

تحل اليوم الذكرى 66 لاستقلال تونس الذى تحقق بعد 75 عاما من الاحتلال الفرنسي الذى جثم على صدورنا نتيجة للضعف والفساد الذى نخر موسسات البلاد فطمعت فى بلادنا القوى الاجنبية.
وخاصة فرنسا وايطاليا وتم اخر المطاف السماح لفرنسا ان تحتل تونس مقابل اطلاق العنان لايطاليا حتى تحتل الحبشة وليبيا و لانقلترا حتى تحتل مصر وقبرص انتصب الاحتلال فى شكل حماية حتى يحافظ العرش الحسينى على تواجده.
ولكن الباى كانت سلطاته مقيدة وكانت السلطة الحقيقية بيد المقيم العام الفرنسي لم تمضى اكثر من ثلاثة عقود حتى بدات النخبة التونسية فى التحرك للمطالبة بتطبيق دستور 1861 وجاءت الحرب العالمية الاولى التى انتصر فيها الحلفاء وانعقد مؤتمر باريس واعلن الرءيس الامريكى ويلسن عن تبنيه مبدا حرية تقرير المصير للشعوب المستعمرة فتكون سنة 1919 وفد تونسي تحول لباريس للمطالبة بالاستقلال.
كما تكون وفد مصرى تحول الى لندن للمطالبة باستقلال مصر ولم يتحقق اى شىء فتبين ان وعود الرءيس الامريكى ذر. رماد على الاعين وبذلك تكون سنة1919 حزب الوفد فى مصر نسبة للوفد الذى تنقل للندن. وحزب الدستور الذى طالب بالرجوع لدستور 1861 او وضع دستور جديد تحرك الحزب الدستورى بقيادة الشيخ الثعالبى وكانت مرجعيته عربية اسلامية لتاطير النخبة التونسية ولكن مقارباته واسلوبه كان غير منسجم مع الفكر السياسي للشباب التونسي الذى رجع بداية من1927 من الجامعات الفرنسية.
وحدث الانشقاق المبارك يوم 2 مارس 1934بميلاد الحزب الدستورى الجديد بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة الذى قاد معركة التحرير بمراوحة بين السياسة والمقاومة حتى تحقق الاستقلال الداخلى يوم 3 جوان 1955 اغتنم بورقيبة الضغط الذى مارسه صالح بن يوسف للتشكيك فى جدوى الاستقلال الداخلى ليقنع فرنسا بضرورة منح تونس الاستقلال التام على غرار ما انجز بالمغرب فوقع بروتوكول الاستقلال التام يوم 20 مارس1956 من طرف المرحوم الطاهر بن عمار ممثلا عن تونس وكريستيان بينو وزير خارجية فرنسا وتم ذلك فى الساعة السادسة مساء بمقر الخارجية الفرنسية كاى دورسي Quai d Orsay تم توقيع بروتوكول الاستقلال التام وحبر بروتوكول الاستقلال الداخلى لم يجف بعد خاضت حكومة الاستقلال بامكانيات تكاد تكون معدومة.
ملاحم لاستكمال مقومات السيادة وتم اقامة موسسات الدولة وصيغ دستور 1959 الذى ارسى نظاما رءاسيا مكن رءيس الجمهورية ان يبسط نفوذه ويجند الكفاءات الوطنية ليضع الخطط التنموية دون اعطاء اهمية للحريات خاصة وان المناخ العالمى لم يكن يولى موضوع الحريات اهمية كبرى رغم الهنات التى اعترت مسيرة الاستقلال فقد توفقت الدولة فى تحقيق نسبة تمدرس عالية وتحسين الاوضاع الصحية ووضع مقومات بنية اقتصادية ناجحة ورغم حالة الوهن التى عرفها النظام السياسي فى اخر فترة الرءيس بورقيبة فان التغيير الذى جد يوم 7 نوفمبر 1987 انقذ النظام السياسي من الانهيار وانقذ بورقيبة من شيخوخته ليستمر النظام فى تطوير المجتمع وتحسين الاوضاع المعيشية للمواطن حتى حدثت متغيرات اضعفت التجمع الدستورى الديمقراطى وتمكن المقربون من الرءيس الاسبق من توريط النظام فى الفساد المالي الذى كان احد اسباب سقوطه باسره يوم 14 جانفى 2011 اليوم نعيش هذه الذكرى التى شكلت ملحمة راءعة فى تاريخ بلادنا. لكن وضعنا اصبح مقلق للغاية وهو ما يفرض تكاثف الجهود من اجل انقاذ البلاد واصلاح سريع لكل المنظومات التى تكاد تنهار ولا يكون ذلك الا بحوار وطنى مسؤول وشجاع وتحقيق مصالحة شاملة ووضع خطط تنموية واقتصادية جديدة يقع الانطلاق فى تنفيذها فى وحدة وطنية صماء.
فكل محاولات الاقصاء والشيطنة وتواصل المحاكمات بعقلية التشفي والانتقام لن تزيد الوضع الا احتقانا الدستوريون الوطنيون اللذين بنوا الدولة الحديثة هم اكثر وعى من غيرهم بحساسية الوضع ولا يقبلون منطق التخوين والشيطنة لاى فىة من ابناء الشعب التونسي ويؤمنون انه لابد من الحوار لصياغة مقاربات جديدة هى الكفيلة وحدها بتجاوز الوضع الاجتماعى والاقتصادى والسياسي الصعب الذى تعيشه بلادنا والذى شكل حيرة تنتاب حاليا كل فىات الشعبلذلك فان احياء هذه الذكرى تفرض على الجميع مراجعة مواقفهم والسعى لبناء جسور التقارب واقامة مصالحة وطنية باتت اكثر من ضرورية مع الحرص على تعزيز مقومات الوحدة الوطنية قبل كل اعتبار فالوطن قبل الاحزاب تونس تحتفل بالذكر ى 66 لعيد الاستقلال
بقلم الاستاذ عادل كعنيش محامي ورئيس ودادية قدماء البرلمانيون التونسيون وناشط سياسي
