سائقة عادية وصوت مؤيد لها

في كوريا الاشتراكية، يشارك الكادحون البسطاء بحرية في انتخابات أجهزة السلطة،
إذ أن لجميعهم الحق في الانتخاب والترشيح، دونما اعتبار للمهنة والملكية ومستوى الثقافة
وغيرها.
من المعروف أن انتخابات نواب مجالس الشعب المحلية أيضا تجري في هذا البلد وسط
الاهتمام الكبير لكافة أبناء الشعب، شأنها في ذلك شأن انتخابات نواب مجلس الشعب
الأعلى.
في يوم الأحد الواقع في 19/7 /2015، حين أجريت انتخابات نواب مجالس الشعب
للمحافظات والمدن والأقضية، تم اختيار السائقة هو ميونغ كوم في مؤسسة ريونموت
لحافلات الترولي الكهربائية كمرشحة نائب مجلس الشعب في مدينة بيونغ يانغ في المركز
الفرعي رقم 102 للدائرة رقم 107 لانتخاب نواب مجلس الشعب في هذه المدينة.
إنها عاملة عادية يمكن رؤيتها في كل مكان من هذا البلد وهي تخدم سائقة للحافلة
الكهربائية منذ 30 عاما بعد تخرجها من المدرسة الثانوية. كما أن زوجها تشواي هونغ كي
أيضا يعمل كسائق متناوب في الحافلة نفسها على ما يقال. تصل المسافة التي قطعاها
بالحافلة حتى الآن إلى ما يقرب من مليوني كيلومتر.
كانت هو ميونغ كوم تحب مهنتها كسائقة الحافلة الكهربائية مع كونها امرأة. أكثر ما
يجعلها تفضل هذه المهنة هو الاعتزاز الفريد بكونها سائقة تضمن تسهيلات سكان العاصمة
في المواصلات. لذلك، لم تسترح عن تسيير الحافلة بسرور على الطريق ما بين محطة بيونغ
يانغ للسكك الحديدية وحارة ريونموت، غير عابئة بهطول الأمطار والثلوج.
إلا أنها أيضا اضطرت إلى اجتياز الفترة الصعبة في أواخر تسعينات القرن الماضي،
حين كانت البلاد تقوم بالمسيرة الشاقة من جراء العقوبات وممارسات الحصار المنقطعة
النظير من القوى المعادية والكوارث الطبيعية المتتالية.
لم تستطع حتى الحافلات الكهربائية أن تسير كما ينبغي لعدم توفير الكهرباء. بيد أنها
لم تفارق قط الحافلة الكهربائية. كانت مؤسسة حافلات الترولي الكهربائية، بالنسبة لها، موقع
عمل عزيز أسندته البلاد لها، أما سائقة الحافلة الكهربائية فهي وظيفة منحتها البلاد لها.
2
فقد سعت جاهدة لتأدية مهامها بمزيد من الإخلاص موطدة عزمها البدائي.
في الواقع، لم يكن أمرا سهلا على الإطلاق أن تعمل طوال 30 عاما بدون العطلة تقريبا
على مدار السنة بكونها امرأة.
إلا أنها شعرت بالوجاهة والفخر بمهنتها إلى أقصى درجة، فيما هي ترى كل يوم
الملامح المشرقة لراكبي الحافلة والنازلين منها والمظاهر الجديدة للشوارع المتغيرة
يوما بعد يوم.
هكذا، بذلت جهودها المخلصة في موقع عملها وفي تسيير الحافلة بلا حوادث على امتداد
حوالي مليوني كيلومتر بدافع من ضميرها الطاهر وروحها الوطنية الخالصة، غير مبالية بما
إذا كان الآخرون يقدرونها أم لا، حتى أثارت إعجاب ودهشة الجميع.
لذا، تم اختيارها كمرشحة نائب مجلس الشعب في مدينة بيونغ يانغ.
في يوم الانتخاب، جاء رئيس شؤون الدولة كيم جونغ وون إلى مركز الانتخاب. بعد أن
هنأها بترشيحها نائبة، ألهمها وشجعها على إتقان العمل بشكل أكبر بصفتها ممثلة للشعب
على نحو لا يختلف في شيء عن توقعات الشعب، قائلا إنها عملت في المهنة الواحدة لمدة
طويلة من الزمن، نظرا لأنها تخدم سائقة للحافلة الكهربائية خلال 30 عاما منذ فترة الفتاة.
تناول رئيس شؤون الدولة ورقة الانتخاب من رئيس لجنة الانتخابات، وأدلى بصوته
على جانبها، ثم أمسك بيدها برفق، معربا عن ثقته مجددا بأنها ستقوم بمزيد من الأعمال
جديرة بممثلة الشعب.
لن تأتي هذه القصة المؤثرة إلا في عالم الشعب العامل الذي يدعم سلطته بيديه، في بلد
الشعب الذي يكون فيه الشعب سيدا لكل الأشياء وتسخر كل الأشياء لخدمته.