قصائد تعزف للطفولة والحياة سفي بيت الشعر بالشارقة

الاحساء
زهير بن جمعه الغزال
نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 30 سبتمبر 2025، شارك فيها كل من الشعراء: محمد العموش من الأردن، أبكر كوري من تشاد، مؤيد نجرس من العراق، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وجمهور من النقاد والشعراء ومحبي الشعر.
قدم الأمسية الشاعر رجب السيد، الذي استهل تقديمه بالترحيب بالحاضرين، رافعا الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على رعايته لمنابر الإبداع، وقال: “ومنذ أن أزاح صاحبُ السمو؛ حاكمُ الشارقة؛ صباحَ يوم الأربعاء؛ السادس عشر؛ من أكتوبر؛ عام 2024 الستارَ عن اللوح التذكاري؛ إيذانًا بافتتاح المقر الجديد لبيت الشعر؛ في منطقة التراث؛ قلب الشارقة؛ يواصلُ البيتُ سيرَتَه الناصعة في فضاءات الإبداع الشعري، ومسيرَتَه الكاشفة؛ لكل جميلٍ يبوح به الشعراء، والمكتشفة لكل مخبوءٍ من التجارب الشعرية، وتقديم أصحابها، والتعريف بهم، في إطار رؤية وتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة”.
افتتح القراءات الشاعر الأردني محمد العموش، الذي قرأ نصا بعنوان “ترنيمة أخرى لوجه الحياة”، عبّر فيها عن دواخل نفس الشاعر وما يموج بها من أفكار وأحزان وتساؤلات، فقال:
في غابةِ الإنسانِ يَلهثُ شاعرٌ
ليُجيرَ منْ حقدِ الذئابِ غزالَهُ
ما زالَ خَدُّكِ يا حياةُ مـُوَرَّماً
خـَـاءٌ من الخـَيباتِ دَثـَّـرَ دَالَهُ
بي من أنينِ بني المصائبِ لاعجٌ
لو أنّ قلبيَ جلمَدٌ لأسـَـالَهُ
ما زالَ يعقوبُ القصيدةِ في فمي
يبكي الجَمالَ إذا رأى أنجالَهُ
ثم قرأ نصا بعنوان “حمودة”، وجهه إلى ذاته، واستحضر فيه ذكريات طفولته، ورسم بلغة مجازية سيرة ذاتية تستكشف تحولات الحياة عبر سنواتها، فيقول:
نعم ، كانَ كالطَلِّ في الرِّقةِ
يَسيلُ معَ الفَجرِ في الوَردةِ
يَحَارُ بهِ الضّوءُ مِنْ طَبعهِ
شَفيفاً تَكسّرَ في النّظرةِ
وكانَ المُدَلَّلَ والمُشتَهی
سَميناً ، يَميلُ إلى الشُقرَةِ
لـِ ” حَمّودةٍ ” في الخُدودِ افتِتانٌ
بياصٌ تَشَرَّبَ بالحُمرةِ
ثم قرأ الشاعر أبكر كوري بعضا من نصوصه، التي استلهم صورها من طبيعة إفريقيا الخلابة، ففي نصه “عبور إلى الذاكرة البيضاء”، يقدم الشاعر لوحة من حنين إلى الماضي، وإلى الطفولة عبر استذكار الورد والطير والحقول الممتدة، فيقول:
ليتَ الزمانَ يعيدُ القلبَ في رغدِ
يمحو عن الروحِ أثقالاً من النكدِ
طفلٌ أنا يومَ كانتْ فرحتي أفقًا
شدوتُ للنورِ لا أسباب في خَلدي
الوردُ عندي عروسٌ فوقَ مرقدها
تُهدي عبيرَ الهوى للحقلِ والجسدِ
والطيرُ إنْ غرّدَتْ فالروح تسبقها
كأنما داعبت عيناي: يا ولدي
يا ليتني طيفُ أحلامٍ يراقبها
قلبٌ بريءٌ من الآثامِ والحسدِ
وتناول في نصه الثاني المعنون “الشمس والغيم” موضوع الخير والإنسانية، ويشيد بقيم الكرم والجود، وبالأخلاق الرفيعة التي تجعل العالم مكانا مضيئا، فيقول:
كن أنت ميقات السعادة صادقا
كن قبل ميقات الصلاة إماما
أذن وكن للخير بابا مشرعا
إن الكريم كرامة يتسامى
زين لياليك الندية بالعطا
تتزين الدنيا به أعواما
والشمس ما فتئت تجود بوجهها
فيشع رغم ظلامنا بساما
واختتم القراءات الشاعر مؤيد نجرس، الذي قرأ نصا بعنوان “حصاد قبل الموسم”، دار حول موضوع الوطن، معبّرا بين طياته عن مشاعر الخوف والحزن والبكاء، والذي جاء في مطلعه:
على أيّ خوفٍ تستفيقُ السنابلُ
وخَلفَ رداءِ الليل تَسعى المناجل ُ
تُحيط بيّ الأدغالُ من كُلِ جانبٍ
وأخشى بأن الأفق بالدمع هاطلُ
أُلَملمُ أضغاثَ الصباحاتِ كادحاً
لعلّي … ولونُ الحقل ِ بالحزن ذابلُ
ولي وطنٌ … يعلو النخيلُ بأرضهِ
علوَّ دُعاءٍ تَنتَقيهِ الأراملُ
أما في نصه الذي حمل اسم “في الطريق لذاكرة المدرسة”، فقد صاغ ذكريات طفولته في صور شعرية مفعمة بالشوق إلى الذات الصبية، وما عاشته من تجارب شكلت رؤية الشاعر ولغته، فيقول في طياته:
أنا الصبيُ وهذا الدربُ يعرفُني
ففيهِ سالتْ على الإسفلتِ حنجرتي
وفيه أحلام ُ عيدي بُعثرت عبثاً
لما أضعتُ على صدغيهِ محفظتي
أنا المعافى صباحاً في نوافذِهِم
والمُنحني كهلالٍ حولَ أمتعتي
فمنذ ُ أن غادرَ الطفلُ اللعوبُ فَمي
جفتْ سواقي مواويلي على رئتي
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي المشاركين في الأمسية.