
تشهد النرويج مرحلة سياسية حساسة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 8 سبتمبر، والتي ستحدد شكل الحكومة المقبلة ومسار البلاد خلال السنوات الأربع القادمة. ورغم أن التحديات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية تضغط بقوة، يواصل الساسة النرويجيون الانشغال بالسياسة الخارجية، وتحديداً بملف الحرب في أوكرانيا والعلاقة مع روسيا.
أغلب الأحزاب الرئيسية، وعلى رأسها حزب المحافظين (هوير) بزعامة إرنا سولبرغ – المرشحة الأبرز لرئاسة الوزراء – يرفعون شعار توسيع الدعم العسكري لأوكرانيا وتعزيز قدرات الجيش النرويجي. سولبرغ نفسها انتقدت في وقت سابق بطء إنتاج الذخيرة، فيما ذهب حلفاؤها في الحزب الليبرالي أبعد من ذلك، مقترحين أن تصبح النرويج أكبر مانح لأوكرانيا قياساً بالناتج المحلي الإجمالي.
لكن ما أثار الجدل هو مهاجمة بعض قيادات “هوير” للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى رأسهم هانز جاكوب بونو، رئيس مجلس مقاطعة فنمارك، الذي وجه انتقادات علنية لترامب. خطوة اعتبرها مراقبون تصرفاً غير مدروس، فالنرويج – كما بقية أوروبا – تعتمد بشكل كبير على المظلة الأمريكية، ومهاجمة شخصية بحجم ترامب لن تغيّر شيئاً من سياسات واشنطن، بل قد تكشف ضعف الحسابات السياسية في أوسلو.
الواقع أن ترامب لم يكن يوماً معنياً بالاستماع إلى السياسيين الأوروبيين، فضلاً عن النرويجيين، بل كان تركيزه منصباً على تعظيم مصالح بلاده الاقتصادية حتى على حساب حلفائه. لذلك يرى محللون أن انتقاد ترامب الآن ليس إلا محاولة من الساسة النرويجيين لصرف الأنظار عن ملفاتهم الداخلية المعقدة، وإشغال الرأي العام بقضايا خارجية، بدل مواجهة مشاكل الإسكان، والبطالة، وتراجع مستويات المعيشة.
في المحصلة، يبدو أن الهجوم على ترامب في الخطاب السياسي النرويجي مجرد وسيلة انتخابية قصيرة المدى، لكنها قد تعكس مأزقاً أعمق: غياب القدرة على طرح حلول واقعية لمشاكل الداخل.