أخبار العالم العربي

التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص في عالم البلاستيك الرقمي

 

بقلم –

أ. د. ليلك أحمد الصفدي

يشهد العالم ثورة معلوماتية تتجلى في حجم التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لذا أصبح لزاماً أكثر من أي وقتٍ مضى إدراج مهارات التفكير النقدي ومحو الأمية المعلوماتية وأمية الذكاء الاصطناعي في التعليم. وبينما يوفر الذكاء الاصطناعي التوليدي لقطاع التعليم فرصًا غير مسبوقة، مثل تخصيص وتكييف المواد التعليمية وفقًا للاحتياجات الفردية للمتعلم وتسهيل عمليات التقييم وتسريع تنفيذ المهام المكتبية، فإنه يضع أيضًا مجموعة من التحديات التي يتعين على المعلمين والطلاب مواجهتها. فمع تزايد المحتوى المُنتَج بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، تزداد المخاوف بشأن جودة المحتوى التعليمي وموثوقية مصادر التعلم التي باتت منتشرة بشكل كبير على المنصات الرقمية، بالإضافة إلى النزاهة الأكاديمية وانعكاساتها على جودة مخرجات التعليم.
هذا كله، يدفع نحو اتساع الفجوة في المجال التعليمي، حيث يُعاد استخدام المحتوى الناتج لتوليد مواد أقل جودة وموثوقية وانتشارها بشكل واسع، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً للوصول إلى الأعمال الأصيلة التي طورها الإنسان، كما يُشكل خطرًا كبيرًا على منظومة التعليم القائمة على البحث عن المعلومات القيمة واستهلاكها وتحليلها وتطبيقها لصناعة المستقبل التعليمي.
ومع تزايد المحتوى الرقمي المنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي، ظهرت مصطلحات جديدة، مثل “البلاستيك الرقمي”, حيث يشير إلى التشابه بين المحتوى المنتج من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ومادة البلاستيك، مما يبرز أخطار غمر وتلويث البيئة الرقمية بمواد صناعية. لقد ظهر هذا التشبيه وغيره في محاولة لجذب الانتباه إلى المخاطر المصاحبة للاستخدام المتزايد وغير المسؤول لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي. فكما نواجه اليوم عواقب الاستخدام المفرط للبلاستيك فإن قطاع التعليم معرض إلى خطر الغرق في بحر من المعلومات الاصطناعية مما يؤدي إلى خفض قيمة الموارد العميقة التي أنشأها الإنسان واختفائها مع مرور الوقت.
ولأن التنبؤ بمستقبل التعليم مسألة يشوبها شيء من الصعوبة في ظل التطور السريع للتقنيات الحديثة، خاصةً أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. من المهم اعتبار إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم على أنه مشروع تحولي وليس تطويري، يتطلب إعادة النظر في المفاهيم الأساسية للتعليم وطرح أسئلة تحفز التفكير في المسلمات، وإشراك المعلمين والطلاب وأرباب العمل وشركات التقنية والباحثين في البحث عن إجابات. كما يتطلب وضع استراتيجيات شاملة وسياسات لتعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم من شأنها أن تُمكّن المؤسسات التعليمية من الاستفادة المثلى من التقنية مع الحفاظ على البيئة الرقمية وحماية الخبرات البشرية. كما تُعد المراجعات المنتظمة لهذه الخطط والسياسات ومشاركة أصحاب المصلحة ضرورة لتقييم فعاليتها. ويُعد تطوير مهارات التفكير النقدي ومحو الأمية المعلوماتية، وتبني عقلية النمو والتطور المستمر، بالإضافة إلى ثقافة الاستجابة السريعة للتكيف مع التغيرات ليس مجرد خيار، بل أصبح ضرورة حتمية لمواكبة التحول الرقمي في التعليم حتى نتمكن من تسخير الذكاء الاصطناعي التوليدي في إعداد جيل قادر على اغتنام الفرص ومواجهة تحديات التقنية بثقة وكفاءة لتحقيق تنمية مستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى