مقالات قانونية

اخذ الاعضاء و زرعها على ضوء القانون عدد 22 لسنة 1991 المؤرخ في 25 مارس 1991 المتعلق بأخذ الأعضاء البشريّة وزرعها

بقلم: الدكتور جابر غنيمي
المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد
مدرس جامعي

يقصد بالتبرع بالأعضاء تبرع أحد الأشخاص بأحد أعضائه الجسدية السليمة لشخص آخر لديه خلل أو تلف في نفس العضو.
وتتم هذه العملية عن طريق زرع هذا العضو داخل الشخص المريض بواسطة عملية جراحية، إما عن طريق الموافقة إذا كان المتبرع على قيد الحياة أو بعد الوفاة مع موافقة الأقرباء .
وتتباين آراء رجال الدين حول التبرع بين من يرفضه مبررا ذلك بمخافة التلاعب بجسد وحرمة الميت، وبين من يدعمه ويرى أنه عمل إنساني خالص وعمل صالح ينال عليه فاعله أجرا.
والجمهور الأعظم من علماء المسلمين ذهبوا إلى جواز نقل الأعضاء للأسباب الآتية:
التبرع يعتبر صدقة جارية:
شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي الذي سبق وأعلن تبرعه بقرنية عينه بعد وفاته قال انه يجوز نقل الأعضاء الآدمية من إنسان توفى حديثا إلى أخر حي” ما دام ذلك يتم بطريقة سليمة وعن طريق التبرع، معتبرا أن هذا التبرع هو نوع من الإيثار المحمود والصدقة الجارية.

موت جذع المخ:
موت جذع المخ هو موت كامل لا يعود بعده الإنسان إلى الحياة وعدم التبرع بالأعضاء يشكل إجحافا بحق المرضى. لقد وضع الأطباء علامات اكلينية يمكن بها إعلان موت الدماغ منها: عدم وجود أي فعل انعكاسي، تأكيد نتائج الكشف الاكليني برسم المخ الذي يظهر باستمرار، عدم وجود أية وظائف للمخ خلال 24 ساعة.
3- حقيقة الولاية:
ان إعطاء عضو من الأعضاء جائز للولاية المعطاء للإنسان من قبل الله تعالى على أعضائه، إذ من الواضح أن المتولي يمكن أن يتصرف فيما جعل وليا عليه وان لم يكن مالكا بشرط أن يصرح طبيب مسلم ثقة بان نقل العضو من شخص إلى آخر لا يترتب عليه ضرر بليغ بالشخص المتبرع وإنما يترتب عليه إنقاذ حياة الشخص المتبرع له أو إنقاذه من مرض خطير.
4- بنص القران الكريم:
ذهب المؤيدون إلى أدلة نصية تجيز نقل الأعضاء منها: قوله تعالى ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً” المائدة 32 . وقوله تعالى: ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” البقرة 186 . وقوله تعالى: ” يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ” (النساء28) وقوله: ” ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ” (المائدة 6) وعن أسامة بن شريك قال: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: “نعم فإن الله لم ينزل داء إلا وانزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله” رواه احمد . هذه الآيات والأحاديث حكم عام يشمل إنقاذ الإنسان من التهلكة.
5- بتأصيل القواعد الفقهية:
هناك أدلة أخذها العلماء من القواعد الفقهية ومنها: أن الضرر يجب أن يزال وهو من مقاصد الشريعة. والضرورات تبيح المحظورات. وإذا ضاق الأمر اتسع. الأمور بمقاصدها. ومن مقاصد الإسلام الكبرى المحافظة على الدين والنفس والعقل والمال والعرض والنسل ومعلوم أن الحياة لا تستقيم بدون وجود هذه الضروريات ومن هنا شرع الإسلام الحدود والقصاص لكل من ينتهك حرمة هذه الضرورات.
6- تكريم الإنسان:
خلق الله الإنسان وكرمه، لذلك حرص الإسلام على حياته وعدم الإضرار به، لذلك أمرت الشريعة الإنسان باتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر فأمرته بالبعد عن المحرمات والمفسدات والمهلكات وأوجبت عليه عند المرض اتخاذ سبل العلاج والشفاء , ومن الوسائل الطبية للمحافظة على النفس نقل بعض الأعضاء من إنسان لآخر سواء الحي للحي أو من الميت الذي تحقق موته إلى الحي.
7- فهم آخر لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ” كسر عظم الميت ككسره حيا” :
فان هذا التكريم لا يؤثر فيه ما يؤخذ منه بعد موته من أجزاء تقوم عليها حياة إنسان آخر أو رد بصره بعده لان مصلحة الحي مقدمة على مصلحة الميت.
8- الملكية :
الرد على مقولة أن جسم الإنسان ملك لله ولا يحق للإنسان أن يتصرف فيما لا يملك فهذا كلام ليس عليه دليل مسلم به , فإن الذي لا يملكه الإنسان هو حياته وروحه فلا يجوز الانتحار ولا إلقاء النفس في التهلكة , أما الإنسان من حيث أجزاؤه المادية فهو مالكها وله أن يتصرف فيها بما لا يضره ضررا لا يحتمل إذ لا ضرر ولا ضرار وأيضا: إن كل شيء ملك لله (لله ما في السموات وما في الأرض)البقرة 284 (ولله ملك السموات والأرض)المائدة 17 والمال كذلك مال الله ومع ذلك يقول الله تعالى(واتوهم من مال الله الذي آتاكم)النور33 ” ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله” آل عمران 180، فالمال فضل الله ورزقه ومع ذلك نزكي بالمال ونتبرع به، فلماذا لا نتبرع بجزء من الجسم؟ الم يجز العلماء من غير نكير إباحة التبرع بالدم، والدم جزء من الجسم كما أن المرأة تتبرع بلبنها فقد ترضع امرأة طفلا لامرأة أخرى وهذا اللبن جزء منها إضافة إلى ذلك لا يوجد دليل على التحريم فالأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد من النصوص ما يمنع، ونحن مأمورون أن ندفع قدر الله بقدر الله كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما افر من قدر الله إلى قدر الله ..

ولا بد من شروط وضوابط وضعها العلماء ووضعتها المجامع الفقهية، وهذه الشروط عبر حالتين:
الأولى: النقل من الحي إلى الحي: وشروط ذلك:
أولا: الضرورة القصوى للنقل، بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهور صحي مستمر ولا ينقذه من هلاك محقق إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان أخر, ويقدر ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطة أن يكون المأخوذ منه وافق على ذلك حال كونه بالغا عاقلا مختارا.
ثانيا: ألا يؤدى نقل العضو إلى ضرر محقق بالمنقول منه يضر به كليا أو جزئيا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديا ومعنويا أو يؤثر عليه سلبيا في الحال أو المال بطريق مؤكد من الناحية الطبية فالضرر لا يزال بالضرر.
ثالثا: أن يكون النقل من دون أي مقابل مادي أو معنوي مطلقا بالمباشرة أو بالواسطة حتى يكون بعيدا عن البيع والشراء والتجارة. ومسألة بيع الأعضاء والمتاجرة فيها، ليست وليدة العصر الحديث، فهي موجودة في التراث الفقهي الإسلامي، لكن باسم آخر وهو” الانتفاع” وهي موجودة في المذاهب الأربعة، إذ قالوا رحمهم الله ” لا يجوز بيع شعور الإنسان ولا الانتفاع بها لان الآدمي مكرم، فلا يجوز الانتفاع بجلده ودبغه ولا بأسنانه وإذا كان فقهاؤنا الأقدمون حرموا بيع شعر الآدمي وجلده وأسنانه والانتفاع بها، فإن القول ببيع الأعضاء والانتفاع بها يكون اشد حرمة عندهم من باب أولى.
رابعا: صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط وإعطاؤه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية على أن تكون هذه اللجنة متخصصة ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل.
خامسا: يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.

شروط الحالة الثانية: وهي النقل من الميت إلى الحي:
أولا: أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتا شرعيا بالمفارقة التامة للحياة أي
موتا كليا تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بشهادة ثلاثة من أهل الخبرة العدول.
ثانيا: الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالة المنقول إليه المرضية في تدهور مستمر ولا ينقذه من وجهة النظر الطبية إلا نقل عضو سليم من إنسان آخر حي أو ميت.
ثالثا: أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قواه العقلية
ومن دون إكراه مادي أو معنوي وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان كرامة الآدمي.
رابعاً: ألا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديا إلى اختلاط الأنساب كالأعضاء
التناسلية وغيرها.
خامساً: أن يكون النقل بمركز طبي متخصص معتمد من الدولة ومرخص له دون أي مقابل مادي بين أطراف النقل .
و قد أباحت عدة قوانين عربية التبرع بالأعضاء:

  • التبرع بالأعضاء البشرية في التشريع المصرى:
    حددت اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون نقل الأعضاء شروطا للتبرع، تلزم أن يكون هناك موافقة كتابية للمتبرع، وألا يكون المستفيد من خارج نطاق الأسرة، ولا يجوز التبرع من طفل، كما تم تحديد مستشفيات معينة بمواصفات ومقاييس معينة لنقل الأعضاء دون غيرها، وانه لابد أن يكون للمتوفى وصية مكتوبة بالموافقة لنقل عضو من أعضائه بعد الوفاة. ونصت المادة 17 من ذات القانون، على أنه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه كل من نقل عضوا بشريا، أو جزء منه بقصد الزرع، بالمخالفة لأى من أحكام المواد 2، 3، 4، 5، 7 من هذا القانون، فإذا وقع هذا الفعل على نسيج بشرى، حى تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على 7 سنوات، وإذا ترتب على الفعل المشار إليه فى الفقرة السابقة وفاة المتبرع، تكون العقوبة السجن المشدد وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه.
  • التبرع بالأعضاء في التشريع الإماراتى:
    دولة الإمارات العربية المتحدة تُجيز نقل وزارعة الأعضاء والأنسجة البشرية وذلك وفقاً لأحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2016، بشأن تنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، ويسري هذه القانون على العمليات التي تتم داخل الدولة، أو في مناطقها الحرة، حيث يهدف هذا المرسوم بقانون إلى:
    1-تنظيم إجراء عمليات نقل وزارعة وحفظ الأعضاء والأنسجة البشرية وتطويرها.
    2-منع الإتجار في الأعضاء والأنسجة البشرية.
    3-حماية حقوق الأشخاص الذين تنقل منهم أو إليهم أعضاء أو أنسجة بشرية.
    4-تنظيم عملية التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية.
    5-منع استغلال حاجة المريض أو المتبرع.
    وتحظر الدولة أيضاً عملية الاتجار بالأعضاء البشرية وفق القانون الاتحادي رقم (51) لسنة 2006 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، المُعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2015.   
    وفي سبتمبر 2020، اعتمدت حكومة الإمارات قراراً بتأسيس المركز الوطني لتنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، بهدف تنظيم وتنسيق إجراء عمليات نقل وزراعة وحفظ الأعضاء والأنسجة البشرية وتطويرها على مستوى الدولة حيث تحظر الدولة اللجوء إلى مراكز غير معتمدة لزرع الأعضاء، وذلك حماية للمواطنين والمقيمين في الدولة. يوجد في دولة الإمارات منشآت صحية مرخصة لزراعة الأعضاء.
  • التبرع بالأعضاء البشرية في المملكة المغربية:
     صادق البرلمان المغربي على قانون ينظم عمليات التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وزرعها، وينص القانون على ضرورة إعلام المتبرع بالمخاطر التي قد يتعرض لها، بحيث لا يجوز تعريض حياته للخطر، كما لا يجوز أخذ عضو بشري من شخص حي للتبرع به إلا من اجل المصلحة العلاجية لمتبرع له معين، يكون إما من أصول المتبرع أو فروعه.  
    ويحتل المغرب مراتب متأخرة في عملية التبرع بالأعضاء، وعزوف المواطن المغربي عن التبرع بأعضائه، خاصة لم وجود بنك للأعضاء البشرية على غرار ما هو معمول به في باقي الدول التي يتبرع سكانها بأعضائهم للاستفادة منها بعد مماتهم، ناهيك عن تعقيد الإجراءات القانونية مما يجعل مسألة التبرع بالأعضاء أو زرعها أمرا صعبا”.
    ويجب على المتبرع أن يعبر على موافقته على أخذ عضو منه أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها المستشفى العمومي المعتمد الذي ستتم فيه عملية الأخذ والزرع، أو أمام قاض من المحكمة المعنية يعينه الرئيس خصيصا لذلك الغرض بمساعدة طبيبين يعينهم وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية.
  • التبرع بالأعضاء البشرية في دولة لبنان:
    وضع المشرع اللبناني القواعد القانونية التي تنظم عملية وهب الأعضاء البشرية، فقد أشارت الفقرة الثانية من المادة 192 من قانون الموجبات والعقود، إلى الحالة التي يمكن أن يجاز فيها التعاقد حول مواد ممنوع التداول بها أصلاً، كأعضاء جسم الإنسان، حيث نصت على قاعدة عدم جواز وقوع موضوع العقد على أموال غير قابلة للإتجار.
    وقد سمحت أحكام المرسوم رقم 109، تاريخ 16 سبتمبر 1983، في المادة الأولى منه بوهب الأنسجة والأعضاء البشرية من جسم أحد الأحياء لمعالجة مرض شخص آخر أو جروحه، وفقاً للشروط الآتية:
    أولاً: أن يكون الواهب قد أتم الثامنة عشرة من عمره.
    ثانياً: أن يعاين من قبل الطبيب المكلف بإجراء العملية والذي ينبهه إلى النتائج العملية وأخطارها ومحاذيرها ويتأكد من فهمه لكلّ ذلك.
    ثالثاً: أن يوافق الواهب خطياً وبملء حريته على إجراء العملية.
    رابعاً: أن يكون إعطاء الأنسجة أو الأعضاء على سبيل الهبة المجانية غير المشروطة. ولا يجوز إجراء العملية لمن لا تسمح حالته الصحية بذلك، أو في حال احتمال تهديد صحته بخطر جدي من جرائها.
    أيضا، يمكن أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية من جسد شخص ميت أو نقل ميتاً إلى مستشفى أو مركز طبي، لمعالجة مرض شخص آخر أو جروحه أو لغاية علمية، وذلك عند توفر أحد الشّروط الآتية:
    أولاً: أن يكون المتوفى قد أوصى بذلك، بموجب وصية منظمة حسب الأصول أو بأية وثيقة خطية أخرى ثابتة.
    ثانياً: أن تكون عائلة المتوفى قد وافقت على ذلك. وتتم الموافقة بإسم العائلة .
    ويُشترط في عمليّات نقل الأنسجة أو الأعضاء وزرعها وجود موافقة مسبقة وخطية من المستفيد من العملية.
     وفي العام 1984، صدر المرسوم التطبيقي رقم 1442 الذي ينظم أصول أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية لحاجات طبية وعلمية، ويعد ميتاً، بموجب هذا المرسوم، الإنسان الذي توقفت فيه بشكل أكيد، وظائف الجهاز الدموي أو وظائف كامل الدماغ بما فيه جسر المخيخ والنخاع المستطيل. ويثبت الموت الدماغي طبيبان، على أن يكون أحدهما اختصاصياً بالأمراض العصبية، بعد أن يتأكدا من توفر شروط الموت كافة، كما لا يسمح بإجراء عمليات نقل الأنسجة والأعضاء وزرعها إلا في المستشفيات أو المراكز الطبية المصنفة من الفئة الأولى بموجب قرار يصدر عن وزير الصحة بناء على اقتراح المدير العام، وبعد الحصول على الترخيص القانوني اللازم.
    أيضا، يمكن أخذ الأنسجة والأعضاء البشرية من جسد شخص ميت أو نقل ميتاً إلى مستشفى أو مركز طبي، لمعالجة مرض شخص آخر أو جروحه أو لغاية علمية، وذلك عند توفر أحد الشّروط الآتية:
    أولاً: أن يكون المتوفى قد أوصى بذلك، بموجب وصية منظمة حسب الأصول أو بأية وثيقة خطية أخرى ثابتة.
    ثانياً: أن تكون عائلة المتوفى قد وافقت على ذلك. وتتم الموافقة بإسم العائلة .
    ويُشترط في عمليّات نقل الأنسجة أو الأعضاء وزرعها وجود موافقة مسبقة وخطية من المستفيد من العملية.
    التبرع بالأعضاء البشرية في العراق:
    يري المشرع العراقي إن عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية هي نوع من أنواع الأعمال الطبية، ولذلك فهي تخضع بصفة عامة لذات القواعد التي تحكم الأعمال الطبية، وقد نظمها المشرع عن طريق وضع الضوابط أو الشروط التي تكفل لتلك الممارسات عدم الخروج عن إطارها القانوني المحدد لها بالشكل الذي يضمن المحافظة على الجسم الإنسان واحترام كرامته.
     وقد أكد المشرع العراقي في قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها رقم (11) لسنة 2016 على حظر إجراء عملية نقل عضو أو النسيج البشري من الموتى إلى الأحياء، واشترط لإباحة نقل الأعضاء من الموتى ضرورة موافقة الميت قبل وفاته بموجب وصية أو بناءً على موافقة ورثته.
    وأن تنظيم عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية على هذا النحو لا يمنع مطلقاً من كون هذه العمليات ما زالت وستظل قابعة في زاوية الاستثناء على الأقل من الناحية الجزائية، لذلك يتعين تنظيم هذه العمليات بمنتهى الحرص والدقة، حتى لا تخرج عن دائرة الاستثناء، فهذه العمليات يجب دائماً أن تكون بين دائرتين متقاطعتين هما دائرة الاستثناء ودائرة التجريم فإذا خرجت هذه العمليات من دائرة الاستثناء فاإنها ستدخل حتماً في دائرة التجريم، فمخالفة أي شرط من شروط إباحة عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية يخرج هذه العمليات من دائرة الاستثناء ويترتب على ذلك قيام جريمة نقل وزرع الأعضاء البشرية ومن ثم فرض العقوبات والتدابير الاحترازية بحق كل من يخالف أحكام قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية.   
  • التبرع بالأعضاء البشرية في التشريع القطرى:
    في عام 2015 أصدرت قطر قانوناً جديداً من 28 مادة، لنقل وزراعة والتبرع بالأعضاء البشرية، الذي ينص على حظر نقل الأعضاء التناسلية، وينظّم بنوكاً لحفظ الأنسجة والخلايا في المستشفيات الحكومية الخاصة، ويسمح بوهب الأعضاء من دون صلة عائلية.
    وبلغ عدد المتبرعين المسجلين في برنامج قطر للتبرع بالأعضاء نحو 300 ألف متبرع، وذلك بحسب إحصاءات مؤسسة حمد الطبية، وهو ما يعني أن 15 في المائة من عدد السكان في دولة قطر قد وقعوا على بطاقة التوصية بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة.   
    وأن تنظيم عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية على هذا النحو لا يمنع مطلقاً من كون هذه العمليات ما زالت وستظل قابعة في زاوية الاستثناء على الأقل من الناحية الجزائية، لذلك يتعين تنظيم هذه العمليات بمنتهى الحرص والدقة، حتى لا تخرج عن دائرة الاستثناء، فهذه العمليات يجب دائماً أن تكون بين دائرتين متقاطعتين هما دائرة الاستثناء ودائرة التجريم فإذا خرجت هذه العمليات من دائرة الاستثناء فاإنها ستدخل حتماً في دائرة التجريم، فمخالفة أي شرط من شروط إباحة عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية يخرج هذه العمليات من دائرة الاستثناء ويترتب على ذلك قيام جريمة نقل وزرع الأعضاء البشرية ومن ثم فرض العقوبات والتدابير الاحترازية بحق كل من يخالف أحكام قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية.   
    و في تونس صدر القانون عدد 22 لسنة 1991 المؤرخ في 25 مارس 1991
    المتعلق بأخذ الأعضاء البشريّة وزراعتها.
    و أشار القانون عدد 18 لسنة 1999 المتعلق بتنقيح، واتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية، إلى أنه يحق بمقتضى هذا التنقيح لكل مواطن تونسي، التنصيص على رغبته في التبرع بعد الوفاة من خلال إدراج عبارة متبرع ببطاقة الهوية.
    و لقد نظم القانون عدد 22 لسنة 1991 شروط اخذ الاعضاء و زراعتها {المبحث الاول} و جزاء مخالفتها { المبحث الثاني}

المبحث الأول: شروط اخذ الأعضاء و زراعتها
يخضع اخذ الأعضاء و زراعتها الى جملة من الشروط الأصلية { الفقرة الأولى} و الشكلية { الفقرة الثانية}
الفقرة الأولى: الشروط الأصلية:
نص المشرع التونسي على شروط اخذ الاعضاء من الاحياء {أ} و من الاموات { ب}
اخذ الأعضاء من الأحياء:
يجوز لغاية العلاج أخذ عضو من شخص متبرّع قصد زرعه لشخص آخر ويشترط في المتبرع أن يكون رشيدا سليم المدارك العقلية متمتعا بالأهليّة القانونيّة الكاملة وأن يكون رضاه صريحا وصادرا عن اختيار.
ويحجر مطلقا أخذ كامل العضو الضروري للحياة من الأحياء لزرعه ولو برضاهم.
ويعتبر عضوا ضروريا للحياة العضو الذي بأخذه تحصل حتما وفاة الشخص الذي أخذ منه.
ويحجر مطلقا أخذ أعضاء الإنجاب الناقلة للصفات الوراثيّة من الأحياء.
ويحجر أخذ الأعضاء بمقابل مالي أو بأي صفة من صفات التعامل.
اخذ الأعضاء من الأموات:
يجوز أخذ عضو من جثة شخص ميت لغاية علاجية أو علمية ما لم تحصل ممانعة من الهالك في قائم حياته أو بعد وفاته من الأشخاص كاملي الأهليّة الآتي ذكرهم حسب الترتيب التالي :
الأبناء – الأب – الأم – الزوج – الأخوة والأخوات والولي الشرعي.
ولا يجوز أخذ الأعضاء ولو برضاء أحد هؤلاء إذا عارض في ذلك شخص من بينهم يحتل مرتبة أقرب أو يكون الأكبر سنا بالنسبة للأبناء أو الأخوة والأخوات
ولا يجوز أخذ عضو من جثة قاصر أو محجور قصد زرعه إلا بموافقة وليه الشرعي..
ويحجر مطلقا أخذ أعضاء الإنجاب الناقلة للصفات الوراثيّة من الأحياء والأموات قصد زرعها.
ويحجر أخذ الأعضاء بمقابل مالي أو بأي صفة من صفات التعامل.
الفقرة الثانية: الشروط الشكلية:
حدد المشرع التونسي الشروط الشكلية لأخذ الأعضاء من الاحياء {أ} و من الأموات {ب}
اخذ الأعضاء من الأحياء:
على المتبرع أن يدلي برضاه لدى رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوبه والتي يوجد مقر إقامته أو مقر المؤسسة الإستشفائيّة بدائرة مرجع نظرها والقاضي الذي يتلقى رضا المتبرع يتأكد سلفا من صحة توفر شروط الرضا ويدون في ذلك محضرا يمضيه معه المعني بالأمر وكاتب المحكمة.
وعلى كاتب المحكمة أن يوجه نسخة منه إلى المؤسسات الإستشفائيّة المرخص لها ويودع الأصل بكتابة المحكمة بعد تضمينه بدفتر مخصص لذلك.
ويتم كتابيّا إعلام الشخص المتبرع بعضو من أعضائه لغاية زرعه بالنتائج المحتملة لقراره من طرف الطبيب المسؤول عن القسم الإستشفائي الذي ستقع فيه عملية الأخذ أو نائبه، ويتضمن هذا الإعلام :
أ- كل النتائج المحتملة من الناحيتين البدنيّة والنفسيّة لعملية الأخذ وكذلك الانعكاسات المحتملة لها على الحياة الشخصيّة والعائليّة والمهنيّة للمتبرّع.
ب- كل النتائج المرتقبة من عملية الزرع لفائدة المنتفع بها.
ويجوز للمتبرع أن يتراجع عن رضاه قبل إجراء العملية دون التقيد بأي شكل.
اخذ الأعضاء من الاموات:
لا يجوز أخذ عضو من جثة لغايات علاجيّة قبل معاينة الموت وتقع هذه المعاينة :
أ- من طرف طبيبين استشفائيين لا ينتميان إلى الفريق المكلف بعملية أخذ الأعضاء وزرعها.
ب- وفق القواعد المقبولة والمعمول بها في الميدان الطبي، وبين وزير الصحة العموميّة بمقرر الطرق والعلامات الواجب اعتمادها والدالة على حصول الوفاة بصفة نهائيّة وخاصّة التوقف النهائي لوظائف المخ.
يحرّر الطبيبان اللذان يعاينان الموت محضرا في وفاة الشخص يوضحان فيه تاريخ الموت وساعته وسببه وطريقة ملاحظته ويتم إمضاؤه من طرفهما.
وقبل إجراء عملية الأخذ من الأموات يجب على الطبيب المسؤول عن تلك العملية أن يتثبت لدى إدارة المستشفى عن عدم حصول الممانعة سواء من الهالك في قائم حياته أو بعد وفاته من أحد الأشخاص المخول لهم ذلك قانونا.
تصدر الممانعة من الهالك في قائم حياته بكتب معرف بالإمضاء عليه يودع لدى كتابة المحكمة الابتدائية التي يقيم بدائرة مرجع نظرها والتي عليها حالا إعلام كافة المؤسسات الإستشفائيّة المرخص لها في عمليات أخذ وزرع الأعضاء بقرار الممانعة.
وعلى المؤسسات المذكورة تسجيل ذلك بدفتر معد لهذا الغرض.
ويمكن للممانع أن يذكّر إدارة المستشفى عند دخوله إليه بقرار ممانعته.
الممانعة الصادرة عن أحد الأشخاص المشار إليهم بالفصل 3 من هذا القانون يمكن أن يقع التصريح بها لدى إدارة المستشفى الذي وقعت به الوفاة وذلك قبل عملية الأخذ، وتدون الممانعة بنفس الدفتر مذيلة بإمضاء المعني بالأمر.
مكان اخذ الاعضاء وزرعها:
يقع إجراء عمليات أخذ وزرع الأعضاء سواء من الاحياء او الاموات بالمؤسسات الإستشفائيّة العموميّة المرخص لها في ذلك بقرار من وزير الصحة العموميّة.
غير أنه يمكن إجراء عمليات زرع القرنيات بالمؤسسات الصحيّة الخاصة المرخص لها في ذلك بقرار من وزير الصحة العموميّة.
ويجب أن تتوفر في هذه المؤسسات مسبقا الشروط التالية :
أ‌- الإطار الطبي اللازم والوسائل الفنيّة التي تمكن من معاينة الموت طبقا لمقتضيات الفصل 15 من هذا القانون.
ب‌- الإطار الطبي المختص في عمليات أخذ الأعضاء وزرعها.
ج‌- قاعد عمليات تتوفر فيها الوسائل الضروريّة لأخذ الأعضاء وزرعها.
د‌- الوسائل اللازمة للحفاظ على الجثث.
هـ – الإطار المختص برتق الجثث.
ويجب بصورة عامة أن تتوفر في تلك المؤسسات كل الظروف الملائمة لإجراء هذه العمليات بصفة مرضيّة.
الفقرة الثانية: العقاب
يترتب عن مخافة احكام قانون اخذ الاعضاء و زرعها عقوبات اصلية {أ} و اخرى تكميلية {ب}
العقوبات الاصلية:
يعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبخطيّة تتراوح بين ألف دينار وألفي دينار:

  • اخذ عضو من شخص حي غير راشد و غير سليم المدارك العقلية و غير متمتع بالأهليّة القانونيّة الكاملة و في غياب الرضا الصريح.
  • أخذ عضو من جثة شخص ميت رغم ممانعة من الهالك في قائم حياته أو بعد وفاته من اقاربه كاملي الأهليّة المخول لهم ذلك قانونا.
  • أخذ عضو من جثة قاصر أو محجور قصد زرعه دون موافقة وليه الشرعي .
    و يعاقب بالاعدام أخذ كامل العضو الضروري للحياة من الأحياء لزرعه ولو برضاهم في صورة وفاة المتضرر و يعاقب بالسجن لمدة خمسة اعوام في الصور الاخرى.
    و يعاقب بالسجن من عامين إلى خمسة أعوام وبخطية تتراوح بين ألفي دينار وخمسة آلاف دينار:
    أخذ أعضاء الإنجاب الناقلة للصفات الوراثيّة من الأحياء والأموات قصد زرعها.
    أخذ الأعضاء بمقابل مالي أو بأي صفة من صفات التعامل.

و تسلط خطيّة تتراوح بين ألفي دينار وخمسة آلاف دينار علاوة على الإجراءات الإداريّة وخاصة منها غلق المؤسسة الإستشفائيّة الخاصّة لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهرعند عدم إجراء عمليات أخذ وزرع الأعضاء بالمؤسسات الإستشفائيّة العموميّة المرخص لها في ذلك بقرار من وزير الصحة العموميّة.
الفقرة الثانية: العقوبات التكميلية:
يمكن بالإضافة إلى العقوبات الاصلية المتمثلة في السجن و الخطية حرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المدنيّة ومن بعض الوظائف والمهن لمدة تتراوح بين عام وخمسة أعوام.

لقد سجلت آخر الإحصائيات المحلية في تونس عزوفا كبيرا عن التبرع بالأعضاء. وأشارت الإحصائيات إلى أن 77 بالمئة من التونسيين يقبلون مبدأ التبرع بالأعضاء بعد الوفاة لكن دون تنفيذ ذلك فعلا، حيث ترفض 90 بالمئة من العائلات فكرة التبرع بأعضاء موتاها. وقد توقفت زراعة القلب في تونس منذ عام 2011 لعدم وجود متبرع في حالة وفاة دماغي.
ويجمع خبراء علم الاجتماع على أن العزوف مرده غياب ثقافة التبرع في العالم العربي، على عكس الغرب الذي يخصص له دعاية هامة مما أدى إلى تحسن النظرة العامة للتبرع. ففي ألمانيا بدت الآراء إيجابية تجاه التبرع بالأعضاء وبلغت نسبة 84 بالمئة مؤخرا على نحو غير مسبوق. ورغم هذا التقدم إلا أن الأصوات تتعالى بالمطالبة بوضع قواعد جديدة للتبرع والاقتداء في ذلك بدول أوروبية مجاورة. فقد أقرت هولندا مثلا قانونا ينص على تسجيل كافة المواطنين فوق سن الـ18 على أنهم متبرعون بأعضائهم عقب الوفاة، إلا في حال رفضوا ذلك صراحة.
أما في المنطقة العربية فهناك هواجس تحول دون الإقدام على التبرع بالأعضاء ولا تتعلق فقط بضعف المنظومة الصحية بل بتراجع التضامن الاجتماعي والعطاء الإنساني مع تعقد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، في حين تغفل الحكومات عن دورها التوعوي في هذا المجال.
وعملية التبرع بالأعضاء رغم محدوديتها في العالم العربي، إلا أن الحكومات تسعى، رغم صعوبة إقناع المواطن، إلى نشر هذه الثقافة.
وهناك نماذج إيجابية عن ذلك. فقد أعلنت وزارة الصحة الكويتية العام الماضي، أن الكويت هي الأولى عربيا في نسبة المتبرعين بالأعضاء بعد الوفاة حسب صحف محلية، وهي أول دولة خليجية أجرت عمليات لزراعة الكلى في المنطقة، وتمت في فيفري عام 1979، وهي السباقة أيضا بين دول الشرق الأوسط إذ تجرى فيها بين 80 و100 عملية سنويا.
وفي المغرب سجلت نسبة 43 بالمئة من العدد الجملي لعمليات زرع الأعضاء في الأعوام الأخيرة، وحقق المغرب إنجازات هامة في مجال زرع الأعضاء والأنسجة على المستوى العربي والمغاربي، فضلا عن مبادراته لترسيخ هذه الثقافة إعلاميا واجتماعيا، لكن رغم ذلك لا يزال عدد المتبرعين بعيدا عن تلبية الحاجة المتزايدة من الأعضاء والأنسجة الكفيلة بإنقاذ الحالات التي تعج بها المستشفيات.
وتحيط بعملية التبرع بالأعضاء في المنطقة العربية شكوك بسبب استشراء تجارة الأعضاء إضافة إلى مخاوف من استدراج المتبرع للتحيّل عليه وبيعه أعضائه. وسبق أن كشفت جمعية “حركة أطباء ضد الفساد التونسية” في تصريحات لوسائل إعلام محلية عن تلقيها شكاوى من مواطنين تضرروا من فقدان أعضاء بشرية في مصحات خاصة.
وتجارة الأعضاء منتشرة في المنطقة العربية والعالم. ووفقا للتقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لعام 2015، فإن هناك أكثر من 10 آلاف عملية بيع وشراء للأعضاء البشرية في السوق السوداء سنويا، وما بين 5 و10 بالمئة من جميع عمليات زراعة الكلى على مستوى العالم تتم عبر عمليات الاتجار والتهريب عبر الحدود، مشيرة إلى أن تلك التجارة تحقق أرباحا سنوية تتراوح بين 600 مليون دولار و1.2 مليار دولار، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أنها تصل إلى 8 مليارات دولار سنويا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى