مجتمع

“حُلم… وعِبرة وكلمة صادقة لمن يعتبر ويتعلم”

: “حُلم… وعِبرة وكلمة صادقة لمن يعتبر ويتعلم”
في ليلة من ليالي التأمل والتفكّر، رأيت في منامي ثلاث نساء يقفن إلى جانبي. كنّ يتحدثن إليّ، وبدت بينهنّ امرأة أعرفها في الواقع. كانت من ضمن علاقاتي العملية، أعتبرها رفيقة درب وصديقة. منحتها ثقة ومساحة في حياتي المهنية، تعاونّا معًا، وشاركتها في تخطيط بعض مشاريعي.

وفي الحلم، تقدّمت تلك المرأة أولًا نحوي، وفجأة، وعلى حين غرة، وضعت أفعى في فمي. شعرت بالرعب والاختناق، وبدأت أصرخ، محاوِلة نزعها، لكنها بقيت تراقبني بصمت، دون أن تتحرك.

وبينما كنت أصارع الأفعى، ظهرت أختي في الحلم، تجري بشجاعة نحوي، لم تخف من المشهد، وحاولت مساعدتي بنزع الأفعى من فمي. لكن الأفعى كانت قد ابتلعت لساني تمامًا، وظلت متشبثة، وكل محاولات أختي لم تُفلح.

حينها، ورغم الرعب، قلت لنفسي: لا بد من المقص! سأقص الأفعى من وسطها، لعلها تستسلم. فكّرت إن كان السم قد دخل جسدي بالفعل، وهل سأنجو؟ واستمر هذا الصراع حتى استيقظت فجأة، لأجد نفسي في بيتي، مطمئنة، لكن الحلم ظل حيًّا أمام عيني، يحفر في داخلي حيرة وتساؤلًا.

لم أستطع تجاهل الأمر. استدعيت تلك المرأة ذاتها التي رأيتها في الحلم. اخترت لقاءها في قهوة هادئة على شاطئ البحر، في جو راقٍ وودي، كعادتي معها دائمًا. طلبتُ لها ما شاءت بصفتها ضيفة، ثم بدأت بسرد الحلم — دون أن أُصرّح بأنها المقصودة — استخدمت رموزًا وتعابير عامة، لكنها فهمت.
بصمت، ولم تُعلّق. تجاهلت الرسالة تمامًا، وكأن شيئًا لم يكن. بل عادت لشكواها المعتادة، وطلباتها الكثيرة، سواء لنفسها أو لأفراد عائلتها.

وقتها، أيقنت الحقيقة:
لم تكن رفيقة درب، بل امتحان.
والحلم كان أمانة ورسالة.
بعض العلاقات تُختبر في الرؤى، قبل الواقع.
وبعض الثقة تكون ساذجة إن لم تُمحَّص.

خاتمة:
الحلم ليس مجرّد مشهد. أحيانًا هو ضوء ينقذنا قبل السقوط، وكلمة توقفنا قبل التورّط.
فليست كل ابتسامة صفاء، ولا كل قُرب إخلاص.
فلننتبه…
الحياة تمتحننا، والرؤى تُنذرنا، والعِبرة لمن يعتبر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى