فن و ثقافة

تكريم الفنان العُماني عماد الشنفري في الدورة 26 من مهرجان أيام قرطاج المسرحية

كتبت : صفاء أحمد آغا

شهدت العاصمة التونسية مساء افتتاح الدورة السادسة والعشرين لمهرجان أيام قرطاج المسرحية، حدثًا ثقافيًا بارزًا تمثّل في تكريم الفنان العُماني عماد بن محسن الشنفري، أحد أبرز الأصوات المسرحية في سلطنة عُمان والمنطقة العربية. ويأتي هذا التكريم بوصفه اعترافًا عربيًا واسعًا بمسيرة إبداعية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، وضع خلالها الشنفري بصمة واضحة في الكتابة المسرحية والإخراج والعمل المؤسسي.

أول عُماني يُكرَّم في قرطاج المسرحية

يشكّل تكريم الشنفري سابقة تاريخية لكونه أول شخصية عمانية تحظى بهذا التقدير في واحد من أهم المهرجانات المسرحية العربية والأفريقية. وقد جاء اختياره ضمن نخبة من المسرحيين الذين كرّمهم المهرجان في دورته التي تحمل شعار:
“المسرح… وعي وتغيير – المسرح نبض الشارع”.

يهدف هذا الاحتفاء إلى إبراز رموز الإبداع المسرحي العربية ممن تركوا أثرًا نوعيًا في تجاربهم الفنية، وهو ما ينطبق على تجربة الشنفري الغنية.

مسيرة تتجاوز أربعة عقود

يُعد عماد الشنفري واحدًا من أبرز الأسماء المسرحية العمانية. جمع بين الكتابة والإخراج والإدارة المسرحية، وتولّى رئاسة الجمعية العمانية للمسرح، إلى جانب مشاركاته الواسعة في مهرجانات عربية ودولية.
وقد أنتج خلال مسيرته أكثر من 40 نصًا مسرحيًا وأخرج ما يقارب 30 عملاً لفرق محلية وعربية، ليصبح أحد أعمدة الحركة المسرحية في بلده.

ومن أبرز أعماله مسرحية «سمهري» الفائزة بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في فرع النص المسرحي لعام 2014، وهي مسرحية تنقّب في التاريخ العُماني القديم وتطرح أسئلة الهوية والصراع بين السلطة والدين، وقد لاقت اهتمامًا نقديًا واسعًا عربيًا وأكاديميًا.

شهادة تقدير عربية

يمثّل هذا التكريم رسالة واضحة من مهرجان قرطاج بأن المسرح العُماني بات حاضرًا في المشهد العربي، وأن التجارب الخليجية لم تعد مقتصرة على محيطها المحلي، خاصة مع بروز نماذج مثل الشنفري الذي قدّم، عبر كتاباته وإخراجه وأعماله الفكرية، نموذجًا للمسرح الذي يعكس الهوية ويطرح الأسئلة العميقة.

ويرى مهتمون بالشأن المسرحي أن هذا التقدير يفتح الباب أمام تعاون أكبر بين المسرح العماني ونظرائه في دول المغرب العربي، خصوصًا أن الشنفري كان دائمًا مهتمًا بالحوار الثقافي وتبادل الخبرات.

معنى التكريم في دورة تحمل شعار “وعي وتغيير”

جاء التكريم في دورة تُعنى بالمسرح كفضاء للتغيير الاجتماعي، ما يجعل الاحتفاء بالشنفري متسقًا مع التوجه العام للمهرجان. فقد كرّس تجربته للإيمان بدور المسرح في بناء الوعي، وعبّر مرارًا عن رؤيته بأن الخشبة يمكن أن تكون موقعًا لمواجهة العنف والطائفية، ووسيلة لخلق حوار إنساني حقيقي.

تفاعل الحضور وتطلعات مستقبلية

شهد تكريم الفنان العماني تفاعلًا لافتًا من الحضور المسرحي العربي والأجنبي، حيث حظي بإشادة واسعة تُبرز قوة التجربة العمانية وثراءها.
ومن المتوقع أن يساهم هذا التقدير في فتح مجالات جديدة للعروض العمانية في مهرجانات عربية ودولية، ودعم الحراك المسرحي في السلطنة، خصوصًا على مستوى الشباب والطاقات الجديدة.

تكريم عماد الشنفري في أيام قرطاج المسرحية ليس مجرد شهاد محفوف بالتصفيق، إنما هو اعتراف عربي راسخ بمسيرة فنان حمل المسرح مسؤولية فكرية وجمالية، ورسّخ عبر أعماله خطابًا مسرحيًا يرتكز على الهوية والإنسان والتجريب.
إنه تكريم لفنان… وتكريم لمسرح عُمان، الذي بات يجد لنفسه موقعًا بارزًا على الخريطة المسرحية العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى