التحرش الالكتروني في ظل القوانين الوطنية و الدولية

بقلم: الدكتور جابر غنيمي
مدرس جامعي
قاضي رتبة ثالثة بمحكمة الاستئناف بقابس
برز في الاونة الاخيرة نمط جديد من الجرائم لم يكن مألوفا في السابق ، بسبب التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية …، تجسد في جرائم ترتكب بواسطة شبكة الانترنت والتي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على الافراد وخصوصياتهم، اذ أصبح افراد المجتمع يعانون من انتهاك لحقوقهم وخصوصياتهم الالكترونية وذلك في ظل انتشار الجرائم االاكترونية المختلفة و من بين هذه الجرائم ما يعرف بجرائم التحرش الالكتروني.
لتحرش في اللغة من حرشه – حرشاً اي خدشه، وحرش الدابة اي حك ظهرها بعصا أو نحوها لتسرع ويطلق ويراد به الصيد، اي هيجه ليصيده و يقال احرشني بضب انا حرشته وهو يخاطب به العالم بالشيء من يريد تعليمه اياه، فهي للانسان والحيوان.
والتحرش بشكل عام يعني اغراء الانسان والاثارة واالفساد والمضايقات والابتزازات الجنسية وقيل ان الاغراء والتحريض لهما معنى واحد، فكلمة حرض تعطي نفس معنى كلمة اغرى، والتحريض هو الحث على الشيء والتحريك والدفع على ارتكاب جريمة هو الايعاز على ارتكابها.
ويُعرف التحرش الالكتروني بأنه استخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من جانب فرد او مجموعة في إيذاء الاخرين في شكل ُمتعمد.
و يمكن ان يعرف التحرش الإلكتروني بانه تهديد عن طريق استخدام التقنيات الرقمية، ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الإجتماعي ومنصات الرسائل والهواتف المحمولة، حيثُ إنه سلوك متكرر يهدف إلى تهديد وإخافة وفضح وإسكات المستهدفين.
ويقع التحرش الالكتروني ضمن فئة أو أكثر من الفئات التالية:
المضايقة والمطاردة: إرسال تهديدات متكررة أو رسائل مؤذية او عبارات و الفاظ جنسيةعبر منصات الرسائل أو المكالمات الهاتفية .
الفَضح والخداع: إشراك شخص ما في المراسلة الفورية وخداعه أو خداعها للكشف عن معلومات شخصية وحساسة.
تشويه السمعة: إرسال أو نشر ثرثرة أو إشاعات عن شخص ما للإضرار بسمعته أو صداقاته أو الإضرار بإندماجه الإجتماعي.
و يتخذ التحرش الالكتروني صورا متعددة :
ـ التحرش عبر البريد الالكتروني:
يعاني الكثير من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي والاجهزة الالكترونية الموصولة بشبكة الانترنت من استلامهم المتكررعبر البريد الالكتروني للرسائل غير اللائقة التي قد تحتوي على عبارات او شتائم جنسية او مشاهد جنسية ً او صور ، او التهديد والابتزاز باستخدام صور الضحية او استخدامها فعلا دون موافقة صاحبها او من دون عمله ومشاركتها في مواقع ذات طابع جنسي او مقرونه بعبارات غير لائقة.
التحرش الالكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعي :
وجد استطلاع اجراه موقع بيو إنترنت اند أميركانا لايف عام 2006 ان %55 من الاميركيين في اعمار 12 إلى 17 سنة يستخدمون الشبكات الاجتماعية الالكترونية (فيسبوك وماي سبيس و تويتر…) التي يمكنهم فيها وضع معلومات شخصية عنهم والاتصال بأشخاص اخرين مما يتيح الفرصة لبعض من الذئاب البشرية الالكترونية ً لمراقبة ضحاياهم لاقتناصهم.
التحرش الالكتروني عبر الرسائل الفورية:
تسهل التقنيات الحالية في الانترنت تبادل الرسائل المكتوبة جيئةً وذهابا الي شخص ً يستخدم الكمبيوتر والهاتف الجوال والاجهزة الالكترونية الاخرى وهذه الوسيلة التي ً تزداد شعبيتها لدى الصغار والشباب يبدو انها تشكل خطرا عليهم يتمثل في التخويف والتحرش الجنسي الالكتروني.
التحرش عبرُ غرف الدردشة:
هذه المنتديات الالكترونية المخصصة للحوار تتيح للناس تبادل الرسائل المكتوبة فيما بينهم والمحادثات كما تتيح بعض المواقع للمشاركة وتبادل الصور والاحاديث في نفس الوقت.
غير ان غرف الدردشة هذه تشكل خطر ا أكبر من ناحية التحرش الجنسي الاللكتروني. ً ويعتقد الباحثون ان غرف الدردشة خطره لكونها تتيح للمشاركين فيها الاتصال المباشر وبشكل شخصي ولان بعضا منها يشجع على استخدام اللغة البذيئة والاحداث ً الجنسية والتلميحات الجنسية.
التحرش عبرالمدونات الالكترونية:
هذه المدونات التي يسجل فيها الكاتب خواطره و آرائه او معلوماته الشخصية، ويمكن ً لقارئ هذه المدونات ارسال تعليقاتهم أيضا التي تقود الى حوار الكتروني بين القارئ واخرين او من كاتب المدونة.
وتزيد المدونات من المضايقات الالكترونية وقد تزيد من خطر التحرش الجنسي الالكتروني حيث يكشف كتاب المدونات عن خفايا ذاتهم الشخصية على النترنت ومن بينها مشاعر ضعفهم وبياناتهم الشخصية.
وجرائم التحرش عبر الانترنيت عادة لا يكون لها حدود جغرافية معينة فهي جرائم عابرة للحدود وهذا يشمل بطبيعة الحال كل وسيلة اتصال تستخدم الانترنيت كالحواسيب والهواتف الذكية، فمن المتصور ان يتم ارسال رسالة أو صورة تحمل ايحاء جنسيا إلى اي شخص يستخدم هذه الشبكة في اي مكان في العالم دون ان تخضع لحرس الحدود ونقاط التفتيش.
ومن المعلوم ان مستخدمي شبكة الانترنيت يتمتلون بصفات تميزهم عن غيرهم وذلك كانعكاس لما تتطلبه عمليات استخدام هذه الشبكة من قدرات تقنية وفنية.
وتتميز جريمة التحرش عبر الانترنيت عن جرائم التحرش العادية بانها لا تترك اي اثرا ماديا ومن السهل فيها محو االادلة أو التلاعب فيها اضافة إلى انها تحتاج إلى خبرة فنية عالية للوصول إلى مرتكبيها، ووسائل اثباتها تختلف عن وسائل اثبات التحرش الجنسي العادي حيث ان اساليب الاثبات االالكتروني يغلب عليها صفة الحداثة و الجانب العلمي الفني.
و دراسة التحرش الالكتروني تقتضي استعراض أركانها ( المبحث الأول) و تجريمها ( المبحث الثاني)
المبحث الأول: اركان جريمة التحرش الالكتروني
جريمة التحرش الالكتروني تخضع للقواعد العامة للجريمة بوجه عام ولا تختلف عن الجرائم الاخرى بهذا الخصوص فلابد من توافر الركن المادي ( الفقرة الأولى) و الركن المعنوي ( الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى: الركن المادي في جريمة التحرش الالكتروني
الركن المادي للجريمة هو سلوك إجرامي يتم فيه ارتكاب فعل جرمه القانون او امتناع عن فعل أمر به القانون.
والركن المادي في جرائم التحرش الالكتروني هو قيام الجاني بارتكاب الافعال التي يؤثمها المشرع كونها جريمة جنسية ماسة بالعرض او مشاعر الحياة سواء اكان فاعلاأصلياً فيها وذلك بقيام الافعال التنفيذية او بوصفه شريكاً سواء بالتحريض او الاتفاق او المساعدة.
وتتكون جريمة التحرش الالكتروني مثلها مثل باقي الجرائم من نشاط إجرامي يقوم به الجاني ونتيجة إجرامية وما يترتب على ذلك النشاط وعلاقة سببية تربط بين النشاط والنتيجة.
النشاط الاجرامي في جريمة التحرش الالكتروني:
المراد بالنشاط الاجرامي وهو ذلك النشاط المادي الملموس الذي يأتيه الجاني او يتقاعس فيه عن تنفيذ واجب قانوني مفروض عليه بما يوقعه تحت طائلة العقاب. ويتنوع السلوك الاجرامي إلى نوعين إيجابي وسلبي فتكون جريمة التحرش الالكتروني إما ان تُرتكب بسلوك إيجابي او سلوك سلبي.
السلوك الايجابي:
فهو حركة إرادية يقوم بها الجاني لتنفيذ الجريمة التي ينسب اليه ارتكابها ، ومن امثلة هذا في جريمة التحرش الالكتروني قيام المتحرش بإرسال رسالة تحتوي على كلمات إباحية والفاظ جنسية على الصفحات الخاصة بضحايا التحرش الا لكتروني او عبر إيميل الخاص. …
السلوك السلبي:
ويقصد به الاحجام او التقاعس عن إتيان سلوك إيجابي ُمحدد كإن من الواجب فعله والوفاء به حال توافر ظر ٍف ما . والعلة من التجريم والعقاب على سلوك الامتناع تكمن في ان هذا السلوك من شأنه الا فصاح عن الارادة الاجرامية التي اتجهت إلى الا متناع عن الفعل الا يجابي الذي اوجب القانون القيام به.
وفي التطور التقني الحالي يعتبر السلوك السلبي ركن له أهميته في جرائم التحرش الجنسي بوجه عام والتحرش الالكتروني بوجه خاص فهو يجد انتشارا واسعا. وفي مثل هذه الجرائم فإن الامتناع عن اداء الواجب الذي يُفرضه القانون او التقاعس المتمثل في الامتناع عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة يؤدى إلى وقوع حالات تحرش إلكتروني.
النتيجة الاجرامية:
في جريمة التحرش الالكتروني. تتمثل النتيجة االاجرامية في جريمة التحرش الالكتروني في الا ثر الذي يترتب على السلوك الاجرامي الذي يُحدد له القانون حماية جنائية.
وتحدد التشريعات الجنائية النتيجة الاجرامية بالنظر إلى طبيعة المصلحة المراد حمايتها بنصوص خاصة بالتجريم والعقاب وعلى ذلك فإن ثمة مصالح تحتاج إلى حماية لمجرد تهديدها بالخطر حتى ولو لم يترتب على ذلك آ ثار مادية كما ان هناك مصالح وحقوقا لا يكفي لحمايتها مجرد تهديدها بالخطر وانما يلزم ان يترتب على ذلك أثار مادية ُمحددة .
وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول ان النتيجة الاجرامية لها مدلولان أحدهما مادي والاخر قانونيا.
والمدلول المادي يُمثل أ ثر ارتكاب النشاط اإلجرامي في التغير الذي يحدث في العالم الخارجي والذي يوجب ارتباط السلوك بالنتيجة التي أ َّدى اليها برابطة سببية مادية. والمدلول القانوني يُمثل الاعتداء على المصلحة التي يحميها القانون سواء أ َّدى هذا الاعتداء إلى إ حداث ضرر بالمصلحة المعتدى عليها او كونه ُمجرد تهديد بالخطر. ويترتب على مدلول النتيجة القانونية ان جرائم الشروع لها نتيجة إجرامية تتمثل فيما تُحدثه من الضرر الذي تسبب فيه الفعل الاجرامي بالنسبة للمصلحة المراد حمايتها قانونا.
ويُعتبر عنصر النتيجة بمدلوليه من المسائل الشائكة الدقيقة صعبة الاثبات في جريمة التحرش الالكتروني ويرجع ذلك إلى الطبيعة الخاصة لهذه الجريمة وما يترتب عليها من نتائج فهذه النتيجة قد لا تتحقق في الحال ولكن قد يتراخى تحقيقها لفترة قد تطول او تقصر كما انها قد تتحقق في مكان حدوث الفعل وقد تتحقق في مكان اخر وهو ما عليه الحال في جريمة التحرش الالكتروني .
العلاقة السببية في جريمة التحرش الالكتروني:
علاقة السببية هي الرابطة التي تصل ما بين النشاط والنتيجة الاجرامية المترتبة عليه وتثبت بأن هذه الاخيرة قد تحققت بسبب الاول وأنها قد ارتبطت به ارتباط المسبب بالسبب.
يمكن القول بأ نه يشترط لمساءلة الفاعل جنائيا في جريمة التحرش الالكتروني ان يكون سلوكه هو الذي أ َّدى إلى إحداث النتيجة الاجرامية المعاقب عليها.
الفقرة الثانية: الركن المعنوي في جريمة التحرش الالكتروني
يفترض الركن المعنوي توجه الارادة نحو ماديات الجريمة. وتتبلور ارادة الجاني في صورة القصد الجنائي، وعلى اساسه تكون الجريمة عمدية، والصورة الثانية الخطأ الغير العمدي وعلى اساسه تكون الجريمة غير عمدية .
القصد الجنائي في جريمة التحرش الالكتروني:
يُعد القصد الجنائي وهو الصورة الاكثر أهمية، ويتوافر هذا القصد متى عِلم الجاني بحقيقة الواقعة المجرمة التي يرتكبها وبعناصرها القانونية مع اتجاه إرادته إلى ارتكاب النشاط الاجرامي وتحقيق النتيجة من ورائه.
وقد تنقل المشرع الامريكي في تحديد الركن المعنوي للجريمة بين مبدا الارادة ومبدأ العلم فهو تارة يستخدم الارادة واحيانا ً اخرى يأخذ ً بالعلم .
اما بالنسبة للقضاء الفرنسي فإن منطق سوء النية هو الاعم في شأن جرائم الانترنت حيث يشترط المشرع الفرنسي وجود سوء نية في الاعتداء على بريد إلكتروني خاص.
ويتم ُمعالجة القصد الجنائي في جريمة التحرش الالكتروني على النحو الاتي:
ــ العلم بالحق محل الحماية:
يجب ان يحتاط الجاني المتحرش الالكتروني علما بالحق محل الحماية ، فيجب ان يعلم الجاني كذلك بعناصر النشاط الاجرامي الذي يرتكبه عمدا أي ان من شان ُجرمه ان يُفضي إلى تحقيق النتيجة الاجرامية التي نص عليها القانون وتطبيقا لذلك يجب ان يعلم الجاني ان من شأن فعله ان يؤدى إلى الخوض في اعراض المجني عليهم وانتهاك ُحرماتهن المقدسة.
ـ القصد الجنائي الخاص في جريمة التحرش الالكتروني :
انصراف اراد ة الجاني إلى تحقيق واقعة معينة لاعلاقة لها بالركن المادي للجريمة وهو ما يسمى بالقصد الجنائي الخاص ، وحين يستوجب المشرع توافر قصد خاص في الجريمة فإن النتيجة التي تترتب على انتفاء هذا القصد تُعد انتقاء للجريمة نفسها إلا إذا كان المشرع قد نص على تجريم الفعل المكون للجريمة تحت ُمسمى اخر.
ولم يتطلب المشرع في جريمة التحرش الالكتروني توافر قصد خاص او نية خاصة فهي تقوم على اساس توافر القصد العام الذي يتكون من العلم والارادة.
الخطأ الغير عمدي في جريمة التحرش الالكتروني:
الصورة الثانية في جريمة التحرش الالكتروني للركن المعنوي تتمثل في الخطأ غير العمدي ويقصد به إ خلال الجا ني عند تصرفه بواجبات اليقظة والحذر التي يُفرضها القانون ويترتب على ذلك عدم توقعه حدوث النتيجة وعدم حيلولته دون حدوثها في حين انه كان في استطاعته ومن واجبه ان يتوقعها وان يحاول دون حدوثها.
ولتوافر الخطأ الغير عمدي يلزم تحقق عنصرين أولهما عنصر الاخلال بواجبات الحيطة والحذر التي يُفرضها القانون على الناس في تصرفاتهم والعنصر الثاني عنصر عدم التوقع لحدوث النتيجة التي يتمثل فيها الاعتداء على الحق محل الحماية او توقعها مع الاعتماد على قدرا غير كافيا للحيلولة دون حدوثها.
المبحث الثاني: تجريم التحرش الالكتروني
لقد تم تجريم التحرش الالكتروني على المستوى الدولي ( الفقرة الأولى) و الوطني
( الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: التجريم على المستوى الدولي
لقد تم تجريم التحرش الالكتروني باعتباره جريمة الكترونية على المستوى الاممي و الإقليمي.
على المستوى الاممي: و ذلك من خلال:
– مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي تم انعقاده بمدينة ميلانو بإيطاليا في سنة 1985 م: وقد انبثق عن هذا المؤتمر مجموعة من القواعد التوجيهية والتي توجت بالمصادقة على هذه المبادئ في هافانا بكوبا عام 1990 م. فقد أكد هذا المؤتمر على وجوب تطبيق التطورات الجديدة في مجال العلم والتكنولوجيا في كل مكان لصالح الجمهور. وبالتالي لمنع الجريمة على نحو فعال.
وأهم مبادئ مؤتمر هافانا (1990م):
&-تحديث القوانين الجنائية الوطنية بما في ذلك التدابير المؤسساتية .
&-تحسين أمن الحاسب الآلي والتدابير الفنية .
&اعتماد إجراءات تدريب كافية للموظفين والوكالات المسؤولة عن منع الجريمة الاقتصادية والجرائم المتعلقة بالحاسب الآلي والتحري والإدعاء فيها.
&-تلقين آداب الحاسب الآلي كجزء من مفردات مقررات الاتصالات والمعلومات.
&-اعتماد سياسات تعالج الاشكلات المتعلقة بالمجني عليهم في تلك الجرائم.
– اتفاق بشأن التعاون على مكافحة الجرائم في مجال المعلومات الحاسوبية لعام 2001: تضمن العديد من المواد المخصصة للتعاون الدولي (المواد 5-7)، والتي تغطي أنواع التعاون التي تغطيها هذه الاتفاقية (أي تبادل المعلومات؛ وتقديم المساعدة القانونية وفقًا للصكوك الدولية؛ ومنع الجرائم الإلكترونية واكتشافها وقمعها والتحقيق فيها؛ على سبيل المثال لا الحصر)، وكذلك الطريقة التي يمكن للدول الأعضاء طلب المساعدة بها، والمبادئ التوجيهية للدول الأعضاء حول كيفية تنفيذ هذه الطلبات. وتتضمن المادة 8 من هذه الاتفاقية الظروف التي يمكن بموجبها رفض طلب المساعدة (أي عندما ينتهك هذا الطلب القانون الوطني للدولة) ومتطلبات الدولة الرافضة لإخطار الدولة الطالبة كتابيًا برفض الطلب وسبب (أسباب) الرفض.
– مقررات و توصيات المؤتمر الخامس عشر للجمعية الدولية لقانون العقوبات 1994 البرازيل بشأن جرائم الكمبيوتر: انعقد هذا المؤتمر سنة 1990 بالبرازيل حيث نص على الأفعال المجرمة كالاحتيال، و الغش المرتبط بالكمبيوتر من خلال إتلاف و محو المعطيات ، و أيضا ما يعرف بالتزوير المعلوماتي و يشمل إتلاف و محو البرامج و البيانات و تعطيل وظائف الكمبيوتر و نظام الاتصالات( الشبكات)، أو الدخول غير المصرح به عن طريق انتهاك إجراءات الأمن.
– اتفاقية برن الدولية لحماية المصنفات الأدبية و الفنية: بهدف حماية حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية بأكثر الطرق فعالية تم إبرام اتفاقية برن الدولية في 9سبتمبر 1886 و المكملة بباريس في ماي 1896 و المعدلة في برلين في 13 سبتمبر 1908;،3 و المكملة ببرن في 20 مارس 1914 و المعدلة بروما في جوان 1928 و بروكسل سنة 1948 و استوكهولم في جويلية 1967 و باريس في جويلية 1971 حيث تشكل الدول الأطراف في هذه الاتفاقية اتحادا لحماية حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية و الفنية.
– اتفاقية بودابست لمقاومة جرائم المعلوماتية و الاتصالات 2001: إدراكا من الدول بمدى خطورة الجريمة المعلوماتية بوصفها جريمة عابرة للحدود فقد تم التوقيع عليها من طرف ثلاثون دولة في العاصمة المجرية بودابست نذكر منها دول أعضاء من الاتحاد الأوروبي ، إضافة إلى كندا، اليابان، جنوب إفريقيا، أمريكا، و جاءت هذه الاتفاقية لتعالج إشكالية دولية الجريمة الالكترونية و تجاوزها للحدود الدولية بما يساعد الدول على مكافحة هذه الجريمة و تعقب مرتكبيها و المساعدة على الاستدلال عليهم و ضبطهم كما تحدد أفضل الطرق الواجب إتباعها في التحقيق في جرائم الانترنت التي تعهد الدول الموقعة بالتعاون الوثيق من أجل محاربتها،كما فصلت الاتفاقية النصوص الجنائية الموضوعية للجريمة و أنواعها كما تشمل جوانب عديدة من جرائم الانترنت من بينها الإرهاب، عمليات تزور بطاقات الائتمان وغيرها.
– قانون الأونستيرال النموذجي: اقتناعا من الدول بضرورة منع هذه الجرائم و مكافحتها خاصة و أن ذلك يتطلب استجابة ديناميكية في ضوء الطابع الدولي و الأبعاد الدولي لإساءة استخدام الكمبيوتر و الجرائم المتعلقة به تم صياغة قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية، و الآخر بشأن التوقيعات الالكترونية :
قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية: اعتمد هذا النص في 5 جويلية 2001 و ينطبق هذا القانون حيثما تستخدم توقيعات الكترونية خاصة بعدما أصبح التوقيع بمفهومه التقليدي لا يستجيب لمتطلبات السرعة و الحداثة التكنولوجية حيث أنه أمام هذه التطورات تلاشت وظيفة التوقيع التقليدي ليحل محله التوقيع الالكتروني و هو عبارة عن كود سري أو شفرة سرية يتم الحصول عليها بعد إتباع جملة من الإجراءات.
قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية: تنطبق نصوص هذا القانون على أي نوع من المعلومات التي تكون في شكل رسالة بيانات مستخدمة في سياق أنشطة تجارية، بحيث يتم استلامها أو تخزينها بوسائل الكترونية، و يتم تبادل هذه البيانات من خلال نقلها الكترونيا من حاسوب إلى آخر باستخدام معيار متفق عليه، مع الأخذ بعين الاعتبار تفسير هذا القانون لمصدره الدولي و لضرورة توحيد تطبيقه.
على المستوى الإقليمي: تم إقرار مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف الى مكافحة جرائم التحرش الالكتروني على المستوى الإقليمي:
جامعة الدول العربية: الاتفاقية العربية لجامعة الدول العربية بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2010 : تضمنت المادتان 32 و 34 من الاتفاقية العربية لجامعة الدول العربية بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2010 أحكامًا بشأن المساعدة المتبادلة وإجراءات التعاون وطلبات المساعدة المتبادلة.
الاتحاد الافريقي: اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن الأمن الإلكتروني وحماية البيانات الشخصية لعام 2014: تتضمن المادة 28 أحكامًا بشأن التنسيق والمساعدة القانونية المتبادلة بشأن مسائل الجرائم الإلكترونية وتبادل المعلومات.
منظمة الدول الامريكية: اتفاقية التعاون الأيبيرية الأمريكية بشأن البحث والتأمين والأدلة بشأن قضايا الجرائم الإلكترونية: تسعى الى تعزيز التعاون بين الموقعين فيما يتعلق بجمع الأدلة وحفظها في مجال الجرائم الإلكترونية.
مجلس أوروبا: معاهدة مجلس أوربا الخاصة بحماية الأشخاص من مخاطر المعالجة الآلية للبيانات: وضعت الاتفاقية للتوقيع في جانفي 1981. وقد بدأ السريان الفعلي لهذه الاتفاقية في أكتوبر 1985, وكان كل ذلك الجهذ نتيجة اهتمام لجنة الوزراء في المجلس بمسألة الخصوصية السرية منذ عام 1968, والتي انطوت على توجيهات بصدد وجوب توفير قواعد تكمل حماية البيانات الشخصية من مخاطر المعالجة الآلية .
الفقرة الثانية: التجريم على المستوى الوطني
تم تجريم التحرش الجنسي في اغلب القوانين الوطنية:
القوانين الغربية:
السويد: قانون البيانات السويدي عام 1973م: تعد السويد أول دولة تسن تشريعات تضم جرائم الانترنت أو جرائم المعلوماتية ولا سيما التزوير المعلوماتي اذ صدر قانون البيانات السويدي عام 1973م الذي عالج قضايا الدخول غير المشروع للبيانات الحاسوبية أو تزويرها أو تحويلها أو الحصول غير المشروع عليها.
الدانمارك: قانون ُمكافحة جرائم الحاسب الالي و الانترنت الدنماركي 1985م: في عام 1985 سنت الدنمارك أول قوانينها الخاصة بجرائم الحاسب الالي والانترنت التي شملت في فقراتها العقوبات المحددة بجرائم الحاسب االالي كالتزوير المعلوماتي. .
المملكة المتحدة: قانون ُمكافحة التزوير والتزييف البريطاني 1986م: اصدرت بريطانيا قانون مكافحة التزوير والتزييف عام 1986م الذي شمل في تعاريفه الخاصة تعريف اداة التزوير وهي وسائط التخزين الحاسوبية المتنوعة أو أي اداة أخرى يتم التسجيل عليها سواء بالطرق التقليدية أو الالكترونية أو باي طريقة أخرى.
المانيا: قانون ُمكافحة التزوير المعلوماتي الالماني 1986م: سن المشرع الالماني قانون مكافحة التزوير المعلوماتي سنة 1986م.
فرنسا: القانون الفرنسي الخاص بالتزوير المعلوماتي 1988م: اصدرت فرنسا في عام 1988م قانون رقم 19 الخاص بالتصدي للتزوير المعلوماتي.
الولاياتالمتحدة الامريكية: قانون الاحتيال والانتهاك الحاسوبي الامريكي : هو مشروع قانون متعلّق بالأمن الحاسوبي، اعتُمد كتعديل لقانون الانتهاك الحاسوبي في عام 1986 (18 يو. إس. سي. 1030) الذي كان متضمناً قانون مكافحة الجريمة الشامل لعام 1984. يحظر هذا القانون الولوج إلى جهاز كمبيوتر دون تصريح بالولوج أو مع تجاوز التصريح بالولوج.
سُنّ مشروع القانون الأصلي لعام 1984 تجاوباً مع القلق من إفلات الجرائم الحاسوبية من العقاب.
دول المغرب العربي:
المغرب: ادخل المشرع المغربي الفصول التي ت اقب على الافعال التي تشكل جرائم بعنوان المس بنظام المعالجة الالية للمعطيات وذلك بموجب القانون رقم 7.003 الصادر بتاريخ 16 رمضان 1424هـ الموافق 11 نوفمبر 2003م.
الجزائر: لقد تطرق المشرع الجزائري إلى تجريم الأفعال الماسة بأنظمة الحاسب الآلي وذلك نتيجة تأثره بما أفرزته الثورة المعلوماتية من أشكال جديدة من الإجرام مما دفع المشرع الجزائري إلى تعديل قانون بموجب القانون العقوبات رقم 04-15 المؤرخ – في 10 نوفمبر 2004 المتمم لأمر رقم- 66-156 المتضمن قانون العقوبات تحت عنوان المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات . ويتضمن هذا القسم ثمانية مواد من المادة 394 مكرر إلى 394المادة مكرر7.
وفي عام 2006 أدخل المشرع الجزائري تعديل آخر على قانون العقوبات بموجب قانون- رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 حيث مس هذا التعديل القسم السابع مكرر والخاص بالجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، وقد تم تشديد العقوبة المقررة لهذه الأفعال فقط دون المساس بالنصوص ، الواردة في هذا القسم من القانون 04-15 وربما يرجع سبب هذا التعديل إلى إزدياد الوعي بخطورة هذا النوع المستحدث من الإجرام بإعتباره يؤثر على الإقتصاد الوطني بالدرجة الأولى وشيوع إرتكابه ليس فقط من الطبقة المثقفة بل من قبل الجميع بمختلف الأعمار ومستويات التعليم نتيجة تبسيط وسائل التكنولوجيا المعلومات وإنتشار الأنترنت كوسيلة لنقل المعلومات.
تونس:
في سياق مكافحة الجرائم الالكترونية و التي من بينها جرائم التحرش الالكتروني صدرت كل من:
مجلة الاتصالات: ينص الفصل 86 على انه” يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة و سنتين و بخطية من مائة الى الف دينار كل من يتعمد الإساءة الى الغير او ازعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات”.
المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال: و تضمن تجريم ل:
الاشاعة و الاخبار الزائفة: ينصالفصل 24 على انه يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.
ويعاقب بنفس العقوبات كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر، أو إشاعة أخبار، أو وثائق مصطنعة ،أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.
وتضاعف العقوبات ا إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.
استغلال الأطفال والاعتداءات الجسدية: ينص الفصل 26 على انه يعاقب بالسجن مدّة ستة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد إنتاج، أو عرض أو توفير أو نشر أو إرسال أو الحصول أو حيازة بيانات معلوماتية ذات محتوى إباحي تظهر طفلا أو شخصا يبدو في مظهر طفل بصدد القيام بإيحاءات أو ممارسات جنسية أو يتعرض لها.
ويعاقب بنفس العقوبات كل شخص تعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو بث صور أو مقاطع تصويرية لاعتداء جسدي أو جنسي على الغير.
دول المشرق العربي:
الامارات العربية المتحدة: تعد دولة الامارات العربية أول دولة عربية تسن قانون مستقلا لمكافحة الجرائم المعلوماتية رقم 2 لسنة 2006م.
المملكة العربية السعودية: سنت المملكة العربية السعودية نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م.17/ وبتاريخ 1428/3/8هـ الموافق ل 8-3-2008.
سلطنة عمان: اصدرت سلطنة عمان جملة من التشريعات لمكافحة الجريمة المعلوماتية تحت مسمى: قانون سلطنة عمان لمكافحة جرائم الحاسب الالي، فقد صدر المرسوم السلطاني رقم 72 لسنة 2001م بشأن تعديل بعض احكام قانون الجزاء العماني ليشمل معالجة جرائم الحاسب الالي وذلك بإضافة فصل في الباب السابع من قانون الجزاء العماني تحت عنوان جرائم الحاسب الالي وكذلك اضيفت مواد إلى قانون الاتصاالت العماني تجرم تبادل وسائل تخدش الحياء العام وتجرم استخدام اجهزة الاتصاالت للاهانة والحصول على معلومات سرية أو إفشاء الاسرار أو إرسال رسائل تهديد، وسنت السلطنة قانونا ينظم المعاملات الحكومية الالكترونية والتوقيع الالكتروني وحوادث اختراق الانظمة.