الرئيسيةفيديو اليوم

فاطمة المسدي: عدالة الأجر، لا بشعبوية القرار – من أجل قانون شغل يحمي العامل ويُبقي المؤسسة

 

في جلسة مجلس نواب الشعب بتاريخ 20 ماي 2025، قدّمت النائبة فاطمة المسدي مداخلة لافتة حول مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. جاءت كخطاب عقلاني جريء، متوازن بين الحماية الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية، ورافضة لأي مقاربة شعبوية تُغرق المؤسسات وتضرّ بالعامل على المدى البعيد.

واقع هش ومتطلبات مشروعة

اعتبرت المسدي أن هذا القانون لا يُفترض أن يكون فقط نصًا تنظيميًا، بل هو مرآة لنظرتنا لقيمة العمل ومكانة العامل في تونس. نعم، العامل يحتاج إلى حماية وكرامة، لكن على قاعدة القدرة الواقعية للمؤسسات على الصمود.

قالت بوضوح: “من سيدفع أجور العمال إذا هرب رأس المال؟ من سيشغّل شبابنا إذا سقط القطاع الخاص تحت ضربات قرارات غير واقعية؟”. هنا كانت المسدي تصوب سهام النقد نحو الخطاب الذي يشيطن المستثمرين، وتنبّه إلى الخطر الحقيقي في خلق مناخ طارد للاستثمار باسم العدالة الاجتماعية.

وجهت المسدي نقدًا مباشرًا للدولة التونسية، معتبرة أنها تمارس نفس ما تطلب إصلاحه من القطاع الخاص. المناولة منتشرة داخل المؤسسات العمومية، من وزارات إلى مستشفيات، وهو ما اعتبرته “تناقضًا يضرب مصداقية الدولة”. فلا يمكن الحديث عن إصلاح قانون الشغل، والدولة ذاتها تستعمل عقودًا هشّة دون ضمانات حقيقية.

الأجر الأدنى: كرامة أم ضغط قاتل؟

في سياق متصل، يبرز موضوع الأجر الأدنى المضمون كأحد أكثر الملفات حساسية. فقد تم الترفيع فيه مؤخرًا بنسبة 7.5%، ما انعكس إيجابيًا على العمال والمتقاعدين. لكن هذا القرار، رغم إنسانيته، أثار قلق أرباب العمل، خاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، التي ترى فيه عبئًا غير مدروس يهدد استمراريتها.

إذ أن العدالة الاجتماعية لا تتحقق فقط برفع الأجور، بل أيضًا بتوفير مناخ استثماري قادر على خلق الثروة ومواطن الشغل.

المسدي في مداخلتها لم ترفض تحسين الأجور، بل طالبت بخطة وطنية متوازنة تضمن كرامة العامل، دون تحويل المؤسسة إلى ضحية.

تشريع بإرادة وطنية لا بإملاءات شعبوية

مداخلة المسدي ليست فقط موقفًا فرديًا، بل يمكن اعتبارها رؤية تشريعية عاقلة، تدعو لإصلاح جذري يُوازن بين طموح العامل وحاجة المؤسسة، بين الحقوق والممكن، بين العدالة والنمو.

إن تمرير قانون شغل دون وعي بالتركيبة الاقتصادية للبلاد، سيكون بمثابة إلقاء الحطب في نار الأزمة. أما الإصلاح الحقيقي، فيبدأ من الاعتراف بأن العدالة لا تُبنى بالشعارات، بل بالمسؤولية، والوضوح، وشجاعة قول الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى