فلكية جدة… بداية موسم الغيوم الشتوية القزحية

الاحساء
زهير بن جمعة الغزال
أوضح ذلك المهندس ماجد أبو زاهرة
سجل هذا الأسبوع انتشار واحدة من أجمل وأندر الظواهر السحابية داخل الدائرة القطبية الشمالية وهي غيوم الستراتوسفير القطبية والتي تعرف أيضاً باسم غيوم أم اللؤلؤ وتعد هذه الغيوم نادرة للغاية نظراً لتشكلها في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع يتراوح بين 15 و25 كيلومتراً فوق سطح الأرض وهي طبقة معروفة بجفافها الشديد ما يجعل تكون الغيوم فيها أمراً استثنائياً.
عندما تنخفض درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير إلى ما دون -78 درجة مئوية وقد تصل أحياناً إلى -85 درجة مئوية أو أقل تبدأ كميات ضئيلة من بخار الماء ومركبات حمض النتريك بالتكاثف مكونة بلورات جليدية دقيقة وعند مرور أشعة الشمس عبر هذه البلورات يحدث تداخل ضوئي ينتج عنه ألوان قزحية براقة تشبه ألوان الطيف.
ترصد غيوم الستراتوسفير القطبية غالبا بعد شروق الشمس مباشرة أو قبيل غروبها حيث تكون زاوية الإضاءة الشمسية منخفضة ومثالية لإبراز ألوانها القزحية.
علمياً فإن رصد غيوم الستراتوسفير القطبية في سماء الوطن العربي يعد امراً غير ممكن إذ إن هذه الغيوم تتطلب ظروفاً جوية شديدة الخصوصية لا تتوافر إلا داخل المناطق القطبية أو بالقرب منها حيث تنخفض درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير إلى ما دون -78 درجة مئوية، وتكون الدوامة القطبية قوية ومستقرة وبحكم الموقع الجغرافي لدول العالم العربي خارج نطاق الدائرة القطبية لا تصل درجات الحرارة في الستراتوسفير فوق هذه المناطق إلى المستويات الحرجة اللازمة لتشكل هذا النوع من الغيوم.
نظراً لجمالها الاستثنائي تعد هذه الغيوم من أجمل الغيوم على كوكب الأرض وفي بعض الأحيان تتنافس بصرياً مع الشفق القطبي ويصعب نسيان مشهدها بمجرد رؤيتها.
تحمل غيوم الستراتوسفير القطبية أهمية علمية كبير إذ تلعب دوراً محورياً في استنزاف طبقة الأوزون خلال فصل الشتاء القطبي. فعلى أسطح بلوراتها الجليدية تحدث تفاعلات كيميائية تحول مركبات الكلور غير النشطة إلى أشكال نشطة ومع عودة ضوء الشمس في أواخر الشتاء وبداية الربيع تبدأ هذه المركبات النشطة بتفكيك جزيئات الأوزون ما يسهم في تشكل ثقب الأوزون الموسمي خصوصاً فوق المناطق القطبية.
ويرتبط ظهور هذه الغيوم ارتباطاً وثيقاً بوجود دوامة قطبية قوية ومستقرة في طبقة الستراتوسفير حيث تهيئ هذه الحالة الجوية الظروف اللازمة لانخفاض درجات الحرارة إلى المستويات الحرجة لتشكليها وقد تشاهد غيوم الستراتوسفير القطبية عدة مرات خلال فصل الشتاء الواحد تبعاً لاستمرار هذه الظروف.
جدير بالذكر إلى أن هذه الغيوم تختلف عن الغيوم القزحية العادية التي تتشكل في طبقة التروبوسفير الأقرب إلى سطح الأرض إذ تكون غيوم الستراتوسفير القطبية أعلى بكثير وأكثر سطوعًا وثباتاً وأطول عمراً.










