فن و ثقافة

قسم البانوراما للأفلام بمهرجان الرباط الدولي للسينما المؤلف في دورته 30 : وحده الحب»… حدودٌ تُزال بحكاية إنسانية

الرباط- صفاء أحمد آغا

في عالمٍ يُقسَّم بالحدود والجغرافيا والسياسة، يأتي فيلم «وحده الحب» للمخرج كمال كمال كصرخة فنية وإنسانية ضد كل ما يُفرّق بين البشر. من مدينة وجدة، الواقعة على تخوم الجزائر، يصوغ المخرج حكايةً تنبض بالشجن والحنين، تروي قصة زوجين فرّقهما واقعٌ أقسى من الفراق نفسه: الحدود المغلقة بين بلدين شقيقين. عبر عدسة شاعرية ولغة سينمائية تمزج بين الموسيقى والوجع، يُعيد كمال كمال تعريف الحب بوصفه القوة الوحيدة القادرة على مقاومة المسافات والسياسة والنسيا
في سياقٍ احتفى به الفنّ والرسالة، جاء فيلم “وحده الحب” لكمال كمال كصوت سينمائي مغربي يطرح إشكالية حسّاسة، هي إغلاق الحدود بين بلدين شقيقين: المغرب والجزائر. من مدينة وجدة المغربية، حيث تجري أغلب أحداث هذا العمل، تنطلق الحكاية لتسلّط الضوء على «الحدود» ليس كخطّ ترسيمي فحسب، بل كمأساة يومية تؤثر في حياة الأزواج، العائلات، والأحبة.

يحكي الفيلم قصة زوجٍ جزائري (حميد) وزوجته المغربية (نورا)، اللذين اجتمعا بحب كبير، وتُفصل بينهما هذه الحدود المغلقة، فتتحوّل المسافة بين مدينتين إلى جبل لا يُقهر، جبل عصفور الواقع بين البلدين. من خلال ذهن مخرّج يرى في الحُب «أسلوب حياة» وليس مجرد مشهد سينمائي، يشتغل كمال كمال على تشكيل فضاء بصري موسيقي يحمل وقع المعاناة، والأمل، والدعوة إلى تجاوز الانقسام.

الفيلم، الذي عرض في مهرجانات وطنية ونال جائزة إنتاج، يُكرّس الموسيقى التصويرية كعنصر مؤثّر في السرد، ليس فقط كمُجمّل ولكن كصوت ثالث يعلّق على المشاهد، ويُعيد تفعيل الإحساس.

من زاوية المعالجة، يُلاحظ أن «وحده الحب» لا ينطلق من دفّة الخطاب السياسي المباشر، بل من تجربة فردية – عائلية – إنسانية، تكشف كيف أن التوترات الجيوسياسية تُنتج واقعاً إنسانياً مشوّهاً، ويُعيد بناء الأمل من خلال التمرّد على المنطق الذي يُفرّق. هكذا قال المخرج إن الفيلم «رسالة للحب بين الشعبين، وليس عن عداء أو خلاف».

في هذا الإطار، يعتبر الفيلم إضافة نوعية لسينما الشرق المغربية، إذ يمزج بين لغة المعاناة المحلية، والبُعد العابر للحدود، من دون أن يفقد رغبته في التجميل السينمائي والرومانسية. المشاهد التي تدور في وجدة وضواحيها تشكّل خلفية واقعية تُضفي صدقاً على الحكاية.

يختتم فيلم «وحده الحب» رحلته على نغمة مؤثرة تجمع بين الأمل والوجع، ليذكّرنا أن الحب ليس مجرد شعور، بل موقف من الحياة. فحتى حين تُغلق الحدود وتتعالى الأسوار، تظل القلوب قادرة على التواصل بلغة أسمى من كل اللغات. بواقعيته الرقيقة وحسّه الموسيقي، يوقّع كمال كمال عملًا يعبّر عن الإنسان قبل أي شيء آخر، ويهديه لكل من اختار أن يواجه القسوة بالحب، والغياب بالإصرار على اللقاء.
هكذا، يُصبح الفيلم رسالة فنية تُعيد إحياء فكرة أن «وحده الحب» هو ما يبقي الإنسان إنسانًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى