حرية التعبير

الدكتور جابر غنيمي
المقدمة:
تعتبر حرية التعبير حجر الأساس لبناء مجتمع ديمقراطي حر، وأحد اهم ُ مستلزمات الحكم الرشيد الذي يحقق التنمية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وبموجبها يتاح المجال للتفاعل وابداء وجهات النظر وطرح الأفكار ومناقشتها بشكل لا يعرض أصحابها او مصادرهم للخطر بمختلف اشكالها، سواء تـم التعبير بالكتابة في الصحف او ومواقع التواصل الاجتماعي والمجلات، أو بالصوت عبر الإذاعة، أو بالصوت والصورة عبر شاشات التلفزة و الشبكة العنكبوتية و وسائل التواصل الاجتماعي …
– مفهوم حرية التعبير:
1- حرية التعبير اصطلاحا:
– التعريف الاصطلاحي للحرية : يعرف جون لوك الحرية بأنها “الحق في فعل أي شيء تسمح به القوانين” ويقول “أن الإنسان يولد حرا كما يولد مزودا بالإرادة”.
في حين يعرف مونتسكيو الحرية أنها الحق فيما يسمح به القانون، والمواطن الذي يبيح لنفسه مالا يبيحه القانون لن يتمتع بالحرية لان باقي المواطنين سيكون لهيم نفس القوة .
للحرية معنيان: أولهما سلبي، والأخر إيجابي المعنى الأول السلبي فينصرف الى الحرية المطلقة المنزهة عن كل القيود، ويعني ذلك أن يفعل الإنسان كل ما يريد، وهذا المعنى للحرية يستحيل القبول به لأنه يؤدي الى الفوضى في المجتمع، فالحرية لا بد لها من ضوابط تضمن استقرار المجتمع.
أما المعنى الثاني أي الإيجابي فيتمثل في حرية الشخص في التعبير عن ذاته، وحتى تتوفر الحرية بهذا المعنى لا بد من تهيئة الأرضية المناسبة لممارستها من طرف الدولة و المتمثلة أساسا في النصوص القانونية التي تضمن ممارسة هذه الحرية و تحميه من جميع الانتهاكات التي قد تطاله فلا معنى للحديث عن الحرية إذا كان من السهل إهدارها .
– التعريف الاصطلاحي للتعبير: ويعني الإعراب والتبيين بالكلام أو بالكتابة، أو الإفصاح عما في النفس بأي وسيلة كانت .
والتعبير لغة يقصد به تفسير أو إعلان عما بنفس الإنسان، وذلك من خلال طرق عديدة فقد يكون التعبير بالكتابة أو بالإشارة على نحو يألفه التعامل بين الأشخاص.
وقد حدد المشرع طرق التعبير فيما يلي:
-القول: هو التعبير بالكلام سواء أكان جملا، أو عبارات كاملة.
– الكتابة: كل تعبير باللغة المدونة، سواء أكانت كلمات منسقة في شكل جمل تامة وذات معنى أو في شكل حروف متفرقة، ولكن تشكل في مجموعها معنى يفهمه القارئ دون عناء ويقيم مدلوله وهدفه لأول وهلة أو بعد إمعان النظر.
الإشارات: هي حركة جسدية تعبيرية تطرق نفسية الغير دون مساس بجسده، وهي أيضا حركات الجوارح، ويمكن تعريفها أيضا بأنها ما يؤمن به الشخص تعبيرا عن موقف معين يجري العرف عليه وعلى إعطائه معنا خاصا محددا.
فحرية التعبير هي حق كل فرد في اعتناق الآراء التي يريد دون مضايقة، وهي حقه في البحث عن المعلومات، والأفكار، وتلقيها، ونقلها إلى الآخرين بوسائل مختلفة، كما أنها حق المرء في قول ما يريد كيفما يريد، دون الإضرار بالآخرين، أو بسُمعتهم.
2- التعريف الفقهي لحرية التعبير: اختلف الفقه في ضبط تعريف دقيق لمصطلح حرية التعبير فنجد مثلا: الفقيه colliard albert-claude عرف حرية الرأي والتعبير بقوله: تحتوي حرية التعبير على معنيين مختلفين أنما اختلاف، ويؤديان الى نظامين متعارضين، وبذلك فحرية التعبير عن الرأي لا يمكن اعتبارها كذلك إذا ما بنيت عن فكرة التسلط الديني أو العقائدي، وبالتالي فهذه الحرية محددة او نسبية باعتبار أن حرية التعبير عن الرأي تعني حيازة رأي يحترم فيه رأي الآخرين” .
كما عرف archabault denis-jean الحق في حرية التعبير بقوله: الحق في حرية التعبير هو قاعدة شعبية مصونة في معظم الدساتير الدولية تقريبا، كحق عالمي للشعوب .
حاول بعض المفكرين العرب الوصول الى تعريف لحرية التعبير فنجد مثلا الأستاذ وهبة الزحيمي الذي عرف حرية التعبير كما يلي “حرية التعبير هي التعبير عن الحيوية البشرية و حيوية المجتمع، ولكنها لا تعني العصيان و التحريض عليه أو التضييق و عدم إعطاء الفرصة للآخرين و لا تعني كذلك الدفع إلى الانقلاب” .
أما الأستاذ الدكتور محمد الرحيمي فيعرفها بأنها “قدرة الإنسان على التعبير عن وجهة نظره بمختلف وسائل التعبير، وأن يبنوا رأيهم في سياسة الحاكم التي تعود بالنفع والخير عليهم ”
في حين نجد الأستاذة الدكتورة حميدة سمسم قد عرفت الحق في حرية التعبير بأنه “الحق في ألا يزعج الفرد عند التصريح بآرائه، وكذلك في حقه في الوصول دون اعتبار للحدود للحقائق والمعلومات والآراء بجميع وسائل التعبير” .
و حرية التعبير تقتضي الحديث عن نشأتها و مضمونها ( المبحث الأول) و أسسها القانونية ( المبحث الثاني)
المبحث الأول: نشأة ومضمون حرية التعبير:
في اطار دراسة حرية التعبير سنتعرض الى نشأتها (المطلب الأول) و صورها (المطلب الثاني)
المطلب الأول: نشأة حرية التعبير:
1- حرية التعبير في الشريعة الإسلامية:
أكد الدين الإسلامي على حرية التعبير باعتبار أنها فريضة على الحاكم والمحكوم معاً، فالحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشورى، وعن طريق تحقيق العدل والنظام القضائي المستقل، ونشر التعليم، وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش إذا مارستها، و المحكوم مطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين، ومن دون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خللا في المجتمع الإسلامي، فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية على حد سواء: “وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”.
أقر الإسلام بالتعددية، وأن الاختلاف بين البشر ليس أمرا طبيعيا فحسب، بل إيجابي، قال تعالى، «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، وحرية التعبير ليست حكرا على أحد دون أحد، لا للرجل دون المرأة، ولا للحر دون العبد، ولا لأي فئة دون فئة، «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر»، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أعمدة حرية التعبير في الإسلام، و كان الرسول صلى الله عليه و سلم والصحابة في عهد الخلافة يستمعون إلى آراء غيرهم من المسلمين وغير المسلمين، من الشيوخ والشباب أيضا، لكن هناك أيضا قيودا أخلاقية وقانونية في الدين الإسلامي تقيد حرية التعبير، أخلاقية مثل الغيبة والسخرية من الآخرين وكشف عيوبهم، وقانونية مثل إيذاء الآخرين وتكفير المسلم والافتراء عليه، وغيرها.
2- حرية التعبير في العصر الحديث:
ترجع بدايات المفهوم الحديث لحرية الرأي والتعبير إلى القرون الوسطى في المملكة المتحدة بعد الثورة التي أطاحت بالملك جيمس الثاني عام 1688 ونصبت الملك وليام الثالث والملكة ماري الثانية على العرش، وبعد سنة أصدر البرلمان البريطاني قانون «حرية الكلام في البرلمان».
و بعد عقود من الصراع في فرنسا أُعلن عن حقوق الإنسان والمواطن في فرنسا عام 1789 عقب الثورة الفرنسية الذي نص على أن حرية الرأي والتعبير جزء أساسي من حقوق المواطن.
وكانت هناك محاولات في الولايات المتحدة في نفس الفترة الزمنية لجعل حرية الرأي والتعبير حقا أساسيا إلا أن الولايات المتحدة لم تفلح في تطبيق ما جاء في دستورها لعامي 1776 و 1778 من حق حرية الرأي والتعبير حيث حذف هذا البند في عام 1798 واعتُبرت معارضة الحكومة الفدرالية جريمة يعاقب عليها القانون ولم تكن هناك مساواة في حقوق حرية التعبير بين السود والبيض.
ويُعتبر الفيلسوف جون ستيوارت ميل (1806 – 1873) من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان هذا الرأي غير أخلاقيا في نظر البعض إذ قال: «إذا كان كل البشر يمتلكون رأيًا واحدًا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفًا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة» . كان الحد الوحيد الذي وضعه ميل لحدود حرية التعبير هو ما أطلق عليه «إلحاق الضرر» بشخص آخر. ولا تزال هناك إلى اليوم جدل عن ماهية الضرر، فقد يختلف ما يعتبره الإنسان ضررًا لحق به من مجتمع إلى آخر.
المطلب الثاني: مضمون حرية التعبير:
نص الفصل 1 من مرسوم عدد 115 لسنة 2011 مؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر على ان ” يشمل الحق في حرية التعبير حرية تداول ونشر وتلقي الأخبار والآراء والأفكار مهما كان نوعها”، فلحرية التعيير عدة صور تتمثل في:
1- حرية الرأي: يقصد بحرية الرأي حرية الإنسان في تكوين رأيه، والتعبير عنه بالأسلوب الذي يراه مناسبا دون أن يكون خائفا من أن يعلم أحد بهذا الرأي، وعليه لا يحق لاحد أن يتعرض لصاحب الرأي أو يعنفه بسبب آرائه، فحرية الرأي هي روح الفكر الديمقراطي لأنها صوت ما يجول بخواطر الشعب وطبقاته المختلفة .
2- الحق في الوصول إلى المعلومة: يقصد بحرية المعلومات حق الإنسان في الحصول على المعلومات والأفكار من خلال مصادرها وتلقيها ونشرها. و أكدت المادة 80 من إعلان نيويورك أنه زيادة على حرية الرأي وحرية الإعلام هناك حق آخر هو الحق في البحث عن المعلومات والأفكار، والذي يعد حق معترف به ضمنيا من خلال كل الدساتير والمواثيق الدولية، باعتبار أن منع البحث عن المعلومة يؤدي بالنتيجة إلى مساس بحرية الرأي والتعبير، حتى و ان كانت حرية الإعلام، حرية متغيرة من حيث زمان ومكان ممارستها إلا أنها تتضمن مبدأ قاعديا هو مبدأ الإفصاح عن المعلومة.
3- حرية الاعلام: يتم تجسيد حرية الإعلام من خلال الصحافة، فحرية الصحافة تعني التمتع بحرية التعبير والرأي بديمقراطية، لكن بأدب لتفادي الظلم والإساءة إلى الآخرين وبذلك نكون احرارا دون أن تتسبب في فوضى بيننا وبين المجتمع .
وتتعدد وظائف الصحافة والخدمات التي تقدمها إلى جمهورها، إلا أن أهم وظيفة لها هي الإعلام، أي نقل الأخبار وطرحها والتعليق عليها، كما أن للصحفي دور في تمثيل أفراد المجتمع بالتعبير عن آرائهم، فهو يمتلك من القدرات الذهنية التي تمكنه من جمع المعلومات من مصادرها وطرحها وطرح رأيه وآراء الآخرين داخل العمل الصحفي.
المبحث الثاني: الأسس القانونية لحرية التعبير:
لحرية التعبير اسس في القانون الدولي (المطلب الاول) و في القانون التونسي (المطلب الثاني)
المطلب الأول: حرية التعبير في القانون الدولي:
كرّست العديد من المواثيق الدّولية حرّية الفرد أو المجموعة في التعبير عن آرائها وأفكارها دون قيد إلا تلك التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ، سواء على الصعيد العالمي ( الفرع الأول) او الإقليمي( الفرع الثاني)
الفرع الاول: على المستوى العالمي:
من اهم الوثائق الدولية الت تنص على حرية التعبير نذكر:
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الذي تبنّته الجمّعية العامة للأمم المتّحدة بتاريخ 10/12/1948 ونادت من خلاله بضرورة توطيد احترام الحقوق والحرّيات بين الشعوب وضمان الإعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية وفعّالة. ولقد حدّدت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكل شخص حق التمتّع بحرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الاخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
2- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: الذي اعتمدته الجمّعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/1/1966 ، حيث أكّدت المادة 19 منه على حق كل إنسان في اعتناق آراء دون مضايقة، ولكل إنسان الحق في حرّية التعبير. ويشمل هذا الحق حرّيته في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها، وإن ممارسة هذه الحقوق تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة، كما يجوز إخضاعها لبعض القيود شرط أن تكون محدّدة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصّحة العامة أو الآداب العامة.
3- اتّفاقيّة الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد: ابرمت تاريخ 31/10/2003 ، حيث نصّت المادة 13 منها على أن تتّخذ كلّ دولة طرف تدابير مناسبة، ضمن حدود إمكاناتها ووفقاً للمبادئ الأساسيّة لقانونها الداخلي لتشجيع أفراد وجماعات لا يتنمون إلى القطاع العام، مثل المجتمع الأهلي والمنظّمات غير الحكوميّة ومنظّمات المجتمع المحلّي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته ولإذكاء الناس فيما يتعلّق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثّله من خطر. وينبغي تدعيم هذه المشاركة بتدابير مثل احترام وتعزيز وحماية حريّة التماس المعلومات المتعلّقة بالفساد وتلقّيها ونشرها وتعميمها.
3- اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989: تنص المادة 12:”
1- تكفل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل، وتولى آراء الطفل الاعتبار الواجب وفقا لسن الطفل ونضجه.
2- ولهذا الغرض، تتاح للطفل، بوجه خاص، فرصة الاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمس الطفل، إما مباشرة، أو من خلال ممثل أو هيئة ملائمة، بطريقة تتفق مع القواعد الإجرائية للقانون الوطني.
و نصت المادة 13:”- يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل.”
4- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري لعام 1969: تكفل المادة 5 من الاتفاقية للمرأة الحق في التعبير.
5- القرارات الدولية: أكد القرار رقم 4-301 الذي اعتمدته منظمة اليونسكو خلال مؤتمرها العام سنة 1970 على الدور الفعال الذي تقوم به وسائل الاعلام الجماهيرية في توطيد التفاهم على المستوى الدولي و القضاء على كل اشكال الدعايات التي تحرض على الحرب و العنصرية و الكراهية وسط الشعوب.
و اشار القرار رقم 38/2000 الصادر عن لجنة حقوق الانسان في الدورة 56 الى ان القيود المفروضة على ممارسة الحق في حرية التعبير لا يجب ان تأخذ الامن القومي كذريعة غير مبررة لتقييد الحق.
6- الإعلانات الدولية: صدرت عدة اعلانات تؤكد على الحق في التعبير من اهمها اعلان بشان المبادئ الاساسية الخاصة بإسهام وسائل الاعلام في دعم السلام و التفاهم الدولي و تعزيز حقوق الانسان ومكافحة العنصرية و الفصل العنصري و التحريض على الحرب الصادر عن المؤتمر العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة في 28 نوفمبر 1978، و اعلان ويندهوك الخاص بالصحافة المستقلة عام 1991 ، و اعلان طهران لعام 1989…
الفرع الثاني: على المستوى الإقليمي:
كفلت الاتفاقيات الإقليمية الحق في التعبير:
1- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان: نصت على أن لكل فرد الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق تبني الآراء ونقل المعلومات والأفكار دون تدخل من قبل المصلحة العامة وبغض النظر عن الحدود .
2- الاتفاقية الأمريكية لحقوق الانسان: اكدت على مدى حرية الإنسان في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين ، حيث جاء في المادة 13″ أ- لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء شفاهة أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة يختارها.
ب- لا يجوز أن تخضع ممارسة الحق المنصوص عليه في الفقرة السابقة لرقابة مسبقة، بل يمكن أن تكون موضوعا لفرض مسؤولية لاحقة يحددها القانون صراحة وتكون ضرورية من أجل ضمان: -:
1- احترام حقوق الآخرين وحرياتهم وسمعتهم.
2- حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة”
3- الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان: تطرق لهذا الحق وقد عرفه كما يلي: هو حق كل فرد في التعبير ونشر أرائه وفقا للقانون.
4- الميثاق العربي لحقوق الإنسان: الصادر عن جامعة الدّول العربية الذي اعتمد بتاريخ 23/5/2004 نصّ على حرّية التعبير وتحديداً في المادة 32 منه التي أكّدت على أنه يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية. وتمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقوّمات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .
5- اعلان القاهرة لحقوق الانسان في الإسلام: نصت المادة 22 الفقرة (ا ) من الاعلام على الحق في حرية التعبير، “لكل إنسان الحق في التعبير بحرية عن رأيه بما ال يتعارض مع المبادئ الشرعية”.
المطلب الثاني: حرية التعبير في القانون التونسي:
كرس القانون التونسي حرية التعبير. فقد نص الفصل 37 من دستور25 جويلية 2025 على ان حريّة الرّأي والفكر والتّعبير والإعلام والنّشر مضمونة. ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات.
كما نص الفصل 1 من مرسوم عدد 115 لسنة 2011 مؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر على ان ” الحق في حرّية التعبير مضمون ويمارس وفقا لبنود العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبقية المواثيق الدولية ذات العلاقة المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية وأحكام هذا المرسوم.”.
الخاتمة:
حرية التعبير مكرسة دستوريا و قانونيا و لكنها ليست مطلقة، حيث ترد عليها بعض الضوابط، لكن يجب أن تكون في أضـيق الحـدود. فقد نص الفصل 55 من الدستور على انه لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور الاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني، أو الأمن العام ،أو الصحة العمومية ،أو حماية حقوق الغير ،أو الآداب العامة. ويجب ألاّ تمسّ هذه القيود بجوهر الحقـــوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وأن تكون مبرّرة بأهدافها ومتلائمة مع دواعيها.
كما نص الفصل الأول من مرسوم عدد 115 لسنة 2011 مؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر لا يمكن التقييد من حرّية التعبير إلا بمقتضى نص تشريعي وبشرط:
– أن تكون الغاية منه تحقيق مصلحة مشروعة تتمثل في احترام حقوق وكرامة الآخرين أو حفظ النظام العام أو حماية الدفاع والأمن الوطني.
– وأن تكون ضرورية ومتناسبة مع ما يلزم اتخاذه من إجراءات في مجتمع ديمقراطي ودون أن تمثل خطرا على جوهر الحق في حرية التعبير والإعلام.”
التوصيات:
في اطار ضمان حرية التعبير تقدم المقترحات التالية:
– فك القيود عن الحرية الإعلامية واعطاءها حقها ومكانتها اللائقة.
– ضرورة إعادة النظر في الكثير من المفاهيم التي تعيق الحماية القانونية لحرية التعبير كالنظام العام بجميع عناصره ( الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة والاخلاق والآداب العامة).
– عدم التوسع في القيود على حرية التعبير الا في حدود ما يقتضيه القانون والمصلحة المشروعة و الضرورة و التناسب.
– الغاء جميع القوانين التي تقوض الحق في حرية التعبير و الصحافة.
– تعزيز استقلابية و حياد وسائل الاعلام.
المراجع:
– باللغة العربية:
1- الكتب:
– أحمد بن محمد هلال، المواثيق والمعاهدات الدولية المختصة بحرية التعبير، مؤتمر الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومحكمات الشريعة، 21-19 مارس 2017 .
− أحمد سليم سعيفان، الحريات العامة وحقوق الإنسان، د راسة تاريخية وفلسفية وسياسية وقانونية مقارنة، الجزء الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، ،2010 .
-أحمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، دار الشروق، ط ، القاهرة مصر، ،2000
– الدليمي عبد الرزاق محمد، الإعلام الجديد والصحافة الإلكترونية، ط،8 دار وائل للنشر، عمان، 2011.
– أحمد أرسلان أنور، الحقوق والحريات العامة في عالم متغير، دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، 1993.
-أحمد حافظ نجم، حقوق الإنسان بين القرآن والإعلان، دار الفكر العربي، الكويت، (د.س.ن)، 2014.
-أمير موسى، حقوق الإنسان، مدخل إلى وعي حقوقي، ط،8 مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،1994 .
– حسن محمد هند، النظام القانوني لحرية التعبير(الصحافة والنشر)، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2005.
– ميلي حمود، حقوق الإنسان بين الوضعية والتشريعية والإسلامية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1995.
-خالد حسين حمدان، حرية الرأي في واقعنا المعاصر، كلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية، غزة، 2007.
– خالد مصطفى فهمي، حرية الرأي والتعبير في ضوء الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية والشريعة الإسلامية وجرائم الرأي والتعبير، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2009.
– عبد الحميد ليلى، الصحافة في الوطن العربي، العربي للنشر، عالم الكتب، القاهرة، 1990.
– عبد االله خليل، موسوعة تشريعات صحافة العربية وحرية التعبير، مركز القاهرة لدراسة حقوق الإنسان، القاهرة، 2000.
– مازن ليلو راضي وحيدر أدهم عبد الهادي، حقوق الإنسان وحرياته، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.
– موسى يعقوب عبد الحليم، حرية التعبير الصحافي في ظل الأنظمة السياسية العربية، ط8 ،دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان ،2003.
2- الرسائل و المذكرات الجامعية:
– الرسائل الجامعية:
– هاملي محمد، آليات إرساء دولة القانون في الجزائر، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بكر بلقايد – تلمسان، 2012-2011.
– طلحة نورة، حرية التعبير وقانون العقوبات، أطروحة دكتوراه تخصص القانون العام فرع القانون الجنائي، كلية الحقوق والعلوم الإنسانية، جامعة سيدي بلعباس،2018.
– المذكرات الجامعية:
– آية جمال حسن المغربي، ضوابط حرية التعبير عن الرأي في التشريع الفلسطيني والمواثيق الدولية، رسالة ماجستير في القانون العام، الجامعة الإسلامية، فلسطين،2016.
– رحال سهام، حدود الحق في حرية التعبير في القانون الدولي (حقوق الإنسان)، مذكرة لنيل شهادة الماجستير كلية الحقوق والعلوم الإدارية، جامعة باتنة، سنة 2011-2010.
3- المقالات:
– الجمال محمد محمود، “الحرية وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي”، ط،138،1، إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، قطر.
– بوطيب بن ناصر، وهبة العوادي، دراسة حول “الحماية الدستورية لحرية التعبير في الدول المغاربية: دراسة حالة تونس، الجزائر، المغرب، مجلة المستقبل العربي، العدد ،446 أفريل ،.2016 .
– الحافظ النويني، حقي الحركات الاجتماعية في الاحتجاج والتظاهر السلمي في المغرب، المجلة الجزائرية للامن الإنساني، جامعة باتنة، المجلد ،4 العدد ،1 جانفي ، الجزائر، 2019 .
– دايم بلقاسم، حرية التعبير والنظام العام، مجلة الحقوق والحريات، مخبر حقوق الإنسان والحريات الأساسية، العدد ،1 جامعة أبي بكر بلقايد، تلمسان، 2014 .
– صالح عبد الرزاق فالح الخوالدة، أثر الحراك الشعبي العربي على الإصلاح السياسي في الأردن ، جامعة خنشلة، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، العدد ،05 الجزائر، جانفي 2016.
– صادق شعبان، “الحقوق السياسية للإنسان في الدساتير العربية”، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية العدد،106 ،1987.
باللغة الفرنسية:
1-Ouvrages:
– Mohamed BEJAOUI : « Aspects internationaux de la constitution Algérienne », Annuaire Français du Droit International 1977, Volume 23.
– JEAN Denis Albertcollard, le droit a la liberté publique ,4eme édition, France Dalloz 1972.
-Rochet Jean André panille, Liberté publique, droit de l’homme, 13éme, édition, Dalloz, Paris, 1999.
-Dominique Renou, Denis Mechel, Dictionnaire destermes politique,paris ,de vecchi ,2006.
2-Articles :
MORANGE Jean: « La protection constitutionnelle et civile de la liberté d’expression-études et droit contemporain- », Revue Internationale de Droit Compare, vol 42 n°2 avril-juin 1990, Paris.