أخبار عالمية

التعاون الأمنى بين بلدان جنوب – جنوب مع الصين فى ملف غزة بالأمم المتحدة

قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏‏شعر أشقر‏، و‏ابتسام‏‏‏ و‏تحتوي على النص '‏‎Infinix InfinixNOTE10 NOTE‎‏'‏‏

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى
الخبيرة المصرية فى الشئون السياسية الصينية وسياسات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين والشئون الآسيوية – أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف
بدأت القضايا الأمنية تصبح جزءاً من التعاون بين بلدان الجنوب بدعم من الصين. وبصفتي خبيرة فى السياسة الصينية وسياسات الحزب الشيوعى الصيني، أعتقد أن التعاون الأمنى سيأخذ أجندة التعاون بين بلدان الجنوب تحت الإشراف الصينى إلى مستوى عالٍ من التعاون فى الأيام المقبلة. ولا سيما أنه يجب رسم خط فاصل بين “التضامن” و”عدم التدخل” كما تدعو الصين.
التعاون الأمني بين بلدان الجنوب بدعم من الصين خلال الإحتفال العالمى فى مقر الأمم المتحدة بيوم الجنوب العالمى فى ١٢ سبتمبر ٢٠٢٥، والذى يتماشى مع الإعلان الرسمى للصين عن إنضمامها إلى “إعلان نيويورك” بشأن حل الدولتين، مؤكدةً أنه يتماشى مع موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، ويُعرّف بأنه نهج تعاونى يجمع الدول النامية على أساس الإحترام المتبادل والأهداف المشتركة وروح التضامن العميقة. لا يقوم هذا النهج على منطق المانح والمتلقى، بل على تضافر الجهود لمواجهة التحديات المشتركة من خلال تبادل المعرفة والمهارات والتكنولوجيا.
طوال سنوات الحرب على قطاع غزة، أصرت الصين على ضرورة وقف إطلاق النار. وتضمنت النقطة الأولى في ورقة الموقف، التى قدمتها الصين، بدعم من جميع دول الجنوب العالمي، في المحافل الدولية والأمم المتحدة بعد أقل من شهرين من اندلاع حرب غزة الأخيرة، بشأن تسوية الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى، “وقف إطلاق النار وإنهاء شامل للقتال”، مع تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وقيام مجلس الأمن بدوره بناءً على القرار ٢٧١٢ الصادر فى ١٥ نوفمبر ٢٠٢٣. وعندما تم التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد فى ١٥ يناير ٢٠٢٥، رحبت بكين به، آملةً في تنفيذه الفعال، مما يؤدي إلى “وقف شامل ودائم لإطلاق النار”. وأكدت إستمرارها فى تقديم المساعدات الإنسانية، وأعربت عن إستعدادها للمساعدة فى إعادة إعمار غزة. هذه كلها مواقف متفق عليها بين الصين ودول الجنوب العالمى فى أروقة الأمم المتحدة وفي جميع المحافل الدولية.
لقد إتفقت الصين مع مختلف دول الجنوب العالمى على العديد من القضايا الأمنية، وأبرزها قضيتا غزة وفلسطين، وهما قضيتان أمنيتان جوهريتان لدول الجنوب العالمي النامية، ومتفق عليهما من قبل الجميع، لا سيما في ظل مرورها بمرحلة حرجة. تدعم الصين ودول الجنوب العالمي جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية للقضية الفلسطينية، وتواصل العمل مع المجتمع الدولي لبذل جهود دؤوبة لوقف القتال في غزة، وتخفيف الأزمة الإنسانية، وتطبيق حل الدولتين، والتوصل إلى حل شامل وعادل ونهائى ودائم للقضية الفلسطينية. وتم الإتفاق على ذلك خلال الإحتفال السنوى بالأمم المتحدة فى ١٢ سبتمبر باليوم العالمى للجنوب، بمشاركة الصين والمئات من دول الجنوب العالمى، الذين يتفقون على عدد كبير من القضايا الأمنية، وأبرزها: (القضية الفلسطينية، وإنهاء حرب الإبادة في قطاع غزة، ومواجهة الغطرسة الأمريكية والسياسات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة المحاصر، ومنع التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة).
يُعدّ التعاون الأمني أجندةً مهمةً لدول الجنوب العالمى والصين. ويمكن التوفيق بين مبدأى (التضامن وعدم التدخل)، من خلال التركيز على التعاون فى قضايا الأمن التنموى، مثل: (الأمن الغذائى والمناخى) بدلاً من التدخل العسكرى، وتعزيز آليات التشاور وتبادل المعلومات، وإحترام السيادة الوطنية مع دعم جهود الدول في التصدي الجماعي للتهديدات الأمنية الشاملة. وتكمن أهمية التعاون الأمنى لدول الجنوب العالمى مع الصين، من خلال:
١) مواجهة التحديات المشتركة:
تواجه دول الجنوب العالمى تحديات أمنية مشتركة، مثل: الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والتهديدات السيبرانية وتغير المناخ، مما يهدد الأمن الغذائر.
٢) تعزيز الأمن التنموى:
يهدف التعاون الأمنى إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مثل الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ، من خلال التركيز على التنمية المستدامة والتعاون فى مجالات الأمن البشرى.
٣) بناء القدرات للدول النامية فى الجنوب العالمى:
يُتيح التعاون الأمني لدول الجنوب العالمى تبادل الخبرات وبناء القدرات في مجالات الأمن والإستجابة للأزمات، مما يُقلل الإعتماد على التدخل الخارجى.
٤) آليات التشاور وتبادل المعلومات:
يمكن تحقيق التضامن وعدم التدخل من خلال تعزيز آليات التشاور والتعاون في تبادل المعلومات والاستخبارات بين الأجهزة الأمنية في دول الجنوب، مما يساعد على فهم التهديدات المشتركة بشكل أفضل.
٥) من أجل السيادة الوطنية:
يجب أن يقوم أي تعاون أمني على إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مع التأكيد على أن القرارات المتعلقة بالأمن يجب أن تنبع من الدول المعنية نفسها.
٦) التركيز على الأمن الشامل:
بدلاً من التدخل في النزاعات الداخلية، يمكن التركيز على الأمن الشامل، والذي يشمل قضايا الأمن الغذائى، والأمن المائى، والأمن الصحي، والأمن المناخى، حيث يمكن لدول الجنوب التعاون بفعالية ودعم بعضها البعض.
٧) تعزيز دور المنظمات الإقليمية:
تلعب المنظمات الإقليمية دوراً محورياً فى تحقيق التوازن بين التضامن وعدم التدخل، حيث توفر منصة للدول الأعضاء للتعاون والتنسيق فى المجالات الأمنية دون المساس بسيادتها.
بناءً على التحليل السابق، فإن هذا الموقف المبدئي للصين ودول الجنوب العالمي تجاه القضية الفلسطينية والتعاون في مختلف القضايا الأمنية ينبع من قناعة مشتركة بين الصين ودول الجنوب العالمي بضرورة حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة. لذلك، رفضت بكين ودول الجنوب العالمي رفضاً قاطعاً جميع المقترحات المتعلقة بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مع التأكيد بشكل جماعى على مبدأ “حكم الفلسطينيين لفلسطين”. وتماشياً مع هذا الموقف نفسه، رحبت بكين وعدد من دول الجنوب العالمي بالخطة المصرية التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة فى ٤ مارس ٢٠٢٥، لوقف الحرب على قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع المنكوب. أيدت الصين دعمًا كاملًا، إلى جانب دول الجنوب العالمى فى مقر الأمم المتحدة وفى المحافل الدولية، الجهود المصرية والعربية الرامية إلى ضمان تطبيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإستمرار إيصال المساعدات إلى سكان غزة، مما يمهد الطريق لعودة الأمن والإستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وتؤمن بكين ودول الجنوب العالمى بأن التوترات في المنطقة ناجمة عن ما يحدث فى غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى