آثار الرحُل..مسار الفنان برهان الحِيسّان» استكشاف بصري لرحلة الإبداع

الرباط – صفاء أحمد آغا
يأتي الفيلم الوثائقي المغربي” Traces Nomades” (آثار الرّحل) للمخرجة أوليا طوير ليعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان والمكان، وبين الذاكرة والحركة، من خلال رحلة بصرية تأملية في مسار الفنان والباحث في الجماليات برهان الحيسّان، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، يقدّم هذا العمل تجربة فنية تعانق الشعر البصري والبعد الفلسفي، حيث تتحول الصحراء المغربية إلى فضاء مفتوح للبحث عن الهوية والذاكرة، وعن أثر الإنسان في الزمن والمكان
في سياق الدورة الثلاثين لمهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف، يعرض هذا العام الوثائقي المغربي «آثار الرحّل: مسار الفنان والباحث في الجماليات برهان الحِيسّان» للمخرجة أوليا طوير، وإنتاج المخرج والمنتج عبد الإله الجوهري ، بدعم من المركز السينمائي المغربي.
رحلة فنان
الفيلم يتتبع رحلة الفنان التشكيلي والمفكّر المغربي برهان الحِيسّان، منذ ورشته في أغادير إلى معارضه التي امتدت حتى العيون، مروراً بتأملاته في شكل ونسق الفن الصحراوي. يقدم الفيلم مادة بصرية غنية تستعرض كيف أن الصحراء تركت “آثارًا” في أعمال الحِيسّان ليس فقط بالمعنى الحرفي، بل كرمز لحركة وتحوّل وجذور.
يتتبّع الفيلم رحلة الحيسّان من محترفه الفني في أغادير إلى معارضه الممتدة نحو العيون، كاشفًا كيف أن الصحراء لم تكن مجرد خلفية لأعماله، بل مصدر إلهام ومعنى. فبين اللقطات الوثائقية المفعمة بالضوء والسكينة، والمقاطع التأملية التي تتقاطع فيها الأسئلة الوجودية، تسعى المخرجة أوليا طوير إلى تقديم قراءة بصرية لمسار فنان يرى في “الأثر” رمزا للتجدد، وفي “الترحال” لغة للفنّ. وتنسج من خلال عدستها قصيدة سينمائية تبرز العلاقة الحميمة بين الفنان ومحيطه، بين الخطوط التي يرسمها والحدود التي يتجاوزها.
رحلة مزدوجة
من خلال تصوير مرافق بين العمل في الورشة، الزوايا المهملة من الصحراء، والتحولات في النتاج الفني، تحاول المخرجة أوليا طوير أن تكشف عن “المسار”- ليس فقط مسارًا جغرافياً، بل تأملياً – لفنان يبحث عن الهوية في فضاء الرحيل والبقاء، يعكس الفيلم بذلك روحًا مزدوجة: بين الجذور والآفاق، بين الثابت والمتحول، بين “الآثار” و”الرحل”
في نهاية “Traces Nomades”، لا يقدّم الفيلم إجابات جاهزة بقدر ما يفتح نوافذ للتأمل في معنى الوجود الفني، وفي دور الذاكرة كقوة خفية تصوغ مسار الإبداع. إنه عمل يلامس الروح، ويجعل من الصورة لغة حوار بين الحاضر والماضي، بين الفنان والمكان، وبين الرحيل والاستقرار. وبهذا، يرسّخ الوثائقي حضور السينما المغربية في مشهد فنيّ يوازن بين العمق الجمالي والرؤية الإنسانية، ليؤكد أن الفنّ، كالصحراء، لا يعرف الثبات بل يتحرّك في أثر الرحّل










