خطبة الجمعة من المسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور على الحذيفي، المسلمين بتقوى الله سبحانه، مؤكدًا أنها من أعظم أسباب الفوز بثواب الله تعالى، ونيل رضوانه، والنجاة من عذابه الأليم، مستشهدًا بقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال فضيلته: “أيها الناس أتعلمون أشد الساعات كربًا، وأعظم الساعات خوفًا ورعبًا، وأكثر الساعات قلقًا وهمًا وضيقًا وغمًا، إنها الساعة التي تزيغ عندها الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر، ويتزلزل كل عضو في الإنسان من أهوال ما يرى ويشاهد من الأمور العظام، وما يلاقي من الأحوال التي تتفطر منها الأجسام، إنها الساعة التي يُنصب فيها الصراط على متن جهنم، فليس بعد الصراط إلا الفوز العظيم، وأنواع النعيم الأبدي السرمدي ورضوان الله تعالى، فيا بشرى من اجتازه ونجا وياخسارة من زلت قدمه عن الصراط فهوى في جهنم وتردى، قال تعالى:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا).
وأوضح الدكتور الحذيفي، أن الدنيا سريعة الزوال، سريعة الانقضاء، فما أسرع طَيَّها وانتهاءها، فقد خلقها الله سبحانه وتعالى لأجلٍ محدود، وجعلها دار عمل، ثم يُجازى العبد على أعماله، مبينًا أن هذه الحياة الدنيا، من أولها إلى آخرها، ليست إلا كساعةٍ مقارنةً بأبدية الآخرة، فهي زائلة فانية، كما قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ).
وأشار فضيلته، إلى أن الأمم السابقة من عادٍ وثمود، وقومِ إبراهيم، وقومِ لوط، وأصحابِ مدين، والقرون الخالية وغيرهم، ممن أجروا الأنهار وغرسوا الأشجار وتمتعوا بأطيب الثمار وملكوا البحار، ونالوا كل ما أرادوا من الملذات والشهوات، قد قدموا على ربهم بأسوأ الأعمال وشر الآجال ولم ينجُ من الهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة إلا من عدل وآمن بالله ذي العزة والجلال، مبينًا أن ساعة الكرب -الذي لا يشبهه كرب- واقفةٌ أمام الناس جميعًا، لا مفرّ منها لأحد، مستشهدًا بقوله تعالى في الجسر المنصوب على متن جهنم: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا).
وأبان فضيلته، أن ساعة المرور على جسر جهنم كانت تملأ قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- خوفًا ورعبًا، وتملأ قلوب من جاء بعدهم ممن سار على نهجهم خوفًا من العذاب، ورجاءً من الله تعالى أن يمروا على هذا الصراط إلى الجنة برحمة الله تعالى، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ـ: “ما يبكيك” قلت: ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: “أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحدٌ أحدًا، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز” رواه أبو داوود.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الخطبة موصيًا المسلمين بالمسارعة إلى الخيرات، والاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومجانبة المحرمات، والحذر من الذنوب والمعاصي.