مقالات

وزارة الخارجية بين السيادة الوطنية والارتهان السياسي

 

كتب الإعلامي حسين مرتضى

يثير أداء وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، في ظل مرحلة بالغة الخطورة يمرّ بها لبنان، حيث يتعرّض الجنوب لعدوان إسرائيلي مستمر، وتعيش البلاد حالة هشاشة داخلية تتطلّب أعلى درجات المسؤولية الوطنية.

 

 

 

إلا أن كثيرين يرون أن وزارة الخارجية، بدل أن تكون رأس حربة في الدفاع عن السيادة اللبنانية، تحوّلت إلى منصة تخدم أولويات خارجية لا تنسجم مع المصلحة الوطنية.

 

 

 

يُؤخذ على الوزير رجي، وفق منتقديه، أنّه سخّر موقعه الدبلوماسي لخدمة توجهات السفارتين الأميركية والفرنسية، عبر مواقف وتصريحات تتقاطع بشكل لافت مع الخطاب الغربي، لا سيما في ما يتصل بالصراع مع العدو الإسرائيلي وبالملف الداخلي اللبناني.

 

 

 

ويعتبر هؤلاء أن هذا السلوك يضع علامات استفهام حول استقلالية القرار الدبلوماسي اللبناني، ويعيد إلى الأذهان حقبات كان فيها القرار الوطني مرتهنًا للخارج.

 

 

 

الأخطر من ذلك، أن تصريحات الوزير وُصفت بأنها تحمل طابعًا تحريضيًا داخليًا، خصوصًا تجاه شريحة أساسية من اللبنانيين، ما يهدد النسيج الوطني في بلد قائم على التوازنات الدقيقة.

 

فبدل أن يكون وزير الخارجية جامعًا، يسعى إلى تخفيف الاحتقان وحماية الوحدة الوطنية، يرى منتقدوه أنه يساهم، بقصد أو بغير قصد، في تعميق الانقسام الطائفي والسياسي، وهو أمر بالغ الخطورة في الظروف الراهنة.

 

 

 

وفي ما يتعلّق بالعدوان الإسرائيلي، يُسجَّل على وزارة الخارجية غياب موقف حازم وفاعل يرقى إلى مستوى التحديات. فالدور الطبيعي لأي دبلوماسية وطنية هو حشد الدعم الدولي لوقف العدوان، وفضح الجرائم الإسرائيلية في المحافل الدولية، والدفاع عن حق لبنان في أرضه وسيادته.

 

 

 

غير أن الأداء الحالي، بحسب معارضيه، يبدو أقرب إلى التماهي مع سرديات تبرّر العدوان أو تُحمّل الضحية مسؤولية ما تتعرّض له.

 

 

 

إن وزارة الخارجية ليست منبرًا لتصفية الحسابات الداخلية، ولا أداة في صراعات المحاور الإقليمية والدولية، بل هي مؤسسة سيادية يفترض أن تعبّر عن إجماع اللبنانيين، وتحمي مصالحهم، وتدافع عنهم في وجه أي اعتداء. وأي انحراف عن هذا الدور يضع البلاد أمام مخاطر سياسية ووطنية جسيمة.

 

 

 

من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى مراجعة شاملة للأداء الدبلوماسي اللبناني، وإلى خطاب وطني مسؤول يبتعد عن التحريض والانقسام، ويضع مواجهة العدوان الإسرائيلي وحماية السلم الأهلي في صدارة الأولويات.

 

 

 

فلبنان، في هذه المرحلة المصيرية، لا يحتمل مزيدًا من الارتهان أو الاستقطاب، بل يحتاج إلى دبلوماسية سيادية، جامعة، وشجاعة.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى