الرئيسيةتونسمقالات

🇹🇳 تونس بين التغيير الحقيقي والوهم السياسي: من أين نبدأ؟

 قلم من ذهب

في ظل ما تعيشه تونس من أزمات متراكمة، يتجدد السؤال:
هل نغيّر الوزراء؟ الحكومة؟ الولاة؟ أم نذهب أبعد من ذلك ونواجه جذور الداء؟
هل يكفي تدوير الكراسي لتغيير واقع شعبٍ أنهكه الانتظار؟
إنها ليست أسئلة غضب، بل صرخة وعي وطني يبحث عن طريق الخلاص من الانهيار المتسلّل بهدوء إلى مفاصل الدولة.


1. الوعي الجمعي هو البداية

قبل تغيير الأشخاص، علينا أن نغيّر أنفسنا.
المشكلة ليست فقط في السياسيين، بل في من يبرّر لهم ويدافع عنهم ويعيد انتخابهم رغم الفشل.
تحرير الوعي الجمعي من عقلية الضحية وثقافة الاتكال هو الشرارة الأولى لأي نهضة حقيقية.


2. القوانين البالية والتشريعات المعطّلة

لا يمكن بناء اقتصاد حديث بعقلية إدارية تعود إلى خمسين سنة مضت.
القوانين الحالية تعرقل الريادة، الاستثمار، والعدالة.
نحتاج إلى ثورة تشريعية تعيد التوازن بين المواطن والدولة، وتُطلق طاقات الشباب بدل أن تُكبّلها.


3. الإدارة العميقة: العدو الصامت

يمكنك تغيير الوزير، لكن إن بقيت الإدارة رهينة شبكات الفساد والمصالح، فلن يتغيّر شيء.
الإصلاح يبدأ من رقمنة الإدارة، مراقبتها، وتطهيرها من الولاءات الضيقة التي تقتل كل إصلاح قبل أن يولد.


4. نخبة جديدة تُنتج لا تُزايد

تونس لا يمكن أن تُنقَذ بالأدوات التي أوصلتها إلى الحافة.
نحتاج إلى نخبة تؤمن بالحل لا بالضجيج، بالكفاءة لا بالولاء، بالعمل لا بالشعارات.
نحتاج إلى خدّام دولة لا إلى زعماء يتغنّون بالبطولة على أطلال الفشل.


5. المصالحة الوطنية: علاج لا انتقام

لا عدالة من دون مصالحة حقيقية وشجاعة.
مصالحة تُنصف المظلوم، تُحاسب المذنب، وتُغلق ملفات الكراهية والانتقام.
بهذا وحده نستطيع طيّ صفحة الماضي وفتح باب المستقبل.


6. القطيعة مع لعبة الكراسي

السلطة مسؤولية لا غنيمة.
تونس لن تتقدّم ما دامت تُدار بنفس الوجوه والعقليات التي فشلت لعقود.
حان الوقت لبناء نظام سياسي يُفرز الأصلح، لا من يُجيد المناورة والولاءات.


7. استعادة مفهوم الوطن

الوطن ليس نشيدًا صباحيًا ولا شعارًا على الجدران.
هو سلوك يومي، التزام بالعمل، واحترام للقانون.
هو أن نحبّ هذا التراب بما يكفي لنرفض كل من يعبث به.


تونس لا تحتاج إلى “ثورة جديدة”، بل إلى مشروع وطني جامع يعيد بناء الإنسان قبل المؤسسة، ويحرّر الإدارة، ويُحفّز الاقتصاد، ويُرمّم الثقة المفقودة.

فقط عندما يتحوّل المواطن إلى فاعل، والقانون إلى حماية، والسياسة إلى خدمة،
نخرج من الدائرة المغلقة نحو مستقبل تستحقه تونس.

عاشت تونس، وعاش وعي شعبها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى