مجدداً احذروا العملاء رجل دحلان من هو..؟

كريم راضي
قبل عقود، اغتيل في شمال لبنان قيادي فلسطيني كان قد عمل طويلًا مع ياسر عرفات، ثم اختلف معه على السلطة والنفوذ. تحوّل مقتله حينها إلى حدث رمزي، إذ رُفع اسمه كـ”شهيد ومقاوم”، لكن مع مرور السنوات انكشفت الحقائق، وتبيّن أن هذا القيادي لم يكن سوى عميل لإسرائيل، اغتاله خصومه لإسكات خيانته.
من بيت هذا “الشهيد المزعوم” خرج ابنه، وكان طفلًا حينها، يحمل وصمة العار على كتفيه كابن عميل. كبر الفتى وفي داخله شعور بالغضب، وأدرك أن أفضل وسيلة للتخلص من هذا العار هي أن يلعب اللعبة نفسها، لكن بذكاء أشد. فدخل عالم الإعلام ليس بصفته مجرد صحافي، بل كوسيلة لتلميع سمعته وسمعة أبيه، وفي الوقت ذاته ليقدّم نفسه كـ”مصدر معلومات” للأجهزة المخابراتية في لبنان وخارجه.
ومع مرور الوقت، أصبح هذا الابن، الذي سنسميه “السبع المناضل”، شخصية إعلامية مثيرة للجدل، تتقاطع عنده الولاءات كشبكة عنكبوتية. لكن أول من اكتشف حقيقته كان اللواء أشرف ريفي، المدير السابق للأمن الداخلي، الذي تنبّه إلى تضليلاته، وحذر الأجهزة اللبنانية من الاعتماد على رواياته المشبوهة.
شعر السبع بالخطر، فبحث عن حماية. وجدها عند علي مملوك، رجل بشار الأسد الأمني الأول، عبر وساطة ياسر قشلق الذي آمن به كواجهة إعلامية ذات نفوذ. لكن هذه الحماية لم تكن مجانية؛ فقد كان قشلق يدفع للسبع 700 دولار شهريًا، بينما يرسل له مملوك 500 دولار مقابل خدماته في جمع المعلومات عن اللاجئين السوريين وتحريك بعض الملفات الإعلامية لمصلحة دمشق.
غير أن السبع لم يكتفِ بهذا الدخل، فبدأ ببيع المعلومات عن السوريين إلى أجهزة رام الله، كما تورط مع ضباط سوريين فاسدين في تزوير أوراق ملكية عقارات تعود لمنظمة التحرير في سوريا للاستيلاء عليها. حين اكتشف قشلق هذه الخيانة، فضحه علنًا وقطع الدعم عنه، ما دفع السبع للهرب والتخلي عن زياراته المتكررة لسوريا.
من هنا بدأ مسار جديد؛ إذ تحول إلى مخبر لجهاز استخباراتي إسرائيلي وآخر عربي، وبنى صداقات مع شخصيات سياسية وأمنية في لبنان لتأمين الحماية. ثم دخل في علاقة وثيقة مع السفير النفطي في بيروت، لكن الأخير سرعان ما اكتشف أن السبع يبيع المعلومات نفسها لإسرائيل ولحزب الله، فطرده من دائرته.
بعد سقوطه في بيروت، وجد السبع نفسه في معسكر محمد دحلان، الذي استثمر فيه كأداة إعلامية وأمنية. ثم اصطاده ثري خليجي يكره لبنان، ووضعه على اتصال بجهاز أمني إقليمي متحالف مع إسرائيل، مهمته تفجير الساحة اللبنانية عبر استغلال اللاجئين السوريين وتحريك النزاعات الطائفية.
المفاجأة الكبرى كانت عودة السبع إلى جذوره في غزة؛ إذ استغل علاقاته القبلية هناك، وشكّل شبكة معلوماتية تخدم إسرائيل مباشرة، كما ساهم عبر عشيرته في خلق عصابات ميدانية يقودها شخص وهمي يُعرف بـ”ياسر أبو الشباب”، لتأجيج الفوضى وإشعال فتيل صراعات بين المخيمات الفلسطينية في لبنان.