تونسمقالات

كن رحيما بأرضنا وأنقذ ثروتنا البحريّة!

فتح الصورة

البحر… مكان جميل وهادئ يمثّل للكثيرين المهرب الأمثل لتناسي ضغوطات الحياة وأوجاعها و ربّما تحقيق الشّفاء الدّاخلي، والبعض الآخر يتّخذ البحر مصدر رزق لضمان عيشه.

لكن ماذا إن شوّهوا هذا الجمال وحوّلوه إلى لوحة رماديّة داكنة ومنفّرة وقضوا على مورد رزق الكثير من العائلات نتيجة الإهمال الّذي طال الثّروة البيئيّة وعدم اعتناء الهياكل المعنيّة بها. ألا يبدو الأمر محزنا؟ بلى إنّه مؤلم جدّا!

تشكو عديد الشّواطئ التّونسيّة من انسياب المياه الملوّثة إلى البحر، ما يُؤدّي إلى تغيّر لونه وطعمه ورائحته وتسمّم الكائنات البحريّة وبالتّالي تأثيرها السّلبي على التنوّع البيولوجي.

كما أنّ تسرّب الفضلات والمواد الكيميائيّة والملوّثات الأخرى إلى مياه البحار ووصولها إلى الكائنات البحريّة الّتي يتغذّى عليها الإنسان ستسبّب العديد من المشاكل الصحيّة الخطيرة والأمراض المزمنة.

سمك،اسماك،مأكولات بحرية،بحر Archives - Tops Arabia


أسباب مختلفة يطول الغوص في تفاصيلها دفعت بعض سكّان المناطق المُتضرّرة في تونس إلى التّنديد في كلّ مرّة بالخطر المُحدق بهم جرّاء التّراخي والإهمال وانتشار ظاهرة التلوّث في أغلب الشّواطئ التّونسيّة الّتي أثّرت على حياة المواطنين ومصدر عيشهم. لنا أن نستحضر في هذا السّياق “أكبر سلسلة بشرية في تاريخ تونس”، وهي سلسلة شكّلها مئات السكّان على الشواطئ الأكثر تلوّثا في الضّاحية الجنوبية لتونس العاصمة، احتجاجاً على التلوّث البحري الّذي حرم سكّان المنطقة من التمتّع بثروتهم المائيّة على أمل اتّخاذ التّدابير اللاّزمة لحماية بيئتهم وحياتهم. طالب سكّان الضّاحية الجنوبيّة حينها بإجراء تحاليل في معهد “باستور”، مدعومة بتحاليل أجرتها وزارة الصحّة، أثبتت زيادة التلوّث الجرثومي ومصدره مياه الصّرف الصحّي. ما دفعهم إلى إطلاق نداء استغاثة إلى المكتب الوطني للتّطهير ONAS باعتباره الهيئة العموميّة الوحيدة المسؤولة عن معالجة مياه الصّرف الصحّي في تونس.

علماء يصدمون العالم: جميع الشعاب المرجانية ستختفي خلال 20 سنة | المصري اليوم

كما أجرى سكّان المنطقة بأنفسهم تحاليل بمعهد “باستور” كشفت أنّ المصدر الرّئيسي للتلوّث هو مياه الصّرف الصحّي الّتي يتمّ تصريفها من قبل الديوان الوطني للتّطهير ONAS.
إضافة إلى ذلك فقد تضرّر الكثير من الصيّادين من التلوّث البحري، ففي جرجيس طالب صيّادو الاسفنج بعد التقلّص الكبير في كميّاته برخص صيد ساحليّ بعد توقّف نشاطهم الأساسي في صيد الاسفنج نتيجة التلوّث البحري المسكوت عنه لكنّهم لم يتلقّوا أيّ تفاعل إيجابيّ من قبل السّلطات المعنيّة، ما أدّى إلى تردّي أوضاعهم الاجتماعيّة.

ولنا أن نعتبر موضوع التلوّث البحري مسؤوليّة جماعيّة يشترك فيها عدّة أطراف متداخلة إذا أردنا البحث في أسبابه يمكن أن نرجعه إلى ارتفاع كميّة النّفايات والفضلات الّتي استفحلت في كامل مناطق البلاد تقريبا، والمياه الملوّثة المتأتّية من المصانع والشّركات الكبرى، والمباني السّكنيّة غير المتّصلة بنظام الصّرف الصحّي الّتي تعاني من شبكتها المهترئة وتعطّلها المتكرّر وتدفّق الفضلات والأوساخ إليها بصفة مستمرّة، حيث يشكو نظام معالجة مياه الصّرف الصحّي من عدّة نقائص لعلّ أبرزها عدم اتّصال العديد من الأحياء بنظام الصّرف الصحّي، دون أن ننسى انسياب مياه الصّرف الصحّي ومياه الأمطار عبر نفس القنوات، ما قد يعيق قدرة محطّات التّطهير على معالجتها.

الحاجز المرجاني الكبير.. أعظم تشكيل طبيعي في العالم

وما من شكّ انّ اعتماد سياسة المماطلة والتّسويف في التّعامل مع هذه الظّاهرة من شأنها أن تنعكس سلبا على على عدّة قطاعات ومجالات أخرى لذلك للحدّ من حدّة مشكل التلوّث البحري من الضّروري القيام بالإصلاحات الجذريّة اللاّزمة من خلال السّعي إلى التّطبيق الفعلي للقوانين و مقاومة كلّ مصادر التلوّث كالنّفايات والبلاستيك والتلوّث الصّناعي وإعادة رسم سياسات ومقاربات أعمق وانجع وتفعيلها على أرض الواقع. ولا بدّ من تغيير السّلوكيّات البشريّة المتّبعة عبر التّقليل من نسبة المواد السامّة والنّفايات الّتي يتمّ رميها في الشّواطئ والسّعي إلى إزالتها باستمرار والتثبّت من عدم اختلاط مياه الأمطار بالمخلّفات والأوساخ الأخرى.

كما يجب على الأطراف المسؤولة تكثيف الجهود وتفعيل القوانين والتّشريعات المتعلّقة بحماية البيئة البحريّة والحدّ من تلوّث البحار.


أمّا أنت عزيزي القارئ لك أن تبدأ بتغيير نفسك وتعدّل سلوكك، لنحافظ إذا على شواطئنا وننقذ بحارنا من كلّ ضرر. اتّفقنا؟

فتح الصورة

إعداد نسرين اليوسفي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى