إقتصاد عالمي

تقطعات التيار الكهربائي في الصناعات؛ هل الحل الأبسط هو الحل الأفضل؟

محمد نظيفي، يكتب –

بغية ترشيد السيولة إلى القنوات الرسمية والسيطرة على عواقب ارتفاع التضخم جرى عام 2012، إدخال الودائع بالعملة الأجنبية في النظام المصرفي للبلاد كحل للحفاظ على قيمة أصول المواطنين.

فقد اقدم الكثير من المواطنين، الذين يثقون بأمن ومصداقية النظام المصرفي، على ايداع عملاتهم الأجنبية في البنوك، ولكن في المقابل، بدلاً من الحصول على استرداد العملة الأجنبية، حصلوا على تسوية بالريال بأسعار إلزامية وتبريرات غير مقبولة. وكانت النتيجة هي تثبيط عزيمة المودعين وتآكل ثقة الجمهور في واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية في البلاد.

اليوم عقب مرور أكثر من عقد من الزمان، باتت هذه التجربة المريرة واحدة من العقبات الخطيرة التي تحول دون جذب موارد النقد الأجنبي إلى النظام المصرفي. في حين لو تم إعطاء الأولوية للالتزام بالتعهدات في ذلك الوقت، لكنا شهدنا تدفقاً هائلاً لموارد النقد الأجنبي إلى البنوك وتمويل مشاريع التنمية.

في الواقع يمكن ان نقول ان الأضرار المذكورة أعلاه لحقت باقتصاد البلاد ليس فقط بسبب العقوبات، ولكن أيضًا بسبب الافتقار إلى الأخلاق المهنية وانتهاكات العقود الرسمية والمبادئ الاقتصادية الواضحة. اليوم، في عام 1404، أصبح سوق الطاقة في البلاد أحد القطاعات الاقتصادية المتنامية في بورصة الطاقة الإيرانية. سوق يعتمد على الالتزام والشفافية في معاملات الكهرباء والغاز والمياه، ويمكن أن يكون بمثابة استجابة عملية وتشغيلية للتحديات التي تواجهها البلاد في قطاع الطاقة. ومع اقتراب فصل الصيف وزيادة الاستهلاك، فإن النهجين يتعارضان مرة أخرى مع بعضهما البعض.

المسار الأول هو الميل إلى انتهاك الالتزامات في أوقات الأزمات وتجاهل العقود الموقعة مع الصناعات. وجهة نظر تسعى إلى البقاء في الأزمات وتستخدم لغة غير اقتصادية لتبرير قطع الكهرباء عن الصناعات. ويؤدي هذا النهج إلى تثبيط عزيمة المستثمرين الذين دخلوا سوق الطاقة بثقة في الآلية الرسمية للبلاد، ويضر بهم. وبعبارة أخرى، فإن هذا النهج يكافئ فعليا عدم الثقة.

في حين يرتكز النهج الثاني على الالتزام بالعقود واحترام الالتزامات القانونية. ويبعث هذا النهج الطمأنينة لدى منتجي الطاقة، ويشجع الاستثمار، ويثبت أن الثقة في الآليات الرسمية للبلاد لن تظل دون رد. إن تعزيز هذه الرؤية من شأنه أن يؤدي إلى تطوير البنية التحتية، وتحسين الاستهلاك، والازدهار الاقتصادي. وفي عام يتسم بـ “الاستثمار من أجل الإنتاج”، فإن تقويض ثقة المستثمرين في السوق الرسمية سيكون له عواقب وخيمة وطويلة الأمد. وعلى العكس من ذلك، فإن اختيار المسار الأخلاقي والقانوني والالتزامي من شأنه أن يمهد الطريق للتنمية المستدامة لسوق الطاقة في البلاد.

وتتمحور مجالس إدارة بورصة الطاقة الإيرانية خول ساحة شفافة وقابلة للملاحظة فيما يتعلق بالالتزامات الرسمية تجاه الجمهور والمستثمرين. ولا تتمتع هذه الأسواق بالقدرة على التطور فحسب، بل تعتبر أيضًا وسيلة لتبرير مشاريع صناعة الطاقة اقتصاديًا؛ بشرط أن يظل الدعم غير المشروط للالتزامات الرسمية والقانونية مدرجا على جدول أعمال صناع السياسات.

في ختام الكلام، وعشية اتخاذ القرار بالتغلب على الأزمة المحتملة في الصيف المقبل، يبرز سؤال رئيسي: أي نهج سنختار؟ الالتزام والشرعية لصالح الاستثمار في التنمية أم اختيار الحل الأسهل والأكثر تكلفة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى