طرق و أساليب التصدي للهجرة غير الشرعية

الدكتور جابر غنيمي المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بسوسةمدرس جامعي
تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وباتت من الظواهر التي تهدد امن الدول واستقرارها، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي للبحث على أساليب لمواجهتها.وقد تأثرت تونس كغيرها من الدول بموجات الهجرة غير الشرعية باعتبارها دولة مقصد ومعبر وانطلاق للهجرة غير الشرعية، ولذلك تبذل جهودا كبيرة لمواجهتها انطلاقا من مخاطرها التي تهدد حياة المهاجرين في المقام الأول، حيث تشير الاحصائيات الصادرة عن المنظمات الدولية العاملة في مجال الهجرة إلى ارتفاع أعداد الغرقى والمفقودين في البحر وراء حلم العيش الرغيد والثراء السريع وهو ما يعد مأساة إنسانية كبيرة .
و قد تعددت طرق و أساليب التصدي للهجرة غير الشرعية سواء على المستوى الدولي )الجزء الأول( أو على المستوى الوطني ) الجزء الثاني
(الجزء الأول:
على المستوى الدوليو تتمثل في نصوص و أجهزة دولية )الفقرة الأولى( و التعاون الدولي )الفقرة الثانية(الفقرة الأولى: النصوص و الآليات الدولية1
– النصوص الدولية:ظهر نوع جديد من الأنماط الإجرامية يتمثل في نقل الأفراد بين الحدود الدولية دون احترام الإجراءات القانونية، مما أدى بالمجتمع الدولي إلى إبرام اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي اعتمدت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 نوفمبر 2000،و تسمى أيضا اتفاقية باليرمو وبروتوكولاتها الثلاثة (بروتوكولات باليرمو) هي:· بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال.· بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.· بروتوكول مكافحة صنع غير المشروع والاتجار في الأسلحة النارية
.وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر و البحر و الجو ، يحمل في مواده العديد من الضمانات للمهاجرين غير الشرعيين، أهمها عدم تعرضهم للملاحقة الجنائية لأنهم هدفا لسلوك التهريب.
كما قضى البرتوكول الدولي على كل دولة طرف أن تتخذ بما يتسق مع التزاماتها بمقتضى القانون الدولي كل التدابير المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات عند الاقتضاء لصون وحماية حقوق المهاجرين، خاصة الحق في الحياة والحق في عدم الخضوع للتعذيب أو غيره من أشكال المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، وأن توفر المساعدة المناسبة للمهاجرين الذين تتعرض حياتهم أو سلامتهم للخطر بسبب تهريبهم، وفي حالة احتجاز المهاجرين المهربين يتعين على كل دولة طرف أن تتقيد بالتزاماتها الدولية بمقتضى اتفاقية فينا للعلاقات القنصلية القاضية باطلاع الشخص المعني دون إبطاء الأحكام المتعلقة بإبلاغ الموظفين القنصليين والاتصال بهم، مع ضرورة موافقة كل دولة طرف بتسيير وقبول دون إبطاء لا مسوغ له أو غير معقول إعادة المهاجرين المهربين متى كانوا من مواطنيها أو يتمتعون بحق الإقامة الدائمة في إقليمها وقت إعادتهم.
كما أكد البرتوكول على تقديم الرعاية الخاصة إذا اشتملت عمليات التهريب الأطفال أو النساء.ومن واجب الأطراف احترام هذه الشريحة، وإتباع إجراءات تكفل لهما الحماية والأمن أهمها: إبعادهم فوراً عن أي مصدر خطر، عدم السماح لهم بمواصلة الاتصال بأي فرد من المشتبه فيهم، عرضهم على أحد المتخصصين الطبيين من أجل فحص حالتهم الصحية، تزويدهم بملابس إضافية، التعامل معهم بعد ذلك على أيدي ضباط مدربين.وعندما يكون هناك بعض الشكوك حول ما إذا كان الشخص طفلا أو إذا ما تعذر التحقق من سنه فإن أفضل الممارسات المتبعة هي افتراض أنه طفلاَ .
2- الآليات الدولية:
نجد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي لعب دوراً كبيراً في مكافحة الهجرة غير الشرعية وما ترتب عليها من إفرازات سلبية، أهمها سن القانون النموذجي لمكافحة تهريب المهاجرين استجابة لطلب الجمعية العامة من أجل تعزيز جهود الدول الأعضاء، وتقديم المساعدة إليها سعيًا إلى انضمامها إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها وتنفيذها.ولقد حددت المادة الأولى الهدف الأساسي منه والمتمثل في تنفيذ بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، مكافحة تهريب المهاجرين، تعزيز التعاون على الصعيدين الوطني والدولي وتسهيله من أجل تحقيق الأهداف المنشودة وحماية حقوق المهاجرين المهربين .
ومن أجل فهم معالم الهجرة غير الشرعية، وتوضيح مخاطرها وآثارها أنتج مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة فيلما بغرض توعية وتدريب ممارسي العدالة الجنائية بعنوان “السبل والوسائل لتصدي الفعال لمهربي المهاجرين”
.كما تبنت المنظمة الدولية للهجرة العديد من الآليات الهادفة إلى تحسين أوضاع المهاجرين المهرَبين، ودعم استراتيجيات مكافحة تهريب المهاجرين لما له من آثار جسيمة على المجتمع الدولي وشعوبه، وذلك بالتنسيق والتعاون على المستويين الإقليمي والدولي بين كل السلطات والوكالات المعنية والعاملة في مجال أمن الحدود، بهدف استحداث نظم لإدارة الحدود تكون مؤثرة وفعالة ومتكاملة، وذلك بغرض تحقيق الغاية المرجوة وهي حدود مفتوحة ولكن محكمة ومؤمنة على نحو وثيق.وفي سنة 2013 قامت المنظمة الدولية للهجرة بإجراء زيارات ميدانية وتقييمات تقنية لدعم الحكومات في تحديد أطراف العمل التي ستضفي على عمليات الحدود أثرا عظيما، وكذلك لتعزيز وتمكين عمليات تبادل المعلومات، والتنسيق بين المراكز الحدودية والمقرات لتتمكن من مجابهة عمليات التسلل الفردي بين الدول خاصة ذات الحدود المشتركة، وتقسيم وظائف المراقبة الحدودية بما يشمل كل الجوانب التقنية والتنظيمية المتعلقة بالسيطرة على الحدود والوقاية من الجرائم العابرة للحدود .
ونظراً لاستفحال عمليات الهجرة غير الشرعية أكثر، وموت العديد من المهاجرين بصورة أكبر بسبب ظروف الانتقال، قامت المنظمة الدولية للهجرة بتحديد مجال أولوياتها وذلك بتشكيل منصة الكترونية مشتركة للتعاون بين بلدان المصدر في الاتحاد الأوربي وبلدان العبور والمقصد في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط، بغرض بناء الثقة بين الشركاء، وكذلك لتحقيق التوازن الصحيح بين الإجراءات الخاصة بإنفاذ القانون والاستجابة للأسباب الجذرية والرئيسية التي تؤدي إلى الهجرة غير الشرعية، وعقد العديد من المؤتمرات لتحليل هذه الظاهرة والبحث لها عن حلول في إطار تعاون دولي على غرار مؤتمر بوبلا بالمكسيك سنة 2010 .
و أقدمت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة سنة 1999، عملاً بقرارها 1999/ 44 بإنشاء ولاية المقر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين. وقد طلبت اللجنة إلى المقرر الخاص أن يبحث طرق ووسائل التغلب على العقبات القائمة أمام الحماية الفعالة والكاملة لحقوق الإنسان للمهاجرين، بما فيها العقبات والصعوبات التي تعترض عودة المهاجرين الذين ليس لديهم الوثائق اللازمة أو الذين هم في وضع غير نظامي.ويباشر المقرر الخاص عمله استناداً إلى المعلومات المقدمة إليه بشأن الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان للمهاجرين، وذلك بتوجيه رسائل رسمية إلى الحكومات المعنية لتوضيح هذه الحالات وعرضها عليه، وتقوم ببعثات لتقصي الحقائق في البلدان التي تدعوه إلى زيارتها من أجل بحث حالة حماية حقوق الإنسان للمهاجرين في البلد المعني.الفقرة الثانية: التعاون الدوليمن أهم مظاهر التعاون بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في شكله الجماعي نذكر:
1- اتفاق خمسة + خمسة: أعلن هذا المسار سنة 1990، ويضم الدول المغاربية الخمسة (تونس،الجزائر المغرب، موريتانيا وليبيا) من جهة، ودول شمال البحر الأبيض المتوسط (فرنسا، إيطاليا، اسبانيا، البرتغال ومالطا) من جهة أخرى.ويحتوي على ثلاث محاور:المجال الأمني ويركز على إيجاد حلول للمسائل السياسية والأمنية ذات المصلحة المشتركة.وللحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية تم بعث فرق أمنية لتعزيز الرقابة على المستويين المغاربي والأوروبي مجهزة بأحدث وسائل الاتصال والسيارات والمراكب البحرية السريعة حتى يتم رصد الفارين من أوطانهم وملاحقتهم.وعلى المستوى الاقتصادي تم التأكيد على ضرورة معالجة التوازن في مجال التنمية.
وعلى الصعيد الاجتماعي والثقافي، ركز المجتمعين على مجال الهجرة والتربية والتكوين والاتصال وحماية التراث.ودائما في إطار مباحثات خمسة + خمسة، تم إدراج ملف الهجرة لأول مرة باهتمام كبير في قمة تونس التي خصصت لدراسة مجال الهجرة في الحوض المتوسطي والمنعقدة يومي 16 و17 أكتوبر 2002، ثم في اجتماع الرباط في 22 و23 أكتوبر 2003، وكذلك لقاء الجزائر في سبتمبر 2004، فقد سمحت هذه اللقاءات بالتطرق إلى أغلب النقاط المهمة المتعلقة بالهجرة عامة ومشكلة الهجرة غير القانونية خاصة، وكيفية بناء حوار وتعاون فعال في مجال تنظيم حركات الأشخاص بين الأطراف، وتحسين وضعيات العمال المهاجرين ومحاربة الدخول السري خاصة بإبرام اتفاقيات إعادة القبول والإدماج بين الدول المعنية بها (دول الانطلاق والعبور والاستقرار) .وبالتوازي مع مبادرة خمسة + خمسة، يعمل الاتحاد الأوروبي على مستوى اللقاءات الأورو إفريقية الذي يضم 57 دولة إفريقية وأوربية حتى يتمكن من غلق جميع المنافذ، وتعزيز وسائل المراقبة…إلخ،
وقد تم تشديد الحراسة على الحدود الأوربية والإفريقية كخطوة تهدف إلى تحصين القارة الأوروبية من تسلل المهاجرين غير الشرعيين من جهة، والحد من ظاهرة قوارب الموت التي تنطلق من سواحل الدول الإفريقية من جهة أخرى .إن الجهود المبذولة من قبل الاتحاد الأوروبي في حماية البيت الأوربي لم تحقق ما كان يصب إليه باتفاق خمسة + خمسة لاقتصاره على دول دون أخرى ذات أهمية وفعالية في حركية التنقل، وهذا ما دفع الأطراف الأوروبية على إيجاد مقاربة تكون أكثر صرامة تشرك كل الدول من خلال الشراكة الأورو متوسطية.
2- اتفاق الشراكة الأورومتوسطي (مسار برشلونة 1995) : جاءت التسمية كاختيار يعكس إلى حد بعيد من جهة أولى الروابط التاريخية التي تربط ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط، ومن جهة ثانية الهاجس الإقليمي المشترك الذي تعيشه كل دول المنطقة بأشكال مختلفة، ومن جهة ثالثة الرغبة في وضع هندسة جديدة للعلاقات الأورومتوسطة وفق ما تفرضه التطورات والمستجدات الدولية والإقليمية والسياسية والأمنية… إلخ
.وتعد الهجرة غير الشرعية من أهم محاور الشراكة، حيث أعلنت أوروبا صراحة تصديها وتعزيز وسائلها الردعية ضد المهاجرين غير الشرعيين.و شمل مسار برشلونة ثلاث محاور، الأول الحوار السياسي حول الأمن والاستقرار وتطوير الديمقراطية وحقوق الإنسان وثانيا جوانب التعاون الاقتصادي والمالي من منظور منطقة السوق الحر، والثالث الحوار حول المسائل الاجتماعية والثقافية من أجل دعم حقوق الإنسان.
وموضوع الهجرة يمثل مسألة متقاطعة تشمل المجالات الثلاثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وفي إطار عملية برشلونة أجرى الاتحاد الأوروبي مفاوضات إقليمية، واتفاقيات مع دول جنوب المتوسط والشرق الأوسط.وعلى هذا الأساس، انعقد المؤتمر الوزاري الأورومتوسطي الأول في27- 28 نوفمبر 1995 والذي جمع بين وزراء خمسة عشر (15) من دول الاتحاد الأوروبي واثنا عشر (12) دولة متوسطية هي: الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، مصر، الأردن، فلسطين، لبنان، قبرص، تركيا، سوريا .ولتخفيف وطأة الهجرة غير الشرعية، عمل الاتحاد الأوربي على تقديم الإعانات المادية للدول المصدرة للهجرة قصد تحقيق تنميتها لتحسين أوضاعها الاجتماعية ، الاقتصادية، والسياسية.
وفي هذا الإطار قدم الاتحاد الأوروبي مبلغ قدره 4.60 مليار اورو للدول المتوسطية كمساعدة مالية للمساهمة في تحمل جزء من تكاليف الانفتاح الاقتصادي والإصلاحات المرافقة عن طريق صندوق الاتحاد في إطار البرنامج الأول الذي يدعى MEDA1 بالنسبة للفترة الممتدة من 1995 إلى 1999 .كما عمل الاتحاد الأوربي على تنصيب رؤوس الأموال في الدول النامية ، وقام البنك الأوروبي للاستثمار بالدور المركزي لتجسيد هذا الخيار على اعتبار أن الأمن والسلام على ضفتي البحر الأبيض المتوسط مرتبطان بالتنمية واستثمار الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية داخل الأقطاب الأوربية .
وفي هذا المجال تعد فرنسا وايطاليا واسبانيا وألمانيا أكثر الدول المعنية بقبول هذه النوعية من المهاجرين نظراً إلى ما توفره من مزايا لصالح تلك الدول، وتعد كندا النموذج الناجح في انتقاء المهاجرين ودمجهم، حيث أكدت التجربة أن قبول المهاجرين من دون عملية إدماج فعلية على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية يشكل بعض المخاطر والانزلاق.
ولتحقيق عزل كامل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، سعى الاتحاد الأوروبي إلى عقد لقاءات واتفاقيات ثنائية بينه وبين كل دولة من الدول المغاربية، ومحاولة التأثير في سياساتها الداخلية بتضييق الخناق على المهاجرين غير الشرعيين، وذلك بتأمين حدودها الإقليمية وسن تشريعات ردعية.ومن أهم مظاهر هذه السياسة نجد الاتفاقية المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي تطرقت إلى العديد من المسائل أهمها معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وضمان عودة المهاجرين المتواجدين بصورة غير قانونية على الأراضي الأوروبية، وباحترام حقوقهم الإنسانية والتعاون للتخفيف من هذه الظاهرة .
وفي ذات المسار، أبرم الاتحاد الأوربي اتفاقية مع المغرب عالجت مسألة الهجرة غير الشرعية في القسم الخاص بالشراكة الاجتماعية والثقافية في المادة 69 فقرة 3 (أ- ب-ج) التي تتحدث عن الحوار من أجل ظروف العمال المهاجرين، والمشاكل المتعلقة بهم والأشخاص الموجودين بصفة غير قانونية وضمان عودتهم، والفقرة الأولى من المادة 71 التي حثت على ضرورة التعاون من أجل تخفيف جحافل المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المغرب نحو دول الاتحاد الأوروبي .
وعلى نفس النهج، تم عقد اتفاقية مع الجزائر والتي عالجت العديد من النقاط أهمها ما تناولته المادة 84 في مجال الوقاية ومحاربة الهجرة السرية من خلال التركيز على تبادل المعلومات حول الهجرة، وإعادة المهاجرين وتسهيل إجراءات ذلك.
وفي إطار سياسة الجوار الأورومتوسطي في شكله الثنائي، قامت إيطاليا بعقد اتفاقية مع ليبيا سنة 2000 حول موضوع الهجرة غير الشرعية باعتبارها من الدول المجاورة في جنوب المتوسط.وفي عامي 2003 و2004 اتسعت الشراكة الإيطالية الليبية لتشمل اتفاقية إعادة وتدريب ضباط الشرطة الليبية وحرس الحدود الليبي، وتمويل إيطالي لبرامج احتجاز وإعادة توطين المهاجرين غير النظاميين إلى ليبيا.
كما قامت إيطاليا بتمويل 50 رحلة مباشرة من ليبيا لترحيل آلاف المهاجرين السريين إلى بلدانهم الأصلية، وقدر عددهم بالضبط بـ 5688 شخص من مالي والنيجر وغانا ونيجيريا والسودان ومن جنسيات أخرى غير إفريقية .ومن جهة أخرى عقدت عدة لقاءات بين المسؤولين الأسبان ونظرائهم من المغرب، وتكرس هذا التعاون بالاتفاق على إحداث لجنة دائمة بين وزارتي الداخلية في البلدين تنعقد اجتماعاتها دوريا، وكان أول اجتماع لهذه اللجنة الدائمة المشتركة في 03 سبتمبر 2003 حيث تم الإعلان عن برنامج أمني بين قوات الأمن في البلدين عن طريق دوريات مشتركة في مجال مراقبة الحدود .
كما أبرمت الجزائر اتفاق بينها وبين إيطاليا في 22 نوفمبر 1999 يتضمن محاربة الإرهاب، والإجرام المنظم والاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والهجرة غير الشرعية، وتم التأكيد في الفقرة د من المادة الأولى على ضرورة تبادل المعلومات حول تدفق الهجرة غير الشرعية، وكذا المنظمات الإجرامية التي تساعدها والممرات التي تسلكها، والمساعدات المتبادلة والتعاون في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية .
الجزء الثاني:
على المستوي الوطنيو تتمثل في سن القوانين للحد من الهجرة السرية )الفقرة الأولى ( و اعتماد مقاربة أمنية )الفقرة الثانية(الفقرة الأولى : سن القوانين للحد من الهجرة غير الشرعية
1ـ الضوابط القانونية لدخول وإقامة الأجانب في تونس: لقد نص القانون عدد 7 لسنة 1968 المؤرخ في 8 مارس 1968 المتعلق بحالة الأجانب بالبلاد التونسية انه لا يمكن الدخول إلى تراب البلاد التونسية أو الخروج منه إلا من نقط الحدود التي يقع تعيينها بقرار من كاتب الدولة للداخلية.
ويجب على كل أجنبي يحل بالبلاد التونسية أن يستظهر بجواز سفر قومي ساري المفعول أو وثيقة سفر تسمح لحاملها بالرجوع إلى البلاد التي أصدرتها ومؤشر عليهما من طرف السلط القنصلية التونسية.و يجب على كل شخص يأوي أجنبيا بأية صفة كانت ولو بدون اجر أن يعلم بذلك مركز الشرطة أو الحرس الوطني التابع له محل إقامته في اجل لا يتجاوز الثمانية والأربعين ساعة بالنسبة للعمومويعاقب بالسجن من شهر إلى سنة وبخطية تتراوح بين ستة دنانير ومائة وعشرين دينارا الأجنبي الذي يدخل البلاد التونسية أو يخرج منها بطريقة غير شرعية.
ويعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين شهر وسنة وبخطية تتراوح بين ستة دنانير ومائة وعشرين دينارا الشخص الذي يعتمد إعانة أجنبي بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو يحاول تسهيل دخوله إلى البلاد التونسية أو خروجه منها أو جولان أو إقامته بها بصفة غير شرعية.
ويعاقب بالسجن من يوم إلى خمسة عشر يوما وبخطية تتراوح بين دينار واحد وستة دنانير الشخص الذي يعتمد عدم الإعلام عن إيواء أجنبي.2-تجريم الهجرة غير الشرعية: القانون عدد 40 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر؟ينص الفصل 35 من القانون على أن كل تونسي يتعمد مغادرة التراب التونسي أو الدخول إليه بدون وثيقة سفر رسمية يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 15 يوما وستة أشهر وبخطية تتراوح مـن 30 إلى 120 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي صورة العود يمكن عقاب المخالف بضعف العقوبة.و ينص الفصل 38 على انه يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها ثمانية آلاف دينار كل من أرشد أو دبّر أو سهّل أو ساعد أو توسّط أو نظّم بأيّ وسيلة كانت، ولو دون مقابل، دخول شخص إلى التراب التونسي أو مغادرته خلسة سواء تمّ ذلك برا أو بحرا أو جوّا، من نقاط العبور أو من غيرها.والمحاولة موجبة للعقاب وكذلك الأعمال المعدة مباشرة لارتكاب الجريمة.
و ينص الفصل 39 على انه يعاقب بالسجن مدة أربعة أعوام وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار كل من تولى إيواء الأشخاص الداخلين أو المغادرين للتراب التونسي خلسة أو مرتكبي الجرائم المنصوص عليها بهذا الباب أو خصص مكانا لإيوائهم أو أخفاهم أو عمل على ضمان فرارهم أو عدم التوصل إلى الكشف عنهم أو عدم عقابهم.
ويعاقب بنفس العقوبة المنصوص عليها بالفقرة المتقدمة كل من وفر وسيلة نقل مهما كان نوعها بهدف ارتكاب الجرائم المقررة بهذا الباب أو المساعدة على ارتكابها.و نص الفصل 40 على انه يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها اثنا عشر ألف دينار كل من تعمد نقل شخص أو أشخاص لغاية إدخالهم إلى التراب التونسي أو إخراجهم منه خلسة مهما كانت الوسيلة المستعملة.
و نص الفصل 41 على انه يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام وبخطية قدرها عشرون ألف دينار كل من شارك في وفاق أو كوّن تنظيما يهدف إلى إعداد أو تحضير أو ارتكاب الأفعال المذكورة بالفصول 38 و39 و40 أو أداره أو انخرط فيه أو تعاون معه أو ساعده بأي طريقة كانت سواء كان ذلك داخل البلاد أو خارجها.
و ينص الفصل 42 على انه يكون العقاب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها ثلاثون ألف دينار إذا ارتكبت الجرائم المنصـــوص عليهـــا بالفصــول 38 و39 و40 في إطار تنظيم أو وفاق.
و نص الفصل 43 على انه يكون العقاب بالسجن مدة اثني عشر عاما وبخطية قدرها أربعون ألف دينــار إذا ارتكبــت الجرائــم المذكــورة بالفصــول 38 و39 و40 و41 و42:ممن عُهد إليه بحراسة الحدود أو نقاط العبور أو الموانئ بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو بمراقبتها،ممن عَهد إليه القانون مهمة معاينة هذه الجرائم وزجر مرتكبيها،من أعوان قوات الأمن الداخلي أو من أعوان القوات العسكرية أو أعوان الديوانة،ممن استغل صفته أو النفوذ الممنوح له بحكم وظيفته أو عمله،ضد طفل أو باستخدامه.
الفقرة الثانية: المقاربة الأمنيةنظرا لما يثيره موضوع الهجرة غير الشرعية من مشاكل فان أغلب الدول ركزت على الجانب الأمني كوسيلة لوضع حد لهذه المعضلة الخطيرة .زقد سعت تونس إلى تامين حدودها اليرية و البحرية و ذلك بتشديد الحراسة و نشر قوات الحرس البحري على كامل السواحل و تزويدهم بالسفن و المعدات المتطورة لمكافحة ظاهرة الهجرة السرية.
لكن من الثابت أن المقاربة الأمنية ليست الحل المناسب للقضاء على ظاهرة الهجرة غير المنظمة، فتونس ليست ” الحارس الأمين ” لأوروبا بقدر ما هي شريك معها في أزمة عالمية تجابهها كل الدول في العالم.خلاصة القول أن ظاهرة الهجرة السرية ليست مسألة ظرفية بل باتت مكونا هيكليا ما زالت الآليات المستخدمة لحد الساعة غير قادرة على مكافحتها سواء على دول المنبع أو الدول المستقبلة.
وفي ذات الإطار، يمكن اقتراح بعض الحلول التي قد تساهم في تقليص مشاكلها وتواجهها بشكل فعال:- مقاربة تنموية تعتمد على الاستثمار في المناطق المصدرة للمهاجرين غير النظاميين،
– التركيز على معرفة المهربين وتسليط اشد العقوبات عليهم،- الاهتمام بالجانب الاجتماعي والقضاء على مظاهر الفقر والحرمان خاصة بالنسبة للطبقة المهمشة،- التأكيد على مبدأ المسؤولية المشتركة والحوار بين الدول المعنية بالهجرة ، والتأكيد على ضرورة التعاون الثنائي والإقليمي، وتفعيل مجالات التعاون الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لتقليص الفجوة،
– الاستفادة من شبكة المعلومات في الكشف عن إبعاد الجريمة المنظمة ،- إطلاق مبادرات مشتركة بين دول الجوار لمراقبة الحدود المشتركة وتبادل المعلومات في كل المسائل ذات العلاقة بالهجرة غير الشرعية .