ندوة الجمهور الناقد: عندما يصبح المشاهد رقيباً بصرياً.

الرباط – صفاء أحمد آغا
شهدت قاعة الفن السابع ندوة فكرية نقدية علي هامش مهرجان الرباط لسينما المؤلف الــ 30 ، حول موضوع “فيبريسي: النقد والجمهور والتأليف” بمشاركة ثلاثة من أهم النقاد السينمائيين العالميين وهم: الألماني توماس شيان رياز، والسويسري بيت غلور، والبرازيلية ليتيسيا ألاس. وأدار النقاش الباحث الأكاديمي المغربي منير العمراني.
ملخص الندوة، وما جاء فيها من أفكار وقراءات وملاحظات:
في ظِلّ التحوّلات الكبرى التي يعيشها الفن السابع، لم يعد الجمهور مجرد مشاهِد سلبي للّحظة السينمائية، بل بات جمهوراً ناقداً—يحلّل، يعيد البناء، ويطرح التساؤلات، سواء في قاعات السينما أو على صفحات التواصل الاجتماعي.
منذ الأيام الأولى للسينما، كان النقّاد هم من يشكّلون “خطّ التقييم” للأفلام، ويراقبون الأدب البصري والتقنيات والرسالة الفنية. لكن اليوم، ومع ازدياد أدوات المشاركة الرقمية وتوسّع “مراقبة الجمهور” للفيلم، نشهد إزاحة جزئية لهذا التوازن: الجمهور بات يعبّر عن رأيه، ويشكّل “مؤشّرات” شعبية تفوق أحياناً وزن المراجعة النقدية المهنية.
يعكس هذا التحول واقعين مهمّين: الأول، أن الجمهور لديه قدر أكبر من المعرفة والبصيرة بفضل الوصول إلى محتوى سينمائي متنوّع وموسّع، والثاني، أن “التمثيل الجماهيري” للفيلم أصبح مؤثّراً في توزيع العمل ومصيره التجاري والثقافي. بحسب تحليل حديث للحضور الجماهيري واستقباله للأفلام، فإن “استقبال الجمهور يوفر سياقاً هاماً لفهم قيمة الفيلم الثقافية”.
دور الجمهور
لكن هذا التوسّع في دور الجمهور لا يخلو من التحديات:
• هل يفترض أن يكون الجمهور “مثقفاً سينمائياً” قبل أن يصبح ناقداً؟ وما هي معاييره؟ نقطة تناقشها مقالات عدة، حيث يطرح أن الإيحاء بأن “الجمهور لا يعرف التقدير الصحيح” قد يكون انعكاساً لتحيّز ثقافي أو صناعي حول ما يعتبر «سينما جديرة».
• كيف يوازن المشاهد بين الترفيه والرؤية الفنية؟ كثير من الجمهور يفضّل “الاستمتاع” بينما النقد التقليدي يميل إلى التقييم الجمالي والرسالة.
• كيف يتحوّل الجمهور إلى “ناقد مباشر” عبر وسائل التواصل؟ تنتشر مراجعات جماهيرية، تقييمات المستخدمين والأصوات الفردية التي قد تؤثر في مصير الفيلم بنفس طريقة المراجعات المهنية.
من هذا المنطلق، يمكن القول إن ندوة “الجمهور – الناقد – المخرج” التي انعقدت ضمن فعاليات المهرجانات السينمائية تعد تلاقياً ضرورياً لهذه الأطراف الثلاثة، حيث يفتح “الفضاء” ليستمع المخرج إلى الجمهور، يشارك الناقد الخبرة، ويعبّر الجمهور عن ما يشعر به ويتوقعه.
في النهاية، حين يصبح الجمهور ناقداً ومدخلاً فاعلاً في دورة العمل السينمائي، تكون «القاعة»—وحتى «المنصة الرقمية»—الساحة التي تعيد تشكيل معنى الفيلم، وتعيد صياغة المساحة بين الفنّ والتلقّي، بين الرسالة والمتلقّي، بين النّقد والمشاركة .










