توليها الجزائر للاستثمار تم توقيع اتفاق تعاون حول تشجيع الاستثمار و حماية متبادلة للاستثمارات بما من شانه دفع المبادرات الاقتصـادية الخاصة و منح معاملة منصفة و عادلة في إطار المعاملة التفاضلية مما فـتح المجال ل 17 مشـروع استثماري تونس في الجزائرو25 مشروع جزائري في تونس
كما تم التوقيـع في 19_6 _2002 على اتفاق إنشاء شركة مشتركة بين شركتي
إيتاب و سوناطراك متخصصـة في استكشـاف وإنتاج البترول بالمناطق الواعدة في البلدين
و باعتبار السياحة أداة مهمة لتعزيز الروابط الشعبية و التفاهم المتبادل،
ونظـرا للطـابع السياحي و الخبرة الكبيرة في السياحة لدى تونس خصوصا مع التوافد الكبير للسواح الجزائريين و الـذي بلغ 4 ملايين سنويا مقابل 5000 سائح تونسي دخلوا إلى الجزائر تم إبرام اتفاقية نقل الأشـخاص و البضائع سنة 2001 لتسهيل الإجراءات الجمركية والرقابية على مواطني كلا البلدين و اتفاقيـة تخص الاعتراف المتبادل برخص السياقة و استبدالها لتسهيل السير على طرقات البلدين
و الحفاظ علـى سلامة المرور، و اتفاقية أخرى تعاونية سنة 2003 تهدف إلى إعادة وطبع أسس تعاون صـلبة و ذات فائدة مشتركة في مجال السياحة، التي تدعمت كذلك ببروتوكول تعاون في مجال الصناعة التقليدية تم بناء عليه إنشاء لجنة فنية مشتركة تتولى الإشراف على مسار التعاون الثنـائي في مجـال الصـناعة التقليدية تلبية لرغبة قائدي البلدين في المزيد من تنويع و توسيع مجالات التعاون لتشـمل مجـال العمل و العلاقات المهنية بتوقيع بروتوكول تعاون مشترك يهدف إلى تبـادل الخـبرات في القطـاع وتوحيد النصوص التشريعية و التنظيمية و ذلك بإنشاء بنك معلومات مشترك ،
وتنظيم ندوات تدريبيـة مشتركة و تبادل الوثائق و الدراسات ذات الشأن بالقطاع
كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون في المجال الصحي تتعلق بالصحة العموميـة والوقايـة، الصحة المدرسية و الجامعية ، الأدوية و المستلزمات الطبية و تشمل كذلك مجال السـكان في علاقتـه بالصحة الإنجابية و تسيير النظام الصحي
واتفاقية أخرى في مجال الضمان الاجتماعي بما يضمن حق المواطنين التونسيين والجزائريين المقيمين في البلد الثاني و يؤكد على التنسيق التام بين أنظمة الضمان الاجتماعي سواء مـن الناحيـة التشريعية أو من ناحية التعاون المؤسساتي و تدعمت الاتفاقية ببروتوكول تعاون تضمن إنشاء لجنة فنية مشتركة مهمتـها وضـع برامج تنفيذية لبلورة التعاون في المجال و متابعة وتقييم البرامج المتفق على انجازها ومعالجة الصـعوبات التي تعترض سبل تنفيذها
وسعيا من اجل الاستفادة من الخبرة التونسية في مجال الزراعة و تدعيم علاقات التعـاون الثنائي و تكريسا لبنود الاتفاقية المغاربية المتعددة الأطراف في جال حماية النباتات والحجـر الزراعـي وحماية الصحة النباتية و مراقبة انتشار أمراض النباتات الخاضعة للحجر الزراعي مكافحتـها تم توقيع اتفاق تعاون ينظم مجالات التعاون و يعزز تبادل المعلومات و تطوير المفاوضات و إبرام الاتفاقيات ذات الشأن بالمجال الزراعي
وعموما تظهر الاتفاقيات المبرمة بين الجزائر وتونس طغيان البعد التقني والـوظيفي الفـني بشكل كبير حيث انه من بين 15 اتفاقية تم إبرامها ي الفتـرة 1999_2009
نلاحـظ أن 13 اتفاقية هي اتفاقيات تتعلق بالقطاعات الوظيفية المسيرة للحياة الاقتصادية بكل مجالاـا الصـناعية و الزراعية و السياحية و المالية و الحياة الاجتماعية
المطلب الثاني: الزيارات المتبادلة:
يعد تبادل الزيارات الرسمية مؤشرا هاما من مؤشرات الطابع التعاوني للعلاقات ما بين الدول لمـا تمليه من ديمومة التشاورو التحاور و التقارب
و قد حرصت الجزائرعلى انتـهاج الزيـارات المكوكية كأداة لأداء السياسة الخارجية من اجل تمتين أواصر التعاون وتوثيق الصلات بالدول الـتي يرى صانع السياسة الخارجية الجزائرية أهميتها بحيث تصبح لديه المسالة شخصية تعمهـا الرغبـة في الانجاز وتحقيق الذات و تعززها توافر إرادة سياسية فتكثف اللقاءات و الزيارات و الاتصالات والحرص على إتباع دبلوماسية القمة من خلال زيارات رئيس الجمهورية المتكررة
كذلك نجد في مستوى اقل تبادل الزيارات على مستوى رئاسة الحكومة و رئاسة مجلس الوزراء و تظهر زيارات وزيري خارجية البلدين متعددة المهام الملقاة على عاتقهم في أداء زيارات
فمن جانب على صعيد آخر يبرز الدور الذي يلعبه كاتبي الـدولتين المكلفـين بالشـؤون المغاربيـة و الإفريقية بصفة دائمة من خلال مرافقتهما المستمرة سواء للرئيس أو الوزير الأول أو وزير الخارجية
المطلب الثالث: احداث اللجان المشتركة
تبرز اللجان المشتركة في شكل هرمي حيث نجد اللجنة المشتركة الكبرى باعتبارها أعلـى جهاز ثنائي ينظم العلاقات التعاونية ما بين البلدين ، تليها لجنة التشاور السياسي فلجنة المتابعة
و تأسست اللجنة الكبرى المشتركة منذ ما يقارب الأربعين سنة أي بتاريخ
06 جـانفي 1970 منبثقة عن معاهدة حسن الجوار و التعاون المبرمة عام 1969 وتجتمع سـنويا برئاسـة الوزير الأول التونسي ورئيس الحكومة الجزائرية
أما لجنة المتابعة فهي لجنة مكلفة بمتابعة مسار التعاون الثنائي و الإشراف على تنفيذ البرامج المتفق عليها وتحضير الاتفاقات الدولية التي يوافق عليها في اجتماع اللجنة الكبرى المشـتركة كمـا تعكف على متابعة أداء اللجان القطاعية تجتمع سنويا برئاسة كاتبي الدولة للشؤون المغاربية والإفريقية
كما تجد عدة لجان قطاعية:
-اللجنة المشتركة لمتابعة التعاون الصناعي
-اللجنة الفنية المشتركة لتنمية المبادلات التجارية
-اللجنة الفنية المشتركة للضمان الاجتماعي
-اللجنة الفنية المشتركة للصناعات التقليدية
ا-للجنة الفنية المشتركة للشغل و العلاقات المهنية
هذا بالإضافة إلى لجنة الصداقة البرلمانية بين البرلمان الجزائري و نظيره التونسي و التي تتكون من الأطراف الحزبية الممثلة في البرلمانيين الجزائري و التونسي
المطلب الرابع: التبادل الاقتصادي:
من الناحية الاقتصادية، تخضع العلاقات التجارية بين الجزائر وتونس لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في هذه الأخيرة عام 1981، ومذكرة التفاهم الإضافية لاتفاقية التجارة والجمارك الموقعة في الجزائر عام 1991، مع نظام تفضيلي ينص على الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل للمنتجات التي يكون منشؤها أحد البلدين.
وبلغ حجم المبادلات التجارية مع تونس 1259 مليون دولار أمريكي سنة 2020، حيث تشير إحصائيات مصالح الجمارك الخاصة بالتجارة الخارجية لعام 2020، إلى بلوغ الواردات الجزائرية من تونس، وفقا لنظام الاتفاقية التفضيلية، 15.66 مليون دولار، مقابل 24.98 مليون دولار في سنة 2019.
ويشكل الاتفاق التجاري التفاضلي إحدى الركائز الأساسية التي تحكم العلاقات التجاريـة التونسية الجزائرية فالاتفاق يعتبر إطارا قانونيا يكفل تحفيز رفع حجم المبادلات التجارية والتمهيد لأفق سوق موحدة بين البلدين وتشجيع الاستثمار المشترك
هذا بينما قدرت الصادرات الجزائرية خارج المحروقات باتجاه تونس، وفق نفس النظام التفضيلي في 2020 خلال نفس الفترة ب 80.03 مليون دولار.
وقامت الجزائر، حسب ما تشير إليه ذات الإحصائيات، بتصدير ما قيمته 1.032 مليار دولار إلى تونس مقابل واردات منها قدرت ب 228.20 مليون دولار.
و بذلك تعتبر تونس ثاني شريك اقتصادي للجزائر في افريقيا،
وطاقويا، تستفيد تونس من إمدادات غازية مع مرور أنبوب الغاز الجزائري – الايطالي العابر للمتوسط “ترانسماد”، بحجم 3.8 مليار متر مكعب من الغاز، إذ تحصل الخزينة التونسية بذلك، عائدا يقدر ب 500 مليون دينار تونسي أي ما يعادل 173.34 مليون دولار (إيرادات 5.25 في المائة)
وتجاوزعدد السياح الجزائريين الوافدين على تونس ، في موفى جويلية 2019، 5 ملايين سائح
الخاتمة:
تمكنت الديبلوماسية الجزائرية من ربط جسر من العلاقات القوية و المتينة المبنية على التعاون و الصداقة مع الدولة الشقيقة تونس و ذلك في اطار من الثقة و الاحترام المتبادل و هي علاقات متجذرة في التاريخ

المراجع:
-صالح بن القبي، الدبلوماسية بين الأمس و اليوم ، الدبلوماسية الجزائرية من 1830إلى 1962،منشورات المركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية وثورة
-عمار بن خروف، العلاقات التاريخية بين الجزائر و تونس من 1671_ 1954
-كوثر العايب، العلاقات الجزائرية التونسية خلال عهد البايات

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى