
بقلم الهادي كرو
لم تكن الجريمة حرفة تمارس على العلن قبل الثورة بل كانت افعالا معزولة ترتكب في ظروف طارئة او لغاية معينة وينتهي امرها بعد وقوعها فاصبحت فعلة يقوم بها الجاني بمفرده او بمساهمة الغير وتستمر وقائعها وقتا طويلا لا يعطلها احد حتى يكثر سخط الضحايا وضجيجهم فيختفي الجاني ويفر بعد ان حقق اهدافه وبعد ان إستولى على أموال كثيرة .
لقد اصبح المواطن مهما كان شانه وجنسه وعمره مهددا بجرائم تنوعت وكثرت منها جرائم تباغت الضحية بوقوعها ولخطورة التهديد تستجيب مكرهة لما يطلبه الجاني مثل جرائم ” النطرة ” والتهديد بالسيف والسلاح الأبيض حتى يتخلى الشخص المهدد عن كل ما في حوزته من أغراض ونقود وهاتف وساعة ونظارات وحلي وغيره ومنها الجرائم التي ترنكب بواسطة الخدمات التي يعرضها المتحيل مثل السفر للحج والعمرة والسياحة وإعتمادا على ا
لعروض المغرية التي تثير غريزة الطمع والحصول على المال الوافر بطرق سهلة ودون تعب .لقد عرفت اغلب الميادين الإقتصادية والأدبية والدينية التحيل بمختلف انواعه ولم يسلم منها الإدخار والوديعة والشعائر الدينية العمرة والحج .
وخلافا لصورة المشاركة في الجريمة الواقعة على شخص آخر وهي كثيرة ومتنوعة اخطرها إدعاء الجاني انه متخصص في إستخراج الكنوز وانه على علاقة بالجن يساعدونه في عمله فتقتنع الضحية وتقع في الطعم بسبب الطمع وتخسر الأموال وتذعن لاوامره وترضى بالعمل الإجرامي الازم لإستخراج الكنز ولو كان قتل شاب قريب ويتحقق الصنيع وتحصل الخيبة ولا يكشف الامر إلا إذا إنهارت أعصاب الجاني وباح دون وعي بسر ما اقدم على فعله .
وحسب الفصل 32 من المجلة الجزائية يعد مشاركا في الجريمة بالسلب او بالإيجاب ويعاقب عليها بصفته تلك الفصل 33 بالعقاب المقرر لفاعلها ما لم تقتضي الأحوال إسعافه بتطبيق احكام الفصل 53 من المجلة الجزائية .
اما الصورة المعنية بالدراسة فهي الجريمة التي لا تتحقق إلا إذا اقدم عليها الطرف المقابل ورضي بها .ا
لرضاء بالجريمة وإقامة العدل يحدث نوع من الجرائم إشكالا قضائيا مردٌه توفر القصد الجنائي وسوء النيٌة في الجاني وفي من يرضا بالجريمة .
لقد داب فقه القضاء على إعتبار الركن القصدي وتقدير حصوله يستنتج من ظروف الواقعة وملابستها من طرف محكمة الموضوع وعلى إعتبار سوء النية وهو الركن الادبي للجريمة القصديٌة تقدره محكمة الأصل حسب إجتهادها المعلل قانونا بما له اصل ثابت باوراق القضيةإن احسن مثال يجسم هذه الظاهرة هي وقائع قضية صادمة في منتهى الغرابة لا يصدق احد وقوعها تولى إذاعتها البرنامج التلفزي ” الحقائق الأربع ” بالوصف والصورة وقد إستمرت منذ ما يزيد عن الخمس سنوات تقريبا وما زالت مستمرة لا يقدم عليها العاقل فاعلا كان او مفعولا به .
وقد افاد البرنامج انه توصل الى اقناع فتاتين بالتشكي الى النيابة العمومية وهو ما وقع بالفعل .تتعلق هذه الوقائع بالمشعوذ بلقاسم وبمن توصل إلى مواقعتهن من النساء وعددهم تسعمائة 900 فتاة وقد قام بتصويرهن لإستعمال الصور عند الحاجة بعد ان إستجلبهن عن طريق إلإشهار المنزل بصفحته بال” فيسبوك” المتعلق بقدرته ومهارته على العلاج السفلي من الجنّ العاشق وأدرج رقم هاتفه
والمؤكد ان بلقسم يعلم المراة التي تتصل به مباشرة وبصفة واضحة ولغة فصيحة ان العلاج يتم بمواقعتها وبشروط نفسية ومادية ولا يجبرها على قبولها ولا تصدر الأفعال الشريرة والتهديد الذي ينسب إليه إلا بعد ان تقبل الفتاة العلاج وشروطه وتنفذه عن طواعية .
ومن شروط العلاج الرغبة في الإغتصاب والمعاشرة و تسديد مبلغ مالي يحدده وإعاداد مكان للمعاشرة وللإتصال الجنسي وإحضار ملابس النوم والفواكه الجافة .
وأعلنت النيابة العموية في نشرة الاخبار التلفزية انه تم إلقاء القبض على ” بلقاسم ” وصدرت ضده بطاقة إيدع بالسجن .وينسب لنقابة موظفي إدارة الشرطة العدلية أّنه تّمت الإحاطة النفسية بالمتضررات في مرحلة أولى من قبل الضباط المختصين في علم النفس التابعين لجهاز الشرطة العدلية، وفي مرحلة ثانية تم تسخير أخصائيين من خارج الجهاز.سبحان مغير الأحوال لو لم تغير الشرطة طريقة العلاج والقت في السجن لاصابت لان الجن يخرج من الرحم ويغادر السجن على عجل .
أن الإستشهاد بهذه الظاهرة لا يشكل خروجا عن موضوع دراسة إصلاح القضاء لعلاقتها بموضوع قانوني بالغ الأهمية يتعلق بالقضاء ويحتاج الإصلاحمن المؤكد ان المحكمة لا يمكنها قانونا تقدير العقاب والحكم به إعتمادا على فهمها لوقائع القضية وللعناصر التي تتوفر بها الاركان العامة للجريمة .
لقد اقر التشريع قاعدة عامة تلزم المحكمة بالتقيد بنص الإحالة في كل القضايا ومنها قضية بلقاسم ولا فائدة ترجى من إرجاع الملف إلى النيابة العمومية قصد التوسع في عدد الأشخاص المحالين لإقتناعها بان بلقاسم يتحمل وحده وزر الجرائم وعليه فإن المحكمة ملزمة بتطبيق القانون ونص الإحالة او نص قانوني تستند اليها ولا يحيد عن الإتجاه الذي سلكته النيابة العمومية .
ان القاعدة التي تفيد ان المحكمة تتعهد بالافعال لا بالإحالة لا تلبي رغبة المحكمة لانها لا تسمح بتجاوز أفعال المتهم في تقدير الإدانة والعقاب عند ثبوتها .
بكل موضعية وتجرد ودون إنحياز لجهة دون اخرى فإن مدلول الرضاء بالجريمة تغير وهو امر يستدعي تعديل القانون وتمكين القضاء من تحقيق العدالة عوضا عن ضمان إقامة العدل في مواطن يضبطها القانون ويستثنيها من واجب ضمان أقامة العدل الذي يفرضه الفصل 102 من دستور 2014 وللوقوف على مدلول الرضاء يتم الرجوع الى القرار التعقيبي الجزائي عدد 29942 المؤرخ في 3 ماي 2008 وقد ورد به” ان مفهوم انعدام الرضا ينصرف إلى مستوى مادي يحمل الى العنف والتهديد وما شابه ذلك ومستوى معنوي ينصرف الى معنى الاكراه المعنويولعل ما كان في مستواه المعنوي اكثر وقعا واعظم وينتهي بالضرورة بذهاب معنى الرضاء
ان الرضاء ان يفبل الطرف راغبا لا مكرها مستحسنا لا مرغماويقول رجال الفانون الجزائي بنفس التوجه في إعتبار الرضاء في حالة الضغط النفسي والاكراه المعنوي التي تجعل المجني عليه في وضعية لا يقدر على دفعها ” والسلام