أخبار عالمية

الضغط المعيشي والشعبي في لبنان وغزة: قراءة في المواقف وخيارات التصرف أثناء الحرب

تقرير : يارا المصري
على مدى العقود الماضية، شكلت المقاومة المسلحة في كلٍّ من لبنان وقطاع غزة ركيزة أساسية في المعادلة الإقليمية، باعتبارها أداة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وفرض معادلات ردع جديدة. غير أن السنوات الأخيرة كشفت عن تحول تدريجي في المزاج الشعبي لدى شريحة من المواطنين، الذين بدأوا يجاهرون برغبتهم في إعادة تقييم جدوى استمرار العمل المسلح في ظل الظروف الاقتصادية والإنسانية الضاغطة.
الانهيار الاقتصادي في لبنان اصبح كمحفز لتغير المواقف
منذ عام 2019، دخل لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث؛ فقدت الليرة أكثر من 98% من قيمتها، وتجاوز معدل التضخم السنوي 200%، فيما تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن أكثر من 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر. في هذا السياق، يرى بعض اللبنانيين أن أي تصعيد عسكري على الحدود الجنوبية يفاقم الأزمة، خاصة مع تراجع السياحة والاستثمار وتضرر البنية التحتية.
تصريحات لعدد من سكان الجنوب اللبناني، نشرتها وسائل إعلام محلية، تعكس حالة من القلق حيال أن تتحول مناطقهم مجددًا إلى ساحة مواجهة دائمة، ما يهدد أمنهم الشخصي وفرصهم الاقتصادية.
منذ فرض الحصار عام 2007، يعاني قطاع غزة من قيود صارمة على الحركة والتجارة، وانخفاض حاد في الناتج المحلي. ووفق بيانات الأمم المتحدة، تبلغ معدلات البطالة أكثر من 45% (وتصل بين الشباب إلى نحو 70%)، فيما يحتاج حوالي 80% من السكان إلى مساعدات إنسانية. جولات التصعيد المتكررة، مثل أحداث مايو 2021 وأكتوبر 2023، أسفرت عن دمار واسع للمنازل والبنية التحتية، ما عمّق الشعور لدى بعض المواطنين بأن استمرار النهج العسكري دون حلول سياسية أو اقتصادية موازية يطيل أمد المعاناة.
تصرفات واقعية في ظل الحرب
في لبنان:
1. تعزيز خطط الإجلاء والحماية للسكان في المناطق الحدودية، بالتنسيق بين الأهالي والبلديات، لتقليل الخسائر البشرية.
2. إقامة شبكات دعم مجتمعي لتأمين الغذاء والدواء والمأوى للمتضررين من القصف، خصوصًا في القرى الجنوبية.
3. تنظيم حملات ضغط محلية ودولية لوقف استهداف المدنيين وتوفير حماية إنسانية عاجلة.
في غزة:
1. إنشاء ممرات إغاثية آمنة بالتواصل مع المنظمات الدولية لضمان وصول المساعدات في أوقات التصعيد.
2. إدارة الموارد المحدودة بفعالية (ماء، طعام، وقود) من خلال لجان مجتمعية محلية لضمان وصولها للأكثر تضررًا.
3. توثيق الانتهاكات والخسائر بشكل منهجي، لتوظيفها لاحقًا في الضغط السياسي والقانوني على الأطراف الدولية.
التعبير العلني عن هذه المواقف لا يعني بالضرورة التخلي عن المبدأ العام للمقاومة أو المطالبة بإنهائها، بل يعكس إدراكًا واقعيًا بأن استدامة العمل المقاوم تتطلب بيئة شعبية داعمة، وهذه البيئة تتآكل إذا لم تُعالج الأزمات المعيشية. وفي ظل الحرب، يصبح التصرف السريع والمنظم أولوية قصوى لحماية الأرواح وتخفيف المعاناة، إلى أن تتضح مسارات الحل السياسي أو التهدئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى