التجويع جريمة ترتكب أمام العالم الصامت

بقلم : سري القدوةالثلاثاء 30 أيلول / سبتمبر 2025.ما يجري في قطاع غزة من تجويع ممنهج وحصار قاتل وترك الأطفال والنساء والعائلات لملاقاة الموت جوعا أو برصاص الاحتلال، جريمة مكتملة الأركان ترتكب أمام أعين العالم، الذي يواصل صمته المعيب، ويمعن في عجزه القاتل، ويتنصل من مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإنسانية، وان الاحتلال يمارس سياسة الإبادة حيث بات الحصول على كيس طحين مغمس بالدم والموت، كمن يبحث عن الحياة بين أنياب الموت، أطفال يقتلون لأنهم جياع، ونساء يدفنن تحت الركام، وشعب يواجه الفناء بسياسة التجويع الجماعي، في مشهد لم يعد يتحمله ضمير بشري .
ما يزيد من فداحة الجريمة هو إصرار الاحتلال على مواصلة حربه عبر أدوات التهجير والتجويع، وسط حديث عن مفاوضات للتهدئة ووقف إطلاق النار، تدار بمعزل عن الإجماع الوطني، وغياب المسؤولية الوطنية وعدم تحمل مسؤولية ما جرى في قطاع غزة وترك أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يواصلون مواجهة مصيرهم المجهول .
حكومة الاحتلال العنصري الإرهابية تمارس مع الإصرار الإبادة الجماعية وتواصل ارتكاب جريمة حرب مركبة تشمل القتل الجماعي والاحتجاز القسري والتطهير العرقي بدعم وتواطؤ من بعض الدول الغربية الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي توفر الغطاء السياسي والعسكري لهذا المشروع العنصري .لا يمكن استمرار حكومة الاحتلال مراوغتها وكذبها تحت مسمى التهدئة، ولا أن يستمر تجاهل حقوق أبناء الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت مسميات ومصالح حزبية ضيقة، ويجب حماية شعبنا والدفاع عنه وهذا يتطلب موقفا وطنيا موحدا وإستراتيجية وطنية قادرة على إنهاء هذه المأساة، ووضع حدا لجرائم الاحتلال، والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل .
استمرار استخدام الجوع وسيلة للإذلال والسيطرة يؤكد بوضوح أن آلية توزيع المساعدات الحالية تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الإنسانية، ويجب العمل على وقف فوري لعمل مؤسسة غزة الأمنية الأميركية الإسرائيلية والعودة للآليات السابقة التي كانت تحت رقابة أممية، والعمل على تشكل لجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف حجم الجريمة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الذي يواجهه خطر الموت جوعا .
ومنذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، تغلق قوات الاحتلال معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات بينما يحتاج المواطنون في القطاع إلى 600 شاحنة يوميا كحد أدنى، إضافة الى الحرب والعدوان الذي تشنه حكومة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023 ضمن حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها، وخلفت الإبادة أكثر من 200 ألف بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع .
لا بد من أن يعلو الصوت الفلسطيني عاليا في عنان السماء ووضع حد لحالة التفرد بالمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني وأهمية إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وتقديم المصلحة الوطنية على مصالح الأحزاب والفصائل وان لا يبقى سلاح التجويع مسلطا على أطفال فلسطين، ويجب على المجتمع الدولي ومؤسساته، وعلى رأسها الأمم المتحدة، تحمل مسؤولياتها العاجلة، ووقف المجزرة المتواصلة في غزة، وفرض إجراءات ملزمة على حكومة الاحتلال لوقف جرائمها، وفتح المعابر فورا دون قيد أو شرط، وإدخال المواد الغذائية والدوائية والوقود، باعتبار ذلك التزاما قانونيا لا منةً من أحد .سفير الإعلام العربي في فلسطينرئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية