أخبار العالم العربيمقالات

مركز التميّز… صوت الدولة وركيزة الوعي في معركة النصر

بقلم: المستشار سعيد الجياشي

الخلية النفسية الاستراتيجية / مركز التميز – مستشارية الأمن القومي

في العاشر من كانون الأول 2017، طوى العراق صفحة مظلمة من تاريخه الحديث معلنًا انتصاره على تنظيم داعش الإرهابي، بعد حرب استنزفت الجغرافيا والإنسان والذاكرة. لم يكن ذلك اليوم مجرّد تاريخ عسكري، بل محطة ميلاد وطني أعادت التأكيد على قدرة العراقيين على النهوض مهما اشتدّت قسوة المحنة.

معركة الوعي… الوجه الآخر للحرب

لم تقتصر المواجهة على ساحات القتال، إذ خاض العراق حربًا مركّبة امتدت إلى المجال النفسي والإعلامي، بعدما اعتمد العدو على بث الرعب وترويج الفوضى والتأثير على الرأي العام. وفي مواجهة ذلك، برزت الحاجة إلى جبهة موازية لا تقلّ أهمية عن الجبهة الميدانية، تتولى إدارة الوعي ودعم الصمود المجتمعي.

من هذا المنطلق، اضطلعت الخلية النفسية الاستراتيجية ومركز التميّز في مستشارية الأمن القومي بدور محوري في بناء خطاب الدولة وتحصين المجتمع، عبر مقاربة مهنية وظّفت الأدوات المعلوماتية والإعلامية لفضح بروباغندا العدو وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسساته.

ثلاث وستون معركة… وإرادة واحدة

بين آب 2014 ولحظة إعلان النصر، خاضت القوات العراقية 63 عملية تحرير كبرى في مختلف القواطع، شاركت فيها جميع صنوف القوات الأمنية:
• الجيش العراقي وهو يستعيد الأرض شبرًا بعد شبر؛
• الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع في أصعب المواقف؛
• الحشد الشعبي والعشائري مجسّدين وحدة المصير؛
• قوات البيشمركة التي قاتلت جنبًا إلى جنب في مواجهة عدو لا يعرف الحدود؛
• والشعب العراقي الذي ظلّ سندًا معنويًا لمقاتليه.

وفي الظل، رافقت مفارز العمليات النفسية القوات في معظم المحاور، لتشكل «الجبهة الهادئة» التي تُرسخ المعنويات وتُفشل روايات العدو وتحافظ على ثبات الوعي بين صفوف المقاتلين والمواطنين على حد سواء.

مركز التميز… من تجربة الحرب إلى بناء العقيدة

لم يكن دور مستشارية الأمن القومي في إدارة الوعي طارئًا فرضته ظروف الحرب، بل تحول إلى أساس لعقيدة وطنية جديدة تؤمن بأن الأمن الشامل يبدأ من الوعي، وأن الانتصار لا يستقرّ دون بنية نفسية وفكرية راسخة.

أصبح مركز التميز اليوم مؤسسة مرجعية في صياغة خطاب الدولة، وإدارة المعركة النفسية والمعلوماتية، وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسساته. وهو يقوم على تجربة ميدانية نادرة اكتسبها خلال سنوات الحرب، ما جعله ركيزة أساسية في إدارة المخاطر والتحديات الحديثة التي تواجه الدولة.

العراق… نصر الأرض ونصر الروح

حقق العراق انتصاره الأول باستعادة أراضيه، وحقق انتصاره الثاني بالحفاظ على روحه الوطنية ومنع انهيار وعيه الجمعي. ومع مرور السنوات، يتأكد أن بناء الدولة يبدأ من بناء الإنسان الواعي، وأن السواتر لا تكفي وحدها لحماية الوطن، ما لم يُسندها مجتمع متماسك يدرك حقيقة التهديدات وسبل مواجهتها.

تحية للابطال… واستمرار لرسالة الوعي

إجلالًا لتضحيات الشهداء وفخرًا ببطولات المقاتلين وجرحاهم، تؤكد مستشارية الأمن القومي أن الحرب انتهت، لكن معركة الوعي مستمرة. وسيظل مركز التميز والخلية النفسية الاستراتيجية الدرع الذي يحمي صورة الدولة، ويحصّن وعي المواطنين، ويواجه كل محاولات تشويه الحقائق أو ضرب السلم الاجتماعي.

فالعراق، رغم الجراح، وطنٌ لا ينكسر؛ وطنٌ يجابه التحديات، وينهض في كل مرة أقوى وأكثر ثباتًا.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى