العراق والملف الكويتي

رافع عبد الجبار القبطان
أصدر مجلس الأمن بالاجماع في جلسته المنعقدة يوم الأربعاء 17 أيلول 2025 قراره المرقم (2792) في استمرار متابعة مجلس الأمن لملف الأسرى والمفقودين الكويتيين، والممتلكات والأرشيف الكويتي، وذلك بعد انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “UNAMI” من خلال تعيين ممثل رفيع المستوى للأمين العام للأمم المتحدة لمدة خمس سنوات حتى عام 2030.
هذا يُدلّل على ان هناك نشاط كويتي دبلوماسي عالي المستوى بالتأثير على أعضاء مجلس الأمن في التصويت وإصدار القرار المذكور.
ولا أعرف إلى متى السياسة الخارجية العراقية تبقى تجامل الدول الأخرى على حساب مصلحتها في كافة الملفات العالقة، ولا ننسى آخرها عدم إيداع خارطة المجالات البحرية لدى الأمم المتحدة الذي يُثبت حق العراق في مياهه الاقليمية في خور عبد الله وأمام شبه جزيرة الفاو.
هذه السياسة ستجعل العراق ضعيفاً خاضعاً وتابعاً لأمزجة الدول ذات العلاقة بما فيها ايران وتركيا والأردن، العراق يمتلك ملفات قوية اتجاه هذه الدول أهمها الملف الاقتصادي الذي من الممكن استثماره بما يخدم العراق خاصة والدول المذكورة تعتمد في كثير من اقتصادها على العراق الذي من تداعياته عدم استخدامه في ملف المياه الذي يعاني العراق منه الآن.
فإن العلاقات الدولية تفرض إما بالقوة أو بالمصالح، والعراق يمتلك الملف والعامل الاقتصادي الذي من الممكن اللعب بهذه الورقة، ولكن للأسف العراق للآن يجامل ناهيك عن عدم وجود حراك دبلوماسي جاد ذات خارطة طريق للسياسة الخارجية التي للآن شبه مفقودة، أو بمعنى أدق فاقدة للهوية.
والأدهى من ذلك عندما تدخل لموقع وزارة الخارجية العراقية في أي موقع اعلامي تجد أخبارها (استقبل واستلم) وكأن قرار مجلس الأمن (2792) يخص دولة أخرى، دون أن تُبدي تعليقاً أو تحفظاً وتُطلّع الرأي العام عليه، ولتضغط على مجلس الأمن من خلال تفعيل ورقة الرأي العام التي نراها ضاغطة في كثير من القضايا منها ما يحدث في غزة أصبح الكيان الصهيوني بمعزل عن المجتمع الدولي حتى وصل لإصدار مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق قادة الكيان نتن ياهو وبن غور نتيجة ضغط الرأي العام، في حين وزارة الخارجية الكويتية تصدر بيان تُرحب به بالقرار الصادر المعني عن مجلس الأمن، وكذلك الصحافة الكويتية وكأنها حققت نصراً.
الكويت لا زال تُريد من هذا الملف بسمار جحا دون أن يصير الى رغبة لاتفاق لانهاء هذا الملف، ولبناء علاقات جيدة مبنية على حسن الجوار، ولتُبدي صفحة جديدة بعد احتلال الكويت عام 1991 الذي دفع ثمنه العراق أكثر من الكويت التي لا زالت آثاره لليوم نتيجة السياسة العدوانية الرعناء للنظام السابق، علماً ان الكويت لم تُحدد للآن ما هي الوثائق المطلوبة، وما هي الممتلكات بالتحديد، بل ترفُض أن يشارك أحد بالبحث عن رفات المفقودين داخل الأراضي الكويتية المتوقع عدد منهم هناك.
وزارة الخارجية يُراد لها أن تحمل بصمة عراقية خالصة تبحث عن مصالحه فقط دون مصالح الأحزاب والشخصيات التي تربطهم علاقة بهذا الطرف أو ذاك. آن للعراق أن يفرض نفسه كنظام سياسي جديد يحمل رسالة بأنه عراق جديد يرغب في إقامة أحسن العلاقات مع المجتمع الدولي بلا استثناء هدفه وغايته مصلحة العراق أولاً وأخيراً.