تونسمقالات

هل تسائلتم يوما لما ملوك الإسبان لا يضعون تاجا على رووسهم !!

كل ملوك اوروبا بتيجانهم التاريخية المتوارثة، فلما لا تمتلك العائلة الملكية الإسبانية تاج!!تبدأ قصتنا في سنة 1541 حين قرر جدهم ملك اسبانيا شارلكان ( كارلوس الخامس ) او الملقب عند الجزائريين بـ”شارلكان الأجرب” بهجوم على مدينة الجزائر العاصمة من أجل احتلالها .

قاد أسطولا قويا ضخما سُمي “الأرمادا” يتكون من 500 سفينة و 12 ألف بحار و 24 ألف جندي و 100 سفينة نقل و 700 فارس . و شارك في هذا العدوان على الجزائر كل من الإمبراطورية الإسبانية و الإمبراطورية الرومانية المقدسة و فرنسان القديس يوحنا و جمهورية جنوا الإيطالية و الدولة البابوية و مملكة صقلية و مملكة نابولي .القوات الجزائرية كانت تتمثل في 5000 جندي جزائري و 700 جندي إنكشاري عثماني بالإضافة إلى بعض المتطوعين من السكان .

سبب هذه الحملة هي أن الجزائر كانت تستقبل أغلب الفارين من الأندلس , و كانت تقود السفن لإنقاذهم من السواحل الإسبانية , كما أنها نجحت في طرد الإسبان من أغلب المدن الساحلية الجزائرية , الأمر الذي أغضب الإسبان و قادة الحملات الصليبية الأوروبيين…_رأى «شارلكان» ان تجهيزات أهل الجزائر دفاعاتهم بسيطة فسخر منها وأراد أن يدخل عليهم الهزيمة النفسية، فأرسل إليهم برسائل تهديد ووعيد وإنذار بالويل إن هم لم يسلموا البلد له، ولكن حاكم الجزائر “حسن الطوشي” رد عليه: «تعال واستلم القلعة والبلد إن قدرت، ولكن لهذه البلاد عادة، أنه إذا جاءها العدو لا يُعطى إلا الموت» وذكره بهزيمة إسبانيا على سواحل الجزائر مرتين من قبل وأن الثالثة ستحصل له بإذن الله .

أيقن شارلكان أن أهل البلاد مصممون على الدفاع عنها خاصة بعد أن طلبوا منه أن يسمح لمن أراد الخروج من أهل الجزائر مثل النساء والأطفال بالمرور، وما كان في ظن شارلكان ومن معه أن المدينة ستصمد أو تقاوم وكانت مشروعاتهم تدور فيما بعد الجزائر، فلم ينزلوا مدافع القصف وفوجئوا بمقاومة في منتهى العنف والشدة خاصة من كتائب المتطوعين الذين انهالوا على مدينة الجزائر بمجرد سماعهم نزول الأسبان عليها، وكانوا أجدر وأخبر بأرض المعركة من عدوهم،ثم جاءت الإمدادات الإلهية حيث هبت ريح عاصفة وزوابع بحرية قوية على غير العادة وقلبت سفن العدو وخيامه ومعسكره، وانهال المطر على المنطقة فأفسد مفعول البارود .

حاول شارلكان وسط هذه الكوارث حفظ ماء وجهه بالهجوم الشامل على مدينة الجزائر عبر باب الواد في 4 رجب 948هـ، وعندها كشف أهل الجزائر عن الوجه الحقيقي وظهرت بطولات رائعة خاصة من كتيبة “الحاج بكير” قائد الفرسان التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف القوات الإسبانية، واتبع المسلمون أسلوب الكر والفر في التعامل مع العدو الإسباني، وفشلت محاولات شارلكان لكسب ولو شبر من أرض الجزائر، واضطر لأن يلملم أشلاء جيشه وحملته الفاشلة ويبحر مع من بقي من أسطوله المحطم جارا وراءه خزي الهزيمة، وترك خمسة آلاف من جنده على الساحل لقلة السفن، وهرب مجروحا بسبب ضربة فتى لا يتجاوز من عمره السابعة عشر.

توجه شارلكان إلى إيطاليا ولم يتوجه إلى إسبانيا وعند انسحابه في المنطقة المسماة “تامنفوست” حاليا، قام شارلكان بنزع التاج من على رأسه وقال:”يا أيها التاج أنا لست أهلا لحملك” ثم رماه في البحر .

ومنذ ذلك الحين لا يرتدي أي ملك من ملوك إسبانيا تاجا.كان لفشل شارلكان في حملته الصليبية على الجزائر أثر عميق على الصعيد العالمي بأسره، فلقد نزلت أخبار الهزيمة كالصاعقة على أوروبا وانفرط عقد التحالف الأوروبي الصليبي وانفض الجميع من حول شارلكان الذي لم تقم له بعدها قائمة، وظل يلعق جراح هزيمته بالجزائر حتى هلك بعدها بقليل.

وسُميت الجزائر بعدها بـ”المحروسة بعناية الله”، ويُقال ان هيجان البحر كان بسبب ضربة ولى صالح له بعصاه، ودعوة القاها لله ليثور على الغزاة (بالطبع هذا قول فئات الشعب البسيط في ذلك الوقت لكن انما النصر من عند الله، وكان شعار المسلمين في المعركة “ان كان الله معك فمن عليك”).

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى