أخبار العالم العربيفن و ثقافة

مهرجان “معروف” الدولي: الفن الملتزم بين القيم الإسلامية والدعم السياسي لفلسطين

بقلم: وسام درويش
يُعد مهرجان “معروف” الدولي، في دورته الثانية التي انطلقت أواخر عام 2025 في طهران، نموذجًا بارزًا لكيفية توظيف الفن كأداة لترسيخ القيم الدينية والأخلاقية في إيران، مع ربطها بقضايا سياسية إقليمية حساسة، أبرزها مأساة غزة. يأتي اسم المهرجان مستمدًا من مفهوم “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، الذي يُشكل أحد الأعمدة الأساسية في الفكر الإسلامي، ويُدار المهرجان تحت إشراف مؤسسات رسمية مرتبطة بـ”هيئة الأمر بالمعروف” في الجمهورية الإسلامية. *هيكل المهرجان وأهدافه المعلنة كما أوضح الدكتور ناصر باكيدة، مدير المهرجان، في مؤتمر صحفي، يقام المهرجان على ثلاثة مستويات: محلي (إقليمي ووطني داخل إيران)، ودولي. يركز على تعزيز “العدالة الثقافية” من خلال عرض الأعمال في المحافظات المختلفة، ودعم الإنتاجات الشعبية المصورة بكاميرات بسيطة، إلى جانب مسابقات رسمية في الأفلام القصيرة، الوثائقية، الرسوم المتحركة، الفيديوهات الموسيقية، والبودكاست. يُمنح الفائزون شارة أو ميدالية “معروف” رمزًا للالتزام بالقيم الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية. من أبرز مميزات الدورة الثانية احتضان مجال البودكاست، الذي يشهد انتشارًا واسعًا في المنطقة، بالإضافة إلى عقد لقاءات متخصصة حول تقنيات السينما والمحتوى الإعلامي. يهدف المهرجان، حسب تصريحات القائمين عليه، إلى خلق بيئة تنافسية صحية ودعم صُناع الأفلام المستقلين في العالم الإسلامي، مع التركيز على الأعمال ذات الطابع الحواري أو البحثي في الفضاء الرقمي. *التركيز على قضية غزة: بُعد سياسي وإنساني يبرز المهرجان في دورته الحالية محورًا خاصًا بـ”حرب غزة”، حيث يُخصص قسم لعرض أعمال توثق معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة الأطفال والنساء، خلال الصراع المستمر. وصف القائمون على هذه الفعالية بعض الأعمال بأنها تصور “معاناة الشعب الفلسطيني في خضم حرب الأيام الاثني عشر”، معتبرًين إياها ذات قيمة فنية وإنسانية عالية. كما يخصص القسم الدولي محورًا كاملاً لـ”الفن المقاوم” دعمًا لفلسطين، مع مشاركة واسعة من فنانين من دول إسلامية وآسيوية ترتبط بعلاقات ثقافية مع إيران. هذا التركيز ليس جديدًا في السياق الإيراني، إذ غالبًا ما تُوظف الفعاليات الثقافية لتعزيز الخطاب الرسمي الداعم لـ”محور المقاومة”، الذي يشمل فلسطين وحماس وحزب الله. يُرى في تخصيص محور لمعاناة غزة محاولة لإيقاظ “الضمير الإنساني”، كما أشار القائمون على المهرجان إلى “الصرخة الجماهيرية” في أوروبا وأمريكا دعمًا لغزة، مما يعكس ربط المهرجان بالأحداث الجيوسياسية الراهنة. تحليل: الفن الهادف من جهة، يُمثل المهرجان خطوة إيجابية نحو دعم الفن المستقل وتوفير منصة للطاقات الشابة، خاصة مع سهولة الوصول إلى التقنيات الرقمية. يساهم في تعزيز الإنتاج الثقافي داخل إيران وخارجها، ويفتح أبوابًا للإنتاجات الشعبية التي قد لا تجد طريقًا إلى المهرجانات التقليدية. في النهاية، يُجسد مهرجان “معروف” الدولي الفن الملتزم كتعبير حر. بينما يقدم فرصًا حقيقية للفنانين، مما يجعله مثالًا على كيفية استخدام الثقافة في تعزيز الرواية الرسمية السليمة والواقعية في إيران. في الواقع المهرجان سيتمكن حتما من اكتشاف طاقات فنية مستقلة حقًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى