أخبار العالم العربي

رصد سديم البحيرة من قصر الخرانة: نافذة على أعماق الكون

 

الاحساء
زهير بن جمعه الغزال

من قلب الصحراء الى أعماق السماء، وفي ليلة صافية تزينت فيها سماء الصحراء الأردنية بنجومها المتلألئة، تمكن فريق من المصورين الفلكيين من الجمعية الفلكية الأردنية ومركز الفلك الدولي من رصد وتصوير سديم البحيرة (Lagoon Nebula) من موقع قصر الخرانة التاريخي، الذي يبعد قرابة 60 كيلومترًا شرق العاصمة عمّان، تأتي هذه الصورة الايقونية في إطار جهود علمية وفلكية لاكتشاف جمال الكون من أرض الأردن وتعزيز السياحة الفلكية.
سديم البحيرة، الواقع في كوكبة القوس، هو سحابة هائلة من الغاز والغبار الكوني، تُعد واحدة من أبرز مناطق تشكل النجوم النشطة في مجرتنا. بفضل كتلة السديم العالية وتكاثف غازاته، تنشأ بداخله نجوم فتية تُشع طاقة عالية تؤين غاز الهيدروجين المحيط بها، مما يمنح السديم توهجه الوردي الساحر، ويجعل منه هدفًا مثاليًا لهواة التصوير الفلكي.
رُصد السديم على بعد 4100 سنة ضوئية من الأرض، وبقدر ظاهري يبلغ 4.6، وهو قابلًا للرؤية بالعين المجردة على شكل غيمة باهتة لكن في ظروف فلكية مثالية، وبفضل انخفاض مستوى التلوث الضوئي في الموقع، حيث ثم قياسه باستخدام أجهزة قياس التلوث الضوئي الدقيقة وكانت درجته حوالي 20.69، مما عززت الظروف المناسبة لالتقاط صور عالية الجودة للسديم وتفاصيله، وكذلك صورة سديم اخر يظهر في اعلى الصورة يسمى مسييه 20 ، او سديم تريفيد ، أي المقسم إلى ثلاثة اقسام ، وهو عبارة عن تجمع نجمي مفتوح وسديم إشعاعي، كما تتواجد فيه منطقة مظلمة في الوسط تقسم السديم إلى ثلاثة مناطق، كان سديم تريفيد موضوع دراسة أجراها علماء الفلك باستخدام تلسكوب هابل الفضائي عام 1997، مستخدمين مرشحات تعزل الانبعاثات من ذرات الهيدروجين، وذرات الكبريت المؤينة، وذرات الأكسجين المؤينة بشكل مزدوج.
قام برصد وتصوير السديم عمار السكجي، باستخدام التلسكوب المحوسب، فيما تولى أنس صوالحة وهيثم حمدي مهمة معالجة الصور، حيث تم تكديس ومعالجة مئات الصور لهذا السديم، حيث أظهر العمل المشترك تفاصيل دقيقة ومبهرة لبنية السديم وتدرجات ألوانه، مما أضاف بُعدًا جماليًا وعلميًا للمشهد.
يعكس هذا الرصد أهمية استغلال المواقع الطبيعية والاثارية والتاريخية في الأردن لأغراض علمية وفلكية وثقافية، ويعزز الفلك السياحي، حيث يلتقي الإرث الحضاري بالرصد الفلكي، في صورة توثق العلاقة بين الإنسان والكون عبر الزمان والمكان.
إن توثيق مثل هذه الظواهر من مواقع أردنية يسهم في تعزيز الوعي بأهمية علم الفلك، ويشجع الأجيال الجديدة على التفاعل مع السماء لقراءة أسرارها، واستلهام الدروس من اتساعها وعظمتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى