مقالات

قمة الدوحة رسالة عربية إسلامية ضد انتهاك السيادة

 

بقلم : صافي خصاونة

القمة العربية الإسلامية المقبلة في الدوحة تأتي في لحظة استثنائية من تاريخ المنطقة إذ يشكل انعقادها استجابة مباشرة للتصعيد الإسرائيلي الأخير ضد قطر وما حمله من انتهاك صارخ لسيادة دولة عضو في المنظومة العربية والإسلامية إضافة إلى ما يحمله من رسائل سياسية تمس الدور الذي تلعبه الدوحة كوسيط في ملفات إقليمية حساسة وفي مقدمتها غزة .

هذه القمة لا تُعقد من باب البروتوكول أو التكرار لأنها تحمل على عاتقها مهمة مزدوجة وهي حماية سيادة الدول وإعادة صياغة الموقف الجماعي في مواجهة سياسة إسرائيلية تسعى إلى اختبار حدود الرد العربي والإسلامي.

هذه القمة تعتبر بداية فرصة لتوحيد الموقف السياسي العربي والإسلامي في خطاب واحد أمام العالم وتأكيد أن الاعتداء على أي دولة ليس شأنًا داخليًا يخصها وحدها بل اعتداء على الأمن القومي الجماعي .

كما تتيح القمة منصة لإطلاق تحرك دبلوماسي منظم في المحافل الدولية يضغط على إسرائيل ويعيد الاعتبار للقانون الدولي ويمنح قطر دعمًا سياسيًا وأخلاقيًا وهي تواجه تبعات هذا التصعيد . كما أن انعقادها في الدوحة يعزز من صورة قطر كدولة قادرة على الجمع بين المتخاصمين وفتح مسارات الحوار حتى وهي هدف للاعتداء .

وفي المقابل تواجه هذه القمة تحديات واقعية حيث ان التجارب السابقة مع القمم الطارئة تثبت أن البيانات الختامية غالبًا ما تكون أكثر قوة في صياغتها منها في تنفيذها وأن الإرادة السياسية المعلنة قد تتبدد أمام حسابات الدول ومصالحها الخاصة وعلاقاتها الدولية المتشابكة .

فبعض الدول المشاركة ترتبط بعلاقات أمنية أو اقتصادية مع إسرائيل أو القوى الكبرى الداعمة لها ما قد يدفعها إلى التردد في تبني قرارات تصعيدية أو ملزمة . وهناك أيضًا خطر احتمال أن تنحصر نتائج القمة في بيانات إدانة أو شجب دون أدوات عملية للردع أو للضغط الفعلي .

ان ما يجعل هذه القمة مختلفة هو حجم التحدي الذي فرضه الحدث نفسه حيث ان المسألة لم تعد مرتبطة فقط بفلسطين أو بملفات إقليمية بعيدة بل باختراق مباشر لسيادة دولة عربية .

وإذا لم تنجح القمة في تحويل الإجماع إلى خطوات ملموسة فإن ذلك سيعزز صورة العجز الجماعي وسيمنح إسرائيل مساحة أوسع للتغول وفرض الأمر الواقع .

أما إذا نجحت القمة في صياغة مواقف عملية ولو تدريجية مثل تحركات قانونية ودبلوماسية منسقة أو خطوات اقتصادية مدروسة فإنها ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل الجماعي .

فالقمة إذن ليست مجرد اجتماع عابر بل اختبار حقيقي لقدرة العرب والمسلمين على تجاوز الخلافات ووضع حدّ لسياسات فرض الأمر الواقع . ان نجاح القمة أو إخفاقها سيترك أثرًا عميقًا يتجاوز الدوحة إلى مستقبل الموقف العربي والإسلامي برمته وسيحدد إن كان العالم سيتعامل مع هذه المنظومة كقوة لها وزنها أم كجماعة تكتفي بالكلمات حين يتعلق الأمر بالسيادة والكرامك

 

#صافي_خصاونه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى