سياسة

إسرائيل تسعى لفرض واقع جغرافي جديد في الشرق الأوسط

تسعى إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي لفرض واقع جغرافي جديد في منطقة الشرق الأوسط من خلال استخدام القوة العسكرية والتهجير القسري، بهدف تحقيق رؤيتها لمشروع “إسرائيل الكبرى”. يظهر هذا التوجه بشكل واضح في قطاع غزة ولبنان، حيث تسعى إسرائيل إلى تقسيم القطاع إلى ثلاثة محاور رئيسية، بالإضافة إلى إعادة تشكيل الحدود الجنوبية للبنان بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية.

تقسيم قطاع غزة: تشير التطورات الميدانية الأخيرة إلى أن إسرائيل تسعى لتقسيم قطاع غزة إلى ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو محور مفلاسيم شمال القطاع، الذي يضم منطقة عسكرية جديدة بالقرب من بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، ما يثير القلق من محاولات إسرائيل إفراغ السكان تمهيدًا لضم المنطقة. الثاني هو محور نتساريم، قاعدة عسكرية استراتيجية تمتد على 56 كيلومترًا مربعًا، وتفصل بين شمال وجنوب وادي غزة. أما الثالث فهو محور فيلادلفيا جنوب القطاع، حيث تشهد المنطقة توسعات على الحدود المصرية، وأصبحت إسرائيل تسيطر على 14 كيلومترًا مربعًا من منطقة رفح الجنوبية.

وفي تصريح للخبير العسكري والاستراتيجي صالح المعايطة لـ”سكاي نيوز عربية”، أشار إلى أن هذه المحاور تُستخدم كخطوط إمداد للقوات الإسرائيلية وتتحول تدريجيًا إلى قواعد عسكرية محصنة. وأضاف أن غزة تعاني من “التشريط والإرهاب والتمزيق”، مما يعزز المخاوف من تقسيم دائم للقطاع تحت السيطرة الإسرائيلية.

لبنان.. إعادة تشكيل الحدود الجنوبية: أما في لبنان، فتسعى إسرائيل إلى فصل جبهتي غزة وجنوب لبنان، حيث تسعى إلى إبعاد حزب الله شمال نهر الليطاني، ودفع الحكومة اللبنانية لفرض سيادتها على الجنوب. وأوضح المعايطة أن إسرائيل تعمل على إنشاء خطوط أمان مشابهة لتلك الموجودة في غزة، مع التركيز على تقليص قدرات حزب الله العسكرية، خاصة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. وأكد المعايطة أن استمرار هشاشة وقف إطلاق النار في لبنان قد يتيح لإسرائيل التوسع جنوب نهر الليطاني تحت ذريعة “تأمين الحدود”.

التأثيرات الإقليمية والدولية: وأوضح المعايطة أن استراتيجية إسرائيل تقوم على “التقسيم” ثم “التجزئة” وصولًا إلى “التفتيت”، وأكد أن السيطرة على محاور غزة ستمنح إسرائيل قدرة عسكرية أوسع، مما يزيد من تهديد أمن المنطقة واستقرارها.

السيناريوهات المستقبلية: ورغم التقدم الذي حققته إسرائيل في تحقيق أهدافها الجغرافية والعسكرية، تبقى هذه الأهداف بعيدة عن الاكتمال، وفي ظل وقف إطلاق النار الحالي في غزة ولبنان، قد يتحول الوضع إلى هدنة طويلة الأمد، مع استمرار إسرائيل في الاحتفاظ بما تسميه “حرية العمل”، ما يتيح لها التدخل العسكري في أي وقت.

فرض إسرائيل لواقع جغرافي جديد في الشرق الأوسط يضع المنطقة أمام تحديات غير مسبوقة، ويطرح السؤال: هل ستتمكن إسرائيل من تحقيق حلمها الكبير، أم أن مقاومة الشعوب ستُبقي هذه المخططات مجرد أحلام مؤجلة؟

بقلم/ أماني يحيى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى