قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة

الأحساء
زهير بن جمعة الغزال
نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 28 أكتوبر 2025، شارك فيها كل من الشعراء: عبدالله الخضير، يزن عيسى، و عبدالله العنزي، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وجمهور من النقاد والشعراء ومحبي الشعر.
قدمت الأمسية سعاد شريدي، التي استهلت تقديمها بالترحيب بالحاضرين، رافعة الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على رعايته لمنابر الإبداع، وقالت: ” نلتقي في هذا المكان الذي صار منارةً للغة العربية، وواحةً للمبدعين، ومجالاً لتلاقح الفكر والجمال، حيث تُصغى النفوس للمعنى قبل النطق، ويغدو الصمتُ قبل الكلام بيانًا، كأنَّهُ يُمهِّدُ للحروف طريقَها إلى القلوب. وإذ نحتفل بالكلمة الليلة، نُعبر عن امتناننا لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة – حفظه الله –الذي جعل من الشارقةِ منارةً للثقافةِ، ومأوىً للشعراء من كلّ أرض”.
استهل الأمسية الشاعر الدكتور عبدالله الخضير، الذي افتتح قراءاته بتحية محبة صادقة وعاشقة لإمارة الشارقة، معبراً فيها عن تقديره لحاكمها الذي يفيض محبة على الشعر والثقافة، فقال:
ينادمني تمر النخيل بخاطري
ويُسهرني في موطنِ الشعر عبقرُ
ويأخذني ورد النسيم لرحلة
وفي القلب أشواقٌ إلى حيث أنظرُ
أسافر نحو الشعر في ثوبِ عاشقٍ
أسلّي به روح الحياة وأعبرُ
لشارقة الإبداع ذِكْرٌ مُؤصَّلٌ
تُصافحُ كلّ العُرْب والفضلُ يُذكَرُ
أنا ذلك الشّادي أتيتُ مُحمَّلاً
بذكرى حديث البحر والليلُ مُقمِرُ
ثم قرأ قصيدة أسماها “فرح يحدث نفسه” معبراً عن فرحه بولادة نص روحي، يسرد فيه سيرة عطرة أضاءت الكون ببهائها وذكرها ونورها، وقال:
لا أشتكي الهمَّ من وقْعِ التّراحيلِ
أطوي المسافاتِ من جيلٍ إلى جيلِ
على مداري يضيءُ العقلُ فلسفتي
وفي يقيني شكوكٌ من تآويلي
أودعتُ في البحرِ سرّاً كان يقلقُني
أفشاهُ للذّاتِ نهّامُ المواويلِ
كما ألقى أيضا نصا ثانيا بعنوان “كما تشاء الفسائل”، سافر فيه إلى الإنسان، سارداً معاناة الفلاح مع الأرض، والعامل مع الطرقات، وغيرها من هموم الحياة، في سردٍ شعري محمل باللغة الشفيفة العالية، والرمزية الأنيقة، وقال:
مِنْ سعفةِ النَّخْلِ أخفى الطِّينُ ما وَعَدَا
ثُمّ استدارَ لقلبٍ يجلبُ السَّعَدا
جاؤوا إليهِ بفلاَّحٍ وما علموا
أنَّ الصَّباحَ عَلاهُ البِشْرُ فانفردا
وما درى الطّينُ أنّ الغيبَ قاسَمَه
كَدْحَ المساكينِ والإجهادَ والجَلَدا
بعد ذلك، قرأ الشاعر يزن عيسى مجموعة من النصوص، عبرت عن هموم الشاعر وهو يجسد الغربة والمعاناة التي أتت نتيجة النأي والبعد عن الأرض وذاكرتها الراسخة في الخيال، كما عبرت نصوصه عن رؤيته للتراث الشعري، عبر افتتاحية قال فيها:
أقولُ مررتُ على السّابقينَ
ولي فكرةٌ تستحقُّ الصّدى
فلا تُهمِلوني إذا قُلتُ ورداً
أتاحَ لهُ الأمسُ بعضَ النّدى
حملتُ قشورَ اللغاتِ وصرتُ
أخالُ يدي رحبةً كالمدى
ولكنني لا أزالُ نسيماً
يُثيرُ غُبارَ الكلامِ سُدى
ثم قرأ نصاً آخر، بلغة تأملية في البيئة والموجودات حولها، محاولاً من خلال أنسنته لها استنطاقها، لتكون ذاتاً أخرى يحاورها، ومما قال:
أُطِلُّ من صورَةِ الطّينِ الذي اكتَمَلا
لم أجرَحِ الطِّفلَ فيما أنحِتُ الرَّجُلا
ما زِلتُ في أوَّلِ الأشياءِ مُرتَدياً
وجهَ الذُّهولِ وبالأشياءِ مُحتَفِلا
عندي حنينٌ غريبٌ دونَ ذاكرةٍ
ما بالُ كُلِّ مكانٍ يُشبِهُ الطَّللا
ومثلَما يرمُقُ الفنَّانُ لوحَتَهُ
لعلَّ يكشفُ في طيّاتِها خَللا
واختتم القراءات الشاعر عبدالله العنزي، الذي حلق بنصوصه في سماء التجلي، فقرأ قصائد مفعمة باللغة والصورة والخيال، جسدت معاناة الإنسان وهو يبحث عن وطن لروحه وشعره، واستهلّها بقصيدة أهداها بمحبة إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، منها:
دنا للساحلِ الشرقيِّ حتى
رأى بحرَ الخليجِ يموجُ فخرا
وأوقدَ من أناملِهِ شموعا
وكان بظلمةِ التأويلِ أدرى
سلاماً يا سليلَ المجدِ قدْرَا
ويا شيخاً سَمَا أدباً وشعرا
لسلطانَ الذي كالشمسِ يعلو
فيخترقُ المدى عزماً وفِكْرا
هبِ المعنى ارتقاءً حيث تسمو
وإلا فامنحِ التاريخَ عذرا
واختتم بقصيدة حلقت بمعانيها ولغتها إلى سماوات الجمال، مجسدا معاناة الإنسان مع الحياة، فقال:
لأنك كالهزائم؛ لا تُعَدُّ
نهضتَ ولم يكنْ للوقتِ حدُّ
رأيتَ من الحياةِ، رأيتَ حتى
تلاشى منكَ ما لا يُسْتَرَدُّ
وكم كان انتظارُكَ دونَ معنى
لأيدٍ قد تُمَدُّ، فلا تُمَدُّ
تحاولُ خَلْقَ فلسفةٍ تُوارِي الـ
هزيمةَ، والهزيمةُ تَسْتَبِدُّ
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي المشاركين في الأمسية.











