أسطول الصمود: حادثة قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط

– قلم من ذهب سعادة
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل فرض حصار خانق على قطاع غزة، جاءت مبادرة “أسطول الصمود” لتشكل ضميرًا عالميًا متحركًا، اختار المقاومة السلمية والرمزية للتنديد بالانتهاكات ولفت أنظار العالم إلى معاناة الفلسطينيين. غير أن الرد الإسرائيلي، كما اعتادت تل أبيب، لم يكن دبلوماسيًا ولا حتى قانونيًا، بل جاء بشكل عنيف: اختطاف واحتجاز للنشطاء في عرض البحر، في خطوة تُعتبر اعتداءً على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بحرية الملاحة وسيادة الدول.
الشرعية الأخلاقية في مواجهة القوة العسكرية
ما حدث لا يُعدّ فقط انتهاكًا لحقوق الإنسان، بل هو تمادٍ واضح في ضرب كل القواعد الأخلاقية. إسرائيل، التي كانت تحظى بتعاطف دولي في العقود الماضية، تخسر اليوم أوراقها الأخلاقية الواحدة تلو الأخرى. ما من شيء أخطر على دولة من فقدانها صورتها أمام الرأي العام العالمي. واليوم، بينما ترتفع أصوات الدعم لأسطول الصمود، فإن الكيان يجد نفسه معزولًا أخلاقيًا، ومُحاصرًا دوليًا من قبل وجدان الشعوب الحرة.
حماس في موقع القوة الرمزية
من جهة أخرى، تبرز حركة حماس اليوم ليس فقط كطرف في الصراع، بل كرمز للمقاومة والصمود، مدعومة بحملات تضامن متزايدة في العواصم العالمية. ومع انكشاف الوجه العنيف لإسرائيل، تبدو حماس أقرب إلى كسب الشرعية الشعبية في العديد من الدوائر، خاصة مع التفاعل الإنساني المتزايد مع غزة.
ترامب وجائزة نوبل: حسابات سياسية متغيرة
وسط هذا المشهد، لا يُستبعد أن يسعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لاستغلال الحدث للدخول من بوابة “صانع السلام”، خاصة وأنه سبق أن صرّح بأنه يستحق نوبل أكثر من آخرين نالوها. وقد تشكل حادثة الأسطول فرصة له للعودة إلى الساحة الدولية، عبر تقديم مبادرات تهدئة أو وساطات شكلية في ظاهرها، لكنها قد تعيد له بعض الزخم السياسي داخليًا وخارجيًا.
نهاية مرحلة.. وبداية أخرى؟
الاحتلال لم يعد مجرد مسألة سياسية، بل أصبح عبئًا أخلاقيًا على العالم. ومع تنامي المبادرات الشعبية والدولية السلمية مثل أسطول الصمود، فإن الخطاب يتغير، والرأي العام يعيد النظر في “الضحية” و”الجلاد”. الحركات النبيلة، مهما كانت محدودة الإمكانات، قادرة على خلخلة موازين الهيمنة.
ما حدث مع أسطول الصمود ليس حادثًا عابرًا، بل لحظة فارقة قد تفتح بابًا واسعًا نحو مساءلة الكيان الإسرائيلي دوليًا، وإعادة وضع القضية الفلسطينية في الواجهة. كما أنه يشكل فرصة للقوى الصاعدة، والأمم الباحثة عن السلام العادل، لترسيخ قيم السيادة وحقوق الإنسان في مواجهة الاحتلال والتجبر.