الأخبارسياسة

بيان حزب النهج الشيوعي

25 جويلية و امكانات استنهاض المسار الثوري تعيش بلادنا منذ 25 جويلية 2021 منعرجا سياسيًّا هامًّا،

قد يكون الأهم منذ إنتفاضة ديسمبر جانفي 2011، و ذلك على إثر إتخاذ رئيس الجمهورية لجملة من الاجراءات الإستثنائيّة المتعلقة بتجميد عمل البرلمان و رفع الحصانة عن جميع النواب و إعفاء رئيس الحكومة.

بعيدا عن الجدل القانوني حول الفصل الدّستوري الذي تمّ الإستناد إليه، و حول الصَّلاحيات التي يمنحها دستور 2014 لرئيس الجمهورية، وجب التأكيد على أن خروج بنات و أبناء شعبنا يوم 25 جويلية كان تعبيرا عميقا عن الصِّراع بين مسارين شهدتهما بلادنا طيلة العشريَّة الفارطة: الأوّل هو مسار ما سمي زورا بالانتقال الديمقراطي و الذي إنحصر جلّه في تسويات و ترتيبات و توافقات للالتفاف على شعارات 17 ديسمبر /14 جانفي و مطالبها، و المسار الثاني و هو مسار التمسك بهاته الشعارات و الدفاع عنها و النّضال من أجل وطن حر كامل السيادة و شعب سعيد . و قد راكم هذا المسار سلسلة طويلة من الهبَّات الشعبيّة و التّضحيات و قدم الشهيدات و الشهداء و الجرحى. كان إنتخاب قيس سعيد لرئاسة الجمهورية سنة 2019 تعبيرا شعبيا على فقدان ثقة الناخبين في مسار الالتفاف من خلال صناديق الاقتراع، تعبيرا أكَّدنا على ضرورة التفاعل معه بما يمكِّننا من إستنهاض المسار الثَّوري في بلادنا،

و ينهي هذه المرحلة التي دامت لعشر سنوات مثبِّتًا منها مكسب الحقوق و الحرّيات.

لم تتوقّف الإحتجاجات الشعبيّة المنادية بالشغل و الحرية و الكرامة، و في الاونه الاخيرة صارت مرتبطة في أكثر من محطة بمطلب حل البرلمان و محاسبة منظومة الانتقال الديمقراطي حيث إنكشف الوجهي الرّجعي القبيح لبرلمان 2019،

و صار عبئا ثقيلا على هذا الشعب، كما إنكشفت إرتباطات الائتلاف الحاكم بمافيات المال و بالدوائر الامبريالية و بالجماعات الإرهابيَّة، و تعمَّقت معاناة شعبنا مع تفشِّي وباء كورونا الذي إستصطدم بحقيقة تخلّي الدّولة عنه في مواجهة المرض و الموت إرضاء للدوائر المالية العالمية من خلال سياسات التقشف و الخوصصة و إرضاء لبرجوازيّة محلّية عميلة متمكِّنة من مفاصل الدولة همُّها مراكمة الثروة رغم كل الظروف و مهما كان حجم البؤس و الموت الذي تزرعه في بلادنا. لم تكن الهبة الشعبية المطالبة بحل البرلمان الأولى من نوعها طيلة الأشهر الماضية لكنّها كانت الأكثر زخما و قدرة على التعبئة رغم غياب البرنامج و القيادات، و جاءت الاستجابة من رئيس الجمهورية لمطلب هذه الهبَّة و ما سبقها من الاحتجاجات و النضالات.

إن حزبنا، حزب النهج الشيوعي، الذي تأسس في زخم الأشهر الاخيرة من روافد مختلفة من الحركة الشيوعية في بلادنا، و هو يصدر أولى بياناته، يهمُّه أن يتوجَّه إلى كلّ رفيقاتنا و رفاقنا في مختلف التَّشكيلات السياسيَّة الثَّورية و اليساريَّة و التقدميَّة و إلى عموم شعبنا بما يلي : ـ إنّ ما أقدم عليه رئيس الجمهورية يمثل إستجابة جزئيّة و هشّة لتطلعات الشعب تتطلب منا أقصى درجات اليقظة و التعبئة من أجل فتح أفق جديد للنضال الثوري التحرري في بلادنا ـ إن الخطر الداهم الذي يتراءى لنا اليوم هو العودة الى ما قبل 25 جويلية 2021 سواء من خلال إستقواء حركة النهضة بقوى إقليمية و دولية تفرض أجندتها عبر المؤسسات الماليّة العالميّة أو من خلال دعوات الجلوس إلى طاولة حوار يكون مطيَّة للافلات من المحاسبة و للمشاركة في السلطة خلال المرحلة القادمة. ـ

إن التمسك بهامش الحريات العامة و الفردية التى عُمِّدت بدماء شهيداتنا و شهدائنا طيلة عقود من النضال ضد الاستبداد قضية مبدئية لا جدال فيها بالنسبة لنا، و لكننا نعتبر أن الحديث عن ضرورة إنهاء الاجراءات الاستثنائيَّة في أجل اقصاه ثلاثين يوما يمكن ان يمثل في سياقنا الحالي طوق نجاة للائتلاف الحاكم و على رأسه حركة النهضة و جرعة أوكسيجين لنظام أنهك ابناء و بنات شعبنا لأننا لا نتوهم إمكانية تفكيك و لو جزئي لمنظومة الحكم القائمة منذ عشر سنوات في غضون شهر.

إننا و بناء على قراءتنا هذه و إدراكا منَّا لواقع القوى اليساريَّة و التقدميّة في بلادنا نطرح كمهمة عاجلة الشروع في بناء شبكة مدنية و سياسية تحصِن مسار ما بعد 25 جويلية و تستنهض المسار التحرري في بلادنا على قاعدة المبادئ التالية :

*أولا : الدفع من أجل محاسبة كل من تورط في منظومة التفقير و الاذلال طيلة العشر سنوات الفارطة، و ذلك بالاستناد أساسا على تقرير دائرة المحاسبات المتعلق بالجرائم الانتخابية، الذي نعتقد أنه مخرج قانوني لحل البرلمان، وعلى ملف الاغتيالات السياسية و الجهاز السري و قضايا التسفير، و على كل الدعاوى المرفوعة ضد كل من يتستّر بحصانة سواء من أعضاء مجلس النواب المجمّد أو غيرهم.

*ثانيا في ما يخص السلطة التنفيذية : المطالبة بحكومة برنامج إنقاذ تترأَّسها شخصيّة بعيدة عن دوائر المال و لم تتورّط في منظومة الحكم طيلة العشر سنوات الفارطة و يتكثف برنامجها في: ـ تشكيل لجنة مشتركة بين الصحة العسكرية و الصحة المدنية تسخر لها كل الامكانات البشرية و اللوجستية في القطاعين العام و الخاص لاستكمال الحرب على الوباء . ـ تجميد اسعار المواد الاساسية و النقل و السكن . ـ تجميد سداد الديون الداخلية و فتح ملف التدقيق في الديون الخارجية و غي المالية العمومية . ـ سن ضريية استثنائية على الثروات الكبرى و الشركات الرابحة و التقدم في استرجاع الاموال المنهوبة

* ثالثا حول الأفق العام و خريطة الطريق: تشكيل مجلس وطني شعبي للانقاذ يتكوّن من المنظمات و الأحزاب الوطنيَّة التي لم تكن محدّدة في سياسات الحكم طيلة العشر سنوات الفارطة إضافة إلى التَّشكيلات و الفعاليَّات الشبابيَّة و الشعبيَّة التي ناضلت من أجل تصحيح المسار الذي فُرِض على البلاد من قبل التَّحالف الرّجعي الذي حكمها، و يطرح على جدول أعماله قضايا النظام السياسي و المديونية و أنماط و علاقات الانتاج و تحرير العمل و يقترح خارطة طريق على المدى المتوسط تنتهي باجراء انتخابات وفق الشروط الجديدة . عاشت نضالات شعبنا من أجل التحرر الوطني و البناء الاشتراكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى