الدكتورة أماني محمد يوسف: الحزام الناري مرض كامن يستيقظ بعد سنوات
زهير بن جمعة الغزال
الأحساء
أكدت الدكتورة أماني محمد يوسف، طبيبة الجلدية، أن الحزام الناري، الذي يُعرف طبيًا بالهربس النطاقي، يُعتبر من الأمراض الفيروسية التي تحتاج إلى وعي صحي أكبر، نظرًا لما يسببه من آلام شديدة وطفح جلدي مميز قد يؤثر في جودة حياة المريض لأسابيع أو حتى أشهر.
وأوضحت، أن هذا المرض لا يأتي من الخارج، بل يستيقظ من داخل الجسم ذاته، إذ ينتج عن إعادة تنشيط فيروس الجدري المائي الكامن في الأعصاب منذ الإصابة الأولى في مرحلة الطفولة.
وأضافت، أن الحزام الناري يظهر عادة في صورة شريط أو حزام جلدي ملتهب على واحد من جانبي الجسم، ويكون مصحوبًا بألم حارق أو وخز مستمر، مما يجعل كثيرًا من المرضى يظنون في البداية أنهم يعانون من آلام عضلية أو عصبية قبل ظهور الطفح بعدة أيام.
وبيّنت الدكتورة أماني، أن الفيروس يمكن أن يبقى خاملاً لعقود دون أن يسبب أي مشكلة، لكنه قد ينشط فجأة عند تعرض الجسم لضعف في المناعة، سواء نتيجة التقدم في العمر، أو الإجهاد النفسي المستمر، أو الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، أو عند استخدام أدوية مثبطة للمناعة، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الإصابة بين كبار السن والمرضى الذين يخضعون لعلاجات مناعية.
وشرحت، أن الأعراض تبدأ بشكل تدريجي، حيث يشعر المريض بوخز أو ألم يشبه الحرق أو الحساسية الشديدة في موضع معين من الجلد، يعقبه خلال أيام ظهور طفح جلدي أحمر يتحول إلى بثور مملوءة بسائل. وتكون هذه البثور مرتبة على مسار عصب محدد، وفي جهة واحدة فقط من الجسم، وهو ما يُعد العلامة الأكثر تميزًا للحزام الناري.
وأضافت، أن بعض المرضى قد يعانون من صداع، أو ارتفاع بسيط في درجة الحرارة، أو شعور عام بالإجهاد، بينما قد تستمر البثور في التطور إلى قروح مفتوحة قبل أن تتقشر وتجف خلال ثلاثة إلى أربعة أسابيع.
وأكدت الدكتورة أماني، أن أخطر مضاعفات الحزام الناري هو الألم العصبي التالي للهربس، وهو ألم شديد قد يستمر لأشهر وربما سنوات بعد انتهاء الطفح، ويؤثر بشكل مباشر في النوم والحركة والحياة اليومية، كما قد يتعرض بعض المرضى لالتهابات بكتيرية في الجلد، أو مشاكل في العين إذا ظهر الطفح في الوجه، وقد يؤدي ذلك في حالات نادرة إلى تأثيرات خطيرة على النظر، كما قد يخلّف المرض ندبات أو تغيرات في لون الجلد تبقى فترة طويلة بعد الشفاء.
وتشير الدكتورة أماني، إلى أن الإصابة السابقة بالجديري المائي تُعد شرطًا أساسيًا لظهور الحزام الناري لاحقًا، فيما تُعد الفئة العمرية فوق 50 عامًا الأكثر عرضة للإصابة، بالإضافة إلى الأشخاص المصابين بأمراض مناعية أو الخاضعين للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
وأوضحت، أن العلاج المبكر هو العامل الحاسم في تقليل مدة المرض وخطورة مضاعفاته، حيث تُستخدم مضادات الفيروسات مثل الأسيكلوفير أو فالاسيكلوفير لمدة خمسة أيام، مع ضرورة البدء بالعلاج خلال أول 72 ساعة من ظهور الطفح لتحقيق أفضل فعالية. كما تُستخدم المسكنات ومضادات الالتهاب حسب شدة الألم، إلى جانب العناية الدقيقة بالبثور لمنع العدوى البكتيرية.
وأكدت الدكتورة أماني، أن أخذ اللقاح المضاد للحزام الناري يُعد الوسيلة الأكثر فاعلية للوقاية، وينصح به للبالغين فوق سن 50 عامًا، وللبالغين فوق 18 عامًا الذين يعانون من ضعف في المناعة أو يتلقون أدوية مثبطة لها.
قدمت الدكتورة أماني، مجموعة من الإرشادات للمصابين، أبرزها، الحفاظ على نظافة وجفاف الطفح الجلدي، وعدم مشاركة المناشف أو الملابس مع الآخرين، وتجنب لمس البثور أو محاولة تفريغها، وارتداء ملابس فضفاضة من الأقمشة القطنية لتجنب الاحتكاك المؤلم، وتجنب مخالطة الحوامل، وحديثي الولادة، والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة حتى تمام الشفاء.
كما أكدت الدكتورة أماني، على أهمية الوعي بالأعراض المبكرة، لما له من دور كبير في تسريع العلاج وتقليل المضاعفات، موضحة أن الحزام الناري ليس مجرد طفح جلدي عابر، بل حالة طبية تستوجب العناية والمتابعة المبكرة.











