«One Last Time».. تأمل في الشيخوخة والحلم الأخير
بقلم: صفاء أحمد آغا – الرباط
يواصل المخرج اللبناني كريم الرحباني تقديم رؤيته الإنسانية العميقة من خلال فيلمه القصير «One Last Time»، الذي عُرض ضمن فعاليات الدورة الثلاثين من مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف. في هذا العمل، يبتعد الرحباني عن الصخب والدراما الثقيلة ليغوص في عوالم العزلة والحنين، حيث يصبح العمر المتقدم ليس نهاية الحكاية، بل بدايتها الأخيرة.
تدور قصة الفيلم حول توفيق، رجل مسن يعيش وحيدًا بعد فقدان أحبّائه واستسلامه لروتين يومي خانق. ذات يوم، تقتحم حياته امرأة غريبة، تفتح أمامه نافذة جديدة للأمل، فيما يشجّعه أحد أصدقائه الشباب على تجربة تطبيق للتعارف الإلكتروني. تلك المصادفات الصغيرة تُعيد إشعال في داخله شرارة الحياة، فيبدأ رحلة متأخرة نحو استعادة إنسانيته وشغفه.
بأسلوب بصري شاعري ولغة سينمائية هادئة، يصنع الرحباني في «One Last Time» عملاً يمزج بين الواقعية والتأمل الوجودي. فالفيلم لا يبحث عن دراما صاخبة، بل عن تفاصيل الحياة اليومية التي قد تبدو عابرة لكنها تختزن عمقًا إنسانيًا كبيرًا. عبر إيقاع متزن ومونتاج رصين، تتجلى فكرة أن كل لحظة يمكن أن تكون فرصة جديدة للحب، مهما تأخرت.
الموسيقى التصويرية تُكمل هذا الإحساس الرقيق، فيما تمنح الإضاءة والإطارات المتقنة للفيلم مسحة من الحنين والدفء، ليغدو المشهد السينمائي نفسه مرآةً للذاكرة والوقت.
نال الفيلم إشادة نقدية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024، حيث اعتُبر من أبرز الأعمال التي تناولت موضوع الشيخوخة والحب من منظور إنساني متفرّد. ويؤكد هذا العمل مكانة كريم الرحباني كأحد أهم الأصوات الجديدة في السينما اللبنانية، القادرة على تحويل القصص الصغيرة إلى لحظات كونية تمسّ روح الإنسان في كل مكان.
ويُشارك الفيلم حاليًا ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة في الدورة الثلاثين لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، الذي تحتضنه العاصمة المغربية من 8 إلى 15 نوفمبر 2025، حيث يواصل المهرجان تقديم منصة دولية تحتفي بـ”سينما المؤلف” وبالأعمال التي تعكس رؤية فنية جريئة وشخصية. ويُنتظر أن يلقى «One Last Time» تفاعلًا واسعًا من جمهور المهرجان ونقاده، نظرًا لعمقه الإنساني وجماله البصري المرهف.
في النهاية، «One Last Time» ليس مجرد فيلم عن رجل مسن، بل هو رسالة عن الشجاعة في مواجهة الزمن، وعن الجمال الكامن في أن نحاول مرة أخيرة… حتى لو كانت الأخيرة فعلاً
