كيفية تنفيذ الأحكام الأجنبية في مصر
بقلم: محمد عبدالناصر محامٍ ومستشار قانوني مصري – عضو نقابة المحامين المصريين –باحث في تنفيذ الأحكام الأجنبية و في تنازع القوانين

أكد الخبير القانوني محمد عبدالناصر أن مصرتسعى لتنفيذ الأحكام الأجنبية ، تقوم على أسس تشريعية واضحة وممارسات قضائية متسقة، ما يجعلها واحدة من أكثر الدول التزامًا بالقانون الدولي الخاص وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في الخارج.
وأوضح أن قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري يشترط، لتنفيذ الحكم الأجنبي، صدور أمر تنفيذ من محكمة الاستئناف المختصة، بعد التحقق من عدة شروط قانونية، أهمها:
أن يكون الحكم نهائيًا وغير قابل للطعن.
صحة إعلان الخصوم أمام المحكمة الأجنبية.
اختصاص المحكمة الأجنبية بنظر الدعوى وفقًا لقواعد الاختصاص الدولي الخاص.
عدم تعارض الحكم مع النظام العام أو الآداب العامة في مصر.
وأضاف أن المحاكم المصرية لا تعيد نظر موضوع الدعوى عند طلب تنفيذ الحكم الأجنبي، وإنما تكتفي برقابة شكلية على الحكم، وهو ما يعزز الثقة في مبدأ حجية الأحكام الأجنبية ويُسهل تنفيذها داخل مصر، لا سيما في القضايا التجارية، والمدنية ، وأحكام الأسرة مثل: النفقة، الحضانة، الرؤية، و الطلاق .
وأشار إلى أن مصر تُعد عضوًا رئيسيًا في اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام 1983، التي تضم 20 دولة عربية، وتُلزم الأطراف بتنفيذ الأحكام المدنية والتجارية وأحكام الأحوال الشخصية، دون اشتراط “المعاملة بالمثل”، مما يُوفر سرعة ومرونة قانونية في التنفيذ بين الدول العربية، ومنها: السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، البحرين، الأردن، السودان، تونس، الجزائر، العراق، وغيرها.
كما أشار إلى اتفاق التعاون القنصلي بين مصر وكندا لعام 1999، الذي ينظم النزاعات الأسرية الدولية، مثل الزيارة، الحضانة، والوصاية، ويضمن تبادل المعلومات القنصلية، في خطوة هامة لحماية الأطفال وتنظيم العلاقات الأسرية العابرة للحدود.
وأكد المحامي محمد عبدالناصر أن مبادئ اتفاقيات لاهاي، خاصة اتفاقية عام 1996 بشأن حماية الأطفال، واتفاقية عام 2019 الخاصة بالاعتراف بالأحكام الأجنبية وتنفيذها، أصبحت بمثابة مرجعية دولية موحّدة لتقريب النظم القانونية وتسهيل الاعتراف القضائي المتبادل.
ولفت أيضًا إلى وجود اتفاقية ثنائية قوية مع جمهورية إيطاليا، بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 80 لسنة 1978، بشأن الاعتراف وتنفيذ الأحكام في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية، والتي نُشرت بالجريدة الرسمية في 5 نوفمبر 1981، وما زالت تُعد واحدة من أبرز النماذج الناجحة في مجال التعاون القضائي الثنائي.
وشدّد عبدالناصر على أن ما ذُكر من اتفاقيات هو مجرد أمثلة، حيث ترتبط مصر بعدد كبير من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، سواء على المستوى العربي أو الأوروبي أو الدولي، مما يُعزز من موقعها كدولة تلتزم بأحكام القانون الدولي الخاص وتحترم مبادئ العدالة الدولية.
وفي ختام مقاله، أكد الأستاذ محمد عبدالناصر – محامٍ ومستشار قانوني مصري وعضو نقابة المحامين المصريين – أن المنظومة المصرية لتنفيذ الأحكام الأجنبية تُسهم في حماية الحقوق عبر الحدود، وتعزيز الثقة في المناخ القانوني والاستثماري في مصر، إلى جانب حفظ الحقوق الأسرية للمواطنين والمقيمين على السواء، مؤكدًا أن هذا التقدم التشريعي والقضائي يجعل من مصر بيئة قانونية جاذبة ومحترمة على المستوى الدولي في مجال تنفيذ الأحكام الصادرة من الخارج.










