صحافة ورأي

الموت الحكمي هو موت غير طبيعي

لا أبالغ ودوستويفسكي عندما نرى النملة فيلا وكم كانت في هذه المرة تشبه النملة الفيل منذ حل الوباء اللعين، سارعت الشعوب للتموين والاختباء وأخذ الاحتياطات الازمة فكان نصيبها ما أغدقت به عليها حكوماتها من مؤن ورعاية صحية في هذا الظرف الكارثي العصيب فمرت المحنة في اغلب الأحيان خفيفة في بعض الدول.

إلا بلادي سارع السياسيون فيها بنهب ما أمكن وتشريع ما أمكن من قوانين للمحافظة على مواقعهم وحماية ممتلكاتهم وتعويض منظورهم … التونسي وحيدا على عكس بقية الشعوب. منذ مارس 2020 شبح الموت يلاحقه، إما الخروج وتدبر قوت اليوم ومواجهة الفيروس أو المكوث في المنزل ومواجهة الجوع: وضع التونسي بين خيارين أحلاهم مر وكلاهما يضعه وجها لوجه مع الموت المحتوم

تفاقمت الازمة مع الأشهر الأولى من سنة 2021 فاتخذت الحكومة نهائيا قرارا وأصدرت حكم الموت في الشعب التونسي وقررت من سيبقى سلفا على هذا التراب: تجاوز عدد الإصابات الألف إصابة يوميا منذ أسبوع وبمعدل فاق 150 وفاة تقريبا يوميا وانهارت المنظومة الصحية ولفظت المستشفيات المرضى خارجها ولم تعد قادرة على استيعاب المرضى وشاهد التونسي أبناء جلده يموتون على أعتاب المستشفيات.

لم تسكت حكومة الشعب التونسي وقررت ما يلي:

لن يكون هناك حجرا صحيا شاملا وسأعطي المواطنين البؤساء الحق في الحرية التجول ونقل الفيروس وحرية القتل وهي فرصة لكي يحدث شعبنا سلالة جديدة نفتخر بها وتنافس سابقاتها (البرازيلية، الهندية والبريطانية). كما أعطت الحكومة عز الله مقامها تراخيص لأصحاب النزل الفخمة ليستقبلوا زوارهم وفتحت الحدود امام السائحين ليدخلوا بسلام أمينين.

واشترت الحكومة الموقرة سيارات جديدة لإيدارييها ووزرائها وفضلت الحكومة دعم رؤوس الأموال والسياحة وأصحاب المحلات التجارية الكبرى المفتوحة دائما لنقائها من الفيروس، في حين ذهبت تشحذ أكسيجينا ومعدات طبية من شقيقة شعبها الجزائر وعدوة شعبها قطر.

لم تدعم الحكومة الفقراء والمحتاجين وأصحاب الشهائد المعطلين وأصحاب المشاريع الصغيرة التي اغلقتها نفس الحكومة التي فتحت المحلات التجارية الكبرى بتعلة نشر العدوى.

غريب لا يتكاثر هذا الفيروس إلا في المقاهي الشعبية والأسواق الأسبوعية وعلى نصبة خضروات لفلاح صغير … فعلا فلن يصيب أصحاب رؤوس الأموال إلا عدوى رذاذ Coco chanel ولن يصيب الفقراء إلا رذاذ العرق المختلط بالفيروس. إنها ولا شك قرارت صارمة كما تقول الحكومة تحمي علية القوم وتسقط نارا ووباءا على جسد المنهكين، إنه وبلا شك موت حكمي توفره الحكومة مجانا فعلى الراغبين بالموت من أبناء المسحوقين الالتحاق سريعا فالموت الغير الطبيعي تقدمه حكومة تونس مجانا.

خلود الهداوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى