الانتصار العالمي لأشبال الأطلس: أكثر من مجرد فوز… إنه نموذج وطني

صفاء أحمد آغا
كتب المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة إحدى أزهى صفحات التاريخ الكروي الوطني، بعد تتويجه بكأس العالم لهذه الفئة، في إنجاز عالمي مدوٍّ تألق فيه “أشبال الأطلس” عبر ثلاث قارات.
هذا التتويج لا يمثل فقط تتويجاً لجيل استثنائي من المواهب، بل هو ثمرة سياسة رياضية هيكلية ورؤية بعيدة المدى، مستلهمة من الإرادة الملكية السامية، ومنفذة تحت التوجيه الاستراتيجي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، برئاسة فوزي لقجع.
جيل 2026–2030: المستقبل يبدأ من الآن :
هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة. بل هو تجسيد لجيل يُرتقب منه التألق في الاستحقاقات الكبرى القادمة، وعلى رأسها كأس العالم 2026، ثم النسخة التاريخية من مونديال 2030 التي ينظمها المغرب بالمشاركة.
أداء “الأشبال” هو نتيجة إصلاح عميق شمل:
• الاستثمار في التكوين
• تأهيل البنيات التحتية، وعلى رأسها أكاديمية محمد السادس لكرة القدم
• رصد المواهب منذ سن مبكرة
كل هذه المجهودات جعلت من المغرب قوة كروية صاعدة ومعترف بها دولياً، قادرة على منافسة كبريات المنتخبات العالمية
كرة القدم… محرك للنجاح الوطني :
جاء هذا التتويج الرياضي في سياق وطني يتسم برغبة شبابية جامحة في التغيير. فجيل “الزِد” (Gen Z) عبّر بوضوح عن تطلعاته في ميادين التعليم، الصحة، والشغل، مطالباً بفعالية أكبر وحكامة رشيدة.
وهي رسالة نجاح كرة القدم واضحة :
الحكامة الجيدة + الاستثمار الموجَّه + الرؤية الاستراتيجية = النجاح
وعليه، يجب أن يصبح نجاح منتخب U20 نموذجاً يُحتذى به، و”قاطرة” تدفع باقي القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية نحو نفس النهج.
السؤال المطروح بجدية هنا :
إذا استطاعت كرة القدم المغربية بلوغ القمة العالمية عبر التخطيط والانضباط،
فلماذا لا تستطيع باقي القطاعات الحيوية تحقيق نفس مستويات التميز؟
نداء الصناديق : مشاركة الشباب أصبحت ضرورة ؛ لأن هذا الانتصار الرياضي يوفر منصة فريدة لتعزيز المشاركة المدنية للشباب. فبينما يحتفل المغاربة على الملاعب، يستعد الوطن لاستحقاقات انتخابية قادمة.
وعليه، يجب أن يُلهم هذا الإنجاز جيل “الزِد” على رفع التحدي ليس فقط في الدراسة والعمل، بل كذلك في الشأن العام.
لقد ولى زمن المراقبة من بعيد، والجلوس خلف الشاشات ، فالفعالية المرجوة في الإدارة والخدمات لن تتحقق إلا بـمشاركة شبابية واعية وواسعة في صناديق الاقتراع.
الرسالة مزدوجة:
1. نقل روح التفوق من الملاعب إلى باقي القطاعات
2. الانتقال من المراقبة إلى الفعل والمشاركة .
لأن الشباب المغربي، الذي عاش فرحة لا توصف مع منتخبه، مدعوّ اليوم لتحويل هذه الطاقة الجماعية إلى مشاركة سياسية بناءة، عبر اختيار ممثلين يتحلون بنفس الصرامة والطموح والرؤية التي قادت المنتخب الوطني إلى القمة العالمية.
لهذا كله فإن الكأس الحقيقية التي يجب أن نفوز بها اليوم، هي كأس الحمامة الجيدة والتنمية الشاملة.