
د.مجد الحدادين استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي بمستشفيات الحمادي.. في حديث عن:
العمليات الجراحية بدون شق جراحي…واقع راسخ أم خيال علمي
الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
شهدت الجراحة تطورًا هائلًا خلال العقود الثلاثة الماضية منذ أن أجرى الدكتور فيليب موريه أول عملية استئصال مرارة بالمنظار عام ١٩٨٧. ومنذ ذلك الحين، بدأت الجراحة طفيفة التوغل بالانتشار عالميًا. ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى طلب المرضى على مزايا جراحة المنظار، كالإقامة القصيرة في المستشفى، والألم الأقل، والندوب الأصغر حجمًا والأقل تشويهًا. وقد أتاح تحسين المعدات والأدوات المتاحة إجراء المزيد من العمليات الجراحية بتقنية طفيفة التوغل، لتصبح ممارسة معيارية في معظم الإجراءات.
في الوقت نفسه، جعلت التطورات في تنظير الجهاز الهضمي منه أداةً لا غنى عنها ومتعددة الجوانب للتشخيص والعلاج. فإلى جانب الإجراءات داخل تجويف الجهاز الهضمي، حاول أطباء الجهاز الهضمي إجراء بعض التدخلات خارج جدار المعدة، مما أدى إلى ظهور مفهوم جراحة التنظير عبر الفتحات الطبيعية (NOTES). وقد لاقت فكرة الجراحة غير الجراحية استحسانًا كبيرًا، وأصبحت الآن هدفًا جديدًا للجراحين وغيرهم من المهتمين بهذا المجال البحثي.
يصف مصطلح NOTES التدخلات التنظيرية الحديثة على الأعضاء الداخلية التي تُجرى عبر الفتحات الطبيعية. في هذا النهج الجديد، تدخل المناظير إلى تجويفي البطن والصدر عبر أي فتحة طبيعية منفردة أو مجموعة من الفتحات الطبيعية – الفم، الإحليل، المهبل، والشرج. وبحسب نوع الفتحة، يمكن استخدام أدوات صلبة أو مرنة. تسمح “الممرات القصيرة” السفلية (المثانة، القولون، أو المهبل) بمرور الأدوات الصلبة أو المرنة بسهولة إلى تجويف البطن، بينما تتطلب “الممرات الطويلة” العلوية (المريء والمعدة) أدوات مرنة.
الهدف الرئيسي من جراحة التنظير الداخلي عبر الفتحات الطبيعية (NOTES) هو تجنب الشقوق الجراحية. وتشمل المزايا النظرية الأخرى: انخفاض الألم بعد الجراحة، وتقليل أو إلغاء التخدير العام.علاوة على ذلك، فإن تجنب الشقوق الجراحية يجنب المضاعفات المصاحبة لها مثل التهابات الجروح والفتق، بالإضافة إلى تقليل مدة الإقامة في المستشفى، وسرعة عودة وظيفة الأمعاء إلى طبيعتها، وتحسين النتائج التجميلية، وزيادة رضا المريض بشكل عام.
استفاد بعض الرواد من التطورات الكبيرة في تنظير الجهاز الهضمي، فبدأوا العمل على نهج الجراحة عبر المعدة للوصول إلى تجويف البطن. ومنذ ذلك الحين، أُجريت العديد من العمليات الناجحة عبر المعدة. كما حددت هذه الدراسات الأولية قيودًا رئيسية للنهج الجراحي المعزول عبر المعدة، لا سيما في العمليات الأكثر تعقيدًا مثل استئصال المرارة، وكان من أبرز المشاكل التي تم تحديدها عدم وجود تثليث او ميلان للادوات الجراحية وعدم استقرار المنصة الجراحية والتي قد تجعل الجراحة غير مريحة وغير أمنة في بعض الحالات، وسعيًا لإيجاد حلول لهذه المشاكل، جرب الباحثون طرقًا أخرى للدخول إلى تجويف البطن. فولدت أول عملية تنظير بريتوني عبر القولون، تلتها سلسلة من العمليات عبر القولون، حيث يوفر الوصول الى تجويف البطن من الأسفل رؤية جيدة ومباشرة للجزء العلوي من تجويف البطن. وبناءً على ذلك، نشر ليما وزملاؤه أول عملية تنظير بريتوني عبر المثانة. وفي وقت لاحق، استخدمت الفرق الجراحية الرائدة مزيجًا من النهجين من الجراحة عبر المعدةوعبر المثانة لحل مشكلة التثليث، ومن ثم العديد من الطرق والمنافذ عبر الفتحات الطبيعية في الجسم ودون الحاجة الى شق جراحي.
وعلى الرغم من الحماس الكبير لتقنية التنظير الداخلي عبر الفتحات الطبيعية والجراحة بدون جراحة (NOTES)، لا تزال هناك بعض العقبات التي يجب التغلب عليها. يتمثل القلق الأولي في احتمالية حدوث عدوى داخل البطن وانتقال العدوى من فتحة الأحشاء. يجب أولاً منع العدوى باستخدام موقع إدخال نظيف، كما تتبع معظم بروتوكولات التنظير عبر المعدة نظامًا غذائيًا سائلًا لمدة 24 ساعة، ومضادات حيوية وريدية، وغسل المعدة بماء معقم ومحلول مضاد حيوي. وعلى الرغم من هذه الاحتياطات، حتى الأنبوب الخارجي المعقم المستخدم لحماية المنظار من التلوث الفموي قد يتلوث عند إدخاله عن طريق الفم، ويمكن أن ينقل البكتيريا إلى كل من المعدة والتجويف البريتوني الذي بدوره يصبح خطيرا على المريض. ومن العقبات الأخرى هي الحصول على حقل جراحي مناسب لضمان التعريض والرؤية الكافيين.وقد يؤدي نفخ الهواء بشكل غير مُتحكّم به عبر المنظار إلى تقلبات واسعة في الضغط داخل تجويف البطن، وتمدد مفرط للبطن، وآثار سلبية على الدورة ا…










